وقوفهما فى طرقة محكمة بركة السبع لم يكن معناه إلا تجسيدا لنهاية حزينة لسنوات سبع من الزواج الذى أثمر عن ثلاثة أطفال أكبرهم فى الخامسة ينتظران المصير الذى ستحدده المحكمة. الزوج «محمد. ف.» عامل باليومية، الآن هو فى الخامسة والثلاثين من العمر والزوجة «شيماء. م.» ربة منزل فى الخامسة والعشرين من العمر، تزوجا منذ سبع سنوات ومضت بهما الحياة شأن بقية الخلق فيها من الأفراح والآلام والرجاء والإحباط، جاء الطفل الأول «أحمد» منذ سنوات خمس، ليجدد الأمل فى الحياة القادمة ويملأ البيت بالبهجة، بعده بعامين ولدت «هند» لتزيد فى رقعة السعادة والأب يرجو من الغد ما لم يحققه فى الأمس ولكن اليوم يمضى ثقيلا، فمع عمله كعامل بالأجرة اليومية، لا يحقق له ما يصبو إليه ومع ذلك جاء الطفل الثالث «على» منذ عام واحد. شعر «محمد» بثقل الحمل ولكنه لم يتذرع بالصبر، فكان يفجر حصيلة إحباطه فى وجه «شيماء» شأن كثير من الأزواج الذين يحملون زوجاتهم تبعات فشلهم فى الحياة، فما كان من «شيماء» إلا أن حملت رضيعها مع ما استطاعت حمله من ملابسها وجرت طفليها وراءها ولاذت ببيت أبيها. ولكن طال مكوثها فى بيت الأب، فظن الزوج أن إقامتها هناك تعنى أن مسئوليته سقطت تجاه زوجته وأولاده، ولم يكن لمثل هذا الوضع الشاذ أن يستمر، فما كان من الزوجة إلا أن استخدمت حقها القانونى فى المطالبة بنفقة لها ولأطفالها الثلاثة وكان رد فعله بالمطالبة بتسليمه الأطفال الثلاثة ليضغط على الزوجة مع أنهم فى سن الحضانة ومن حق الأم الاحتفاظ بهم وأن يلتزم الأب بنفقاتهم. والآن نحن فى الطابق الثالث فى مبنى محكمة بركة السبع بمحافظة المنوفية واليوم يبدأ بالزحام المعتاد والقضايا تتداول وتمتلئ الطرقات بالمتقاضين لأسباب يعجز عنها الحصر ومن بعيد لمح «محمد» زوجته «شيماء» قادمة من بعيد ووقفت فى الطرقة مع ذويها تنتظر دورها لتسمع رقم القضية ولكن الزوج اقترب وبدأ حوار حاد بينهما انتهى بالاشتباك بالأيدى وقبل أن ينتبه حرس المحكمة، فوجئ الجميع بالزوج ينهال على زوجته ضربا وركلا ثم إذا به يحملها ويندفع بها نحو شرفة قريبة ويلقى بها إلى الشارع لتسقط على الأرض مصابة بإصابات بالغة. المشهد كان مذهلا للجميع وها هى «شيماء» قد فقدت الوعى وراحت فى غيبوبة، حيث لم يتحمل جسدها الارتطام بالأرض وأصيبت بكسر فى الحوض وإصابات خطيرة فى الصدر والبطن ونزيف حاد وفى مستشفى بركة السبع لفظت أنفاسها فور وصولها. وقد تم القبض على المتهم بأمر من اللواء علاء سليم مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام وكان حرس المحكمة قد أمسك بالزوج الذى كان قد أصيب بحالة هياج ولكنهم سيطروا عليه وفى التحقيق قرر أنه كان يريد أن يأخذ أولاده من زوجته التى تطالبه بالإنفاق عليهما، غير أن التحريات التى أجرتها المباحث حول الواقعة أكدت أن بداية الخلافات كانت بسبب عدم إنفاقه على أسرته لمدة 4 شهور مما اضطر الزوجة لرفع قضية تطالبه فيها بالنفقة. وقد أمرت النيابة بحبس الزوج على ذمة التحقيق وصرحت بدفن جثة الزوجة وبقى الأطفال الثلاثة ينتظرون مصيرا مجهولا بعد فقد أمهم وسجن أبيهم.