أحمد سعد الدين الرقابة على المصنفات الفنية، مشكلة المبدعين الدائمة خلال السنوات الطويلة الماضية، وأخيراً تولى رئاسة الرقابة المخرج أحمد عواض والذى وجهت له العديد من الانتقادات بسبب فيلم «أسرار عائلية» الذى أثار ضجة كبيرة خلال الأيام الماضية بسبب المحظورات الرقابية عليه. عواض فضل الصمت التام لفترة طويلة، ربما حتى تهدأ العاصفة، لكنه تحدث أخيرا إلى «الأهرام العربى» موضحا الكثير من الحقائق فى هذا الحوار.. أنت متهم بالوقوف ضد حرية الإبداع؟ هذا الاتهام غير صحيح بالمرة، فأنا قبل أى شىء مهنتى الأساسة الإخراج، والمخرج هو الوحيد الذى يعرف معنى حرية الإبداع، وقد عانيت كثيراً فى السنوات الماضية من سطوة الرقابة على أفلامى، فهل ستتغير قناعاتى بين ليلة وضحاها بهذا الشكل وأقف ضد الإبداع ؟ المنطق يقول غير ذلك، ثم إن الدليل الآخر هو إعطاء الرقابة لتصاريح عرض بعض الأفلام التى تحمل أفكارا جريئة مثل فيلم « فرش وغطا»، فالذى يشاهد هذا الفيلم سيعرف تماماً أن الرقابة مع حرية الفكر، أضف إلى ذلك أفلام العيد التى انتقدها البعض وقالوا كيف تصرح الرقابة بعرض هذه الأفلام، فلماذا أسمع الآن هذا الكلام ؟ إذن لماذا ترفض التصريح بعرض فيلم «أسرار عائلية» ؟ ليس بينى وبين المخرج هانى فوزى أى أزمات أو مشاكل شخصية، ولا توجد تصفية حسابات كما يدعى البعض، الموضوع أن السيناريو أخذ تصريحا بالتصوير قبل أن آتى إلى الرقابة، وبعد تصوير الفيلم وجدنا اختلافاً كبيراً بين الورق وبين الصورة، فتشكلت لجنة لمشاهدة الفيلم وأبدت ثلاث عشرة ملاحظة رقابية، وأنا هنا دقيق فى اختيار الكلمات، حيث إنها ملاحظات وليست مشاهد حتى يكون القارئ على علم بما يحدث، وطلبنا من المخرج تخفيف حدة بعض المشاهد التى تظهر بفجاجة على الشاشة، فمثلا هناك مشهد لبطل الفيلم يبصق فى كأس الليمون ثلاث مرات قبل أن يقدمه للمدرس، فطلبنا أن تكون مرة واحدة وليست ثلاث، فالمعنى الذى يريده المخرج قد وصل بالفعل، فلماذا نضع الجمهور فى حالة اشمئزاز ويمكن القياس على ذلك لبعض المشاهد الأخرى، بالإضافة لحذف بعض الألفاظ الفجة التى تجرح أسماع المشاهدين لعدم توافقها مع الذوق العام، كل ذلك ونحن بعيدون تماماً عن موضوع الفيلم الذى كان من الممكن أن يتم رفضه فى عصور سابقة على خلفية أن الفكرة نفسها لا تتماشى مع المجتمعات العربية، لكن نحن كسينمائيين نعرف المعنى الحقيقى للحرية ونقف فى صف حرية الإبداع، لذلك ندافع عن الموضوع، لكن علينا مراعاة عادات وتقاليد المجتمع الذى لا يقبل الألفاظ الخارجة، خصوصا أن بعض العائلات قد تذهب لمشاهدة الفيلم . كيف كان رد فعل صناع الفيلم ؟ بمجرد وجود هذه الملاحظات الرقابية، فوجئت بحملة شعواء فى جميع الصحف تتهمنى بأننى ضد الفيلم وضد المبدعين، وأننى أصفى حسابات مع صناعه، برغم أننى التزمت الصمت تماماً احتراماً للزميل "هانى فوزى"، ومع ذلك لم تتوقف الحملة، بل تمادت وطالت أعمالى وعقدت مقارنات كثيرة بين أفلامى وبين أفلام السيناريست هانى فوزى، برغم أن الموضوع بعيد كل البعد عن ذلك، ثم فوجئت بالمخرج يرفض تعديل الملاحظات الرقابية ويطلب رفع شكوى للجنة التظلمات، وحتى الآن لم يرد علينا فى أى شىء، وأرى أن هذه الملاحظات هى أقل القليل الذى يواجه هذا الفيلم وأتحدى من يقرأ التقرير ويشاهد الفيلم أن يجد أكثر من هذه الملاحظات بكثير . لكن الفيلم يشارك حالياً فى مهرجان دبى؟ مشاركة الفيلم فى مهرجانات خارجية أمر يخص الشركة المنتجة، لكن أنا أتحدث عن العرض التجارى فى مصر هذا ما يهمنى، لذلك أقول أنا فى انتظار رد مخرج الفيلم على ملاحظات الرقابة حتى يحصل على التصريح بالعرض العام، لأن حملات الضغط التى مورست علينا لم تأت بنتيجة، أنا أنفذ القانون وأعمل بروح القانون فى الأمور التى تحتاج ذلك أما أن يفرض علينا طريق معين فهذا مرفوض تماماً . بعيداً عن أسرار عائلية كيف سمحت بعرض فيلم "الخروج" الممنوع منذ عامين ؟ فيلم "الخروج" تم رفضه من قِبل الرقابة منذ أكثر من عامين نظراً لحساسية موضوعه الذى يناقش قصة حب بين فتاة مسيحية وشاب مسلم، لكن أخيراً تقدم منتجه بطلب لإعادة مشاهدته والحصول على تصريح بالعرض التجارى، وبالفعل تمت مشاهدته بحضور مخرج ومنتج الفيلم وأبدينا بعض الملاحظات حتى نجيز عرضه بما لا يتعارض مع سياق الفيلم وبالفعل نفذها المخرج فحصل على التصريح وانتهى الأمر، وهذا يرد على بعض المتشككين فى أننى ضد حرية الإبداع فكيف أصرح لفيلم تم رفضه على مدار عامين ثم أكون ضد الإبداع . ما المحاذير الرقابية التى تفرضها ؟ من وجهة نظرى أرى أن كلمة محاذير لا وجود لها الآن بعد ثورتين كبيرتين، فالسياسة لم تعد محظورة كما كانت من قبل، وأى مؤلف يستطيع الآن أن يتناول فى عمله الحياة السياسية مهما كانت الفكرة جريئة، لكن هناك بعض المعايير لابد أن نضعها فى الاعتبار بمعنى ألا يحتوى الفيلم على ألفاظ بذيئة أو سباب بفجاجة فأنا ضد ذلك، أما على المستوى الفنى فأقول إننى كجهاز رقابة لست جهة تقييم فنى، بمعنى أننى لن أمنع فيلم لمجرد أنه دون المستوى، لأن السينما العالمية بها جميع الأفلام سواء درجة أولى أم ثانية أم ثالثة والمتابع للسينما الأمريكية يجد أن هناك أفلاما رائعة وأخرى لا هدف لها.