تمتلك مصر كل المقومات لانطلاق صناعة مراكز البيانات، وأن تصبح من اقوى الوجهات الجاذبة للاستثمار فى هذه الصناعة بالشرق الأوسط وافريقيا، وعلى رأسها توافر الطاقة والانترنت حيث إنها ثانى أكبر دولة بالعالم فى مرور الكابلات البحرية، بالاضافة إلى توافر الكوادر البشرية المؤهلة، والعمل على تهيئة البيئة التشريعية. و تعلق مصر آمالا كبيرة على هذه الصناعة لتكون القاطرة التكنولوجية الحقيقية لدفع عمليات التنمية وايجاد مصدر غير تقليدى لزيادة الايرادات ودفع خطط التنمية، فى ظل الفرص التى يمتلكها السوق المصري، وبدأت الشركات المحلية التوسع فى اختراق هذه الصناعة والاستثمار فيها بقوة. يقول عمرو فاروق، رئيس مؤتمر صناعة مراكز البيانات العملاقة، وأحد الخبراء فى هذه الصناعة، أن التطور فى هذا المجال غير من خريطة الاقتصاد فى العالم خلال السنوات العشر الماضية، حيث كانت قائمة أكبر 10 شركات فى العالم فى 2008 تضم شركتين فقط لتكنولوجيا المعلومات، وفى عام 2018 ضمت القائمة 8 شركات تكنولوجيا معلومات وخدمات مراكز بيانات ، بما يؤكد أن المستقبل لهذه الصناعة وأنها أزاحت الصناعة التقليدية إلى الوراء. وأضاف أن جنوب افريقيا تتوقع 6 مليارات دولار عائدات من مراكز البيانات عام 2020، كما تتوقع كينيا عائدات بنحو 3 مليارات دولار، بما يعنى أن مراكز البيانات أصبحت محور اهتمام الكثير من البلدان لتنمية ودعم اقتصاداتها. وأشار إلى أن مصر لديها مقومات عديدة لانطلاق هذه الصناعة، والتى تقوم على 4 مقومات رئيسية، وهى :أولا أنها كثيفة الاستخدام للطاقة، ومصر لديها وفورات كبيرة بعد الاستثمارات الضخمة التى شهدها هذا القطاع، وثانيا: الانترنت، ومصر تعتبر ثانى أكبر دولة فى العالم تمر بها كابلات بحرية ، وثالثا الكوادر البشرية، وهذه ميزة تتمتع بها مصر، وأخيرا البنية التشريعية، وقد قطعنا فيها شوطا كبيرا ،وأصبحت مهيأة لجذب الاستثمارات فى هذه الصناعة. وقال فاروق : إن العائد الرئيسى لأكبر شركات التكنولوجيا فى العالم كان من مراكز البيانات، فهى قاطرة التكنولوجيا الحقيقية، ولا تتطلب استثمارات ضخمة، وانما تقوم بشكل أكبر على الموارد البشرية، موضحا قدرتنا على النهوض بهذه الصناعة فى مصر. وضرب مثالا بنجاح مصر فى هذا المجال، بتجربة «تذكرتي» لبطولة الأمم الافريقية، فهى أول بطولة تدار من مراكز البيانات وأصبحت واقعا حقيقيا يعكس أهمية مراكز البيانات، حيث تم ربط جميع المشجعين بنظام واحد لإنجاح هذه التجربة. وأشار إلى أن الدولة لديها مجهودات كبيرة فى اطار التحول الرقمي، والذى ستلعب مراكز البيانات دورا حيويا فيه، مثل منظومة التموين والتأمين الصحى وغيرها من المبادرات، موضحا أن مصر بدأت تضع أقدامها على هذه الصناعة ،حيث بدأت الشركات المحلية تستثمر وبقوة فى هذه الصناعة، كما بدأت شركات أجنبية فى ضخ استثمارات وفتحت مراكز لها بمصر منذ سنوات. ويرى مدحت خليل، رئيس إحدى الشركات المصرية فى مجال تكنولوجيا المعلومات، أن مراكز البيانات تعد أحد محاور التحول الرقمى ودعم خطط الشمول المالى التى تشهدها مصر، بالاضافة إلى دورها فى توفير فرص عمل للشباب، وزيادة موارد النقد الأجنبى من الأسواق الخارجية، موضحا أنه تم ضخ 25 مليون جنيه فى انشاء المرحلة الثانية من مركز البيانات، وتم جذب نحو 50 شركة عالمية لتدير مراكز بياناتها من مصر، وهذا يعكس المزايا والفرص الواعدة التى تتمتع بها مصر فى هذه الصناعة، سواء اللغة أو الأسعار التنافسية أو الكوادر المدربة، موضحا أن هناك قطاعات جديدة مستهدفة فى الفترة الحالية مثل القطاع المالى والمصرفي، وقطاع التأمين علاوة على القطاعات القائمة فى مجالات الاتصالات والبترول والغاز. وأوضح أن نجاح مصر فى التحول لمركز إقليمى لصناعة معالجة البيانات الضخمة، فرصة ذهبية يجب أن تتضافر جميع الجهود من الجهات المعنية من أجل تحقيقه، لما سيعود على الاقتصاد المصرى من خلق فرص عمل جديدة، وتصدير خدمات مستحدثة للقارة الإفريقية، ومنطقة الخليج العربي.