الآن.. تستطيع جماهير الكرة فى أنحاء القارة الإفريقية، أن تتفاخر بوجود هذا العدد الكبير من أبناء القارة فى الدوريات الأوروبية، بل صاروا من العناصر الأساسية فى أقوى أنديتها، ومنهم من حفر اسمه بين الكبار، سواء فى المهارة والتأثير لدى الجماهير أم فى القيمة التسويقية، حتى صاروا ملايين من الدولارات تجرى على قدمين. محمد صلاح وساديو مانى ونابى كيتا فى ليفربول الإنجليزي، وحكيم زياش فى أياكس الهولندي، ومهدى بن عطية فى يوفنتوس الإيطالي، وأشرف حكيمى فى بروسيا دورتموند الألماني، وإريك بايلى فى مانشيستر يونايتد الإنجليزي، وتوماس بارتى فى أتليتكو مدريد الإسباني، ورياض محرز فى مانشيستر سيتى الإنجليزي، وغيرهم الكثير والكثير. لا داعى لذكر بلدان هؤلاء النجوم، فكلهم من مواليد القارة السمراء، التى مثلما تجود بالثروات الطبيعية فهى أيضا عامرة بالثروات البشرية لكن ليس هؤلاء فقط هم الأبرز فى تاريخ كرة القدم، ويمكن القول - مثلا - إنهم الأكثر حظا، لأنهم وجدوا فى زمن صار فيه العالم أضيق مما نتصور، بسبب التطور التكنولوجي، فقد ساعد وجود مواقع التواصل الاجتماعى والمواقع الإخبارية والقنوات الفضائية، على زيادة حجم شعبيتهم ونجوميتهم، وتواصلهم مع محبيهم بصورة سريعة ومباشرة هذا بالإضافة إلى تطور كرة القدم نفسها احترافيا وخططيا. هناك العديد من نجوم القارة السمراء، ممن سبقوا هؤلاء إلى عالم الشهرة، ونجحوا فى فرض أنفسهم على الأندية الأوروبية، ومنهم أيضا من ترك إنجازات لا تنسى على مستوى القارة الإفريقية والقائمة طويلة. لذلك وفى حين يستعد عشاق الكرة فى أنحاء العالم، لمتابعة منافسات بطولة كأس الأمم الإفريقية، فى نسختها الثانية والثلاثين، واحتفالا بإقامة البطولة فى مصر، (21 يونيو – 19 يوليو)، نلقى الضوء على بعض “أساطير” كرة القدم فى إفريقيا، ممن كان لهم دور بارز عبر تاريخ البطولة نفسها، سواء بحصد الكأس أم بنيل لقب شخصي، ولم يسعنا رصد كل “الأساطير”، لأن ذلك يحتاج إلى مئات المجلدات، وليس مجلة واحدة. فى سطور قليلة، حاولت أقلام كتّاب هذا العدد، إبراز روح شخصية كل منهم، والوصول إلى مفتاح النجاح، وإذا كانت العزيمة والإصرار هما السر فى أغلب هذه النجاحات، إلا أن هناك ظروفا قاسية ومواقف إنسانية ومصادفات، قادت أصحابها إلى سلم المجد، ولإضافة روح جديدة على فكرة العدد، تم رسم “بورتريهات” لهؤلاء الأساطير، بريشة فنان شاب وهو إسلام زكي. وفى 4 مناسبات سابقة استضافت مصر كأس الأمم الإفريقية أعوام 1959، 1974، 1986، 2006، لكن هذه النسخة تختلف عن باقى نسخ البطولة منذ انطلاق نسختها الأولى عام 1957، كونها تقام لأول مرة فى تاريخها بمشاركة 24 منتخبا وفى فصل الصيف لتتماشى مع البطولات الكبرى. وفى ظروف قاسية قبلت مصر التحدي، وتقدمت لاستضافة البطولة، بعد أزمات حول اختيار البلد المضيف، حتى استقر الأمر على قيام بلدين اثنين فقط بالتقدم بملفين لاستضافة الحدث، هما مصر وجنوب إفريقيا، وقدم الاتحاد المصرى لكرة القدم الملف بعد أن حصل على الضوء الأخضر من القيادة السياسية، وفازت مصر بشرف التنظيم ب15 صوتا، مقابل صوتا واحدا لملف جنوب إفريقيا. كان ضروريا أن تتكاتف كل القوى لاستضافة البطولة، تزامنا مع تولى مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي، وتوفير كل عناصر إنجاح هذا الحدث الرياضى المهم وخروجها بصورة مشرفة، لكن بعيدا عن هذه الحسابات، فالكرة خلقت لإمتاع الجماهير، لذا فإن عودة الجماهير إلى المدرجات أحد أهم مكتسبات الحدث، لكن تقع على هؤلاء الجماهير مسئولية كبرى، للخروج بالبطولة إلى بر الأمان. يخطئ من يطالب جماهير الكرة بالجلوس على مقاعدهم ومتابعة المباريات فى صمت، لأن متعة التشجيع فى المدرجات لا تحلو إلا بالانفعال والتفاعل مع كل هجمة أو “لعبة حلوة”، ولا تحلو كذلك إلا بالهتافات مع فريقهم وضد الفريق المنافس، لكن الأهم هو عدم الانسياق وراء راغبى التخريب وإثارة الشغب، والتنافس فى المدرجات لا يعنى سب جماهير المنافس، لأنهم أولا وأخيرا أشقاء.