نتفق أو نختلف حول القيمة الفكرية والفنية لمسرح محمد نجم لكننا لا نستطيع إلا أن نجمع على إخلاصه لفن المسرح وتفضيله له على سائر فنون الدراما الأخرى التى قد تحتاج إلى مجهود أقل وتدر عائدا أكبر..عشق محمد نجم الحالة الحية فى مواجهة الجمهور وتألق فى مقتبل شبابه على خشبة «أبو الفنون» وشارك كبار النجوم مثل عبد المنعم مدبولى وعقيلة راتب فى «مولود فى الوقت الضائع» عام 1974.. كما شارك النجمين صلاح ذو الفقار وسعيد عبد الغنى فى عرض «زوجة واحدة لا تكفى «.. بالإضافة إلى مشاركة الفنان القدير محمد صبحى له فى عرض يحمل عنوان «موزة و3 سكاكين» وبالطبع كان جوكر المسرح المصرى الأستاذ صبحى مازال فى مرحلة الانتشار وإثبات الوجود.. وعندما انطلق محمد نجم إلى عالم الشهرة وصار له طابعه المميز وجمهوره الذى يبحث عنه على الأفيش قرر أن يستثمر كل مكاسبه فى بناء مسرح يحمل اسمه ويخلد ذكراه. قرر خوض تلك المغامرة فى وقت كانت الدراما التليفزيونية تحقق نجاحا ماليا لا بأس به وكذلك سينما المقاولات بينما المسرح المصرى يعانى من تذبذب الإيرادات وكثرة التوقف وعدم الجدوى الاقتصادية لفكرة بناء المسارح.. وقرر بناء المسرح بدلا من استئجاره كما يفعل الكثيرون.. وكون فرقة متخصصة فى الكوميديا الاجتماعية الخفيفة التى تستهدف تسلية المشاهد أولا قبل البحث عن تثقيفه أو توعيته.. و هذا النوع من المسرح موجود فى كل أنحاء العالم وليس فيه ما يعيب فهو مسرح تجارى شعبى يقدم لرواده المتعة والتسلية والإضحاك وأحيانا الاستعراضات الفنية المبهرة على غرار تياترو الماجستيك للراحل العظيم على الكسار.. وفرقة إسماعيل ياسين.. بل إن مسرح الريحانى أيضا كان يفعل الشىء نفسه مع فارق وحيد هو وجود الشاعر والدراماتورج العبقرى بديع خيرى الذى رفع من القيمة الفنية للنصوص وأضاف لها العمق الأدبى.. ويحسب لمحمد نجم أنه قدم عروضا كثيرة تزيد عن 30 مسرحية من بطولته سانده فيها نجوم مثل محمد رضا وحسن مصطفى وحسن عابدين وسيد زيان وأحمد راتب وليلى علوى وميمى جمال وتيسير فهمى وسماح أنور وغيرهم ولا يمكن أن تشارك تلك الكوكبة من كبار المبدعين إلا فى أعمال تعد ناجحة على الأقل جماهيريا.. ولعل الشىء الذى لم يضعه نجمنا الراحل فى حسبانه أن الورق الجيد والنصوص ذات القيمة الأدبية والفكرية هى ما تعين على الاستمرار والبقاء لفترات أطول بدليل أن مسرح الريحانى صار معينا ضخما لكثير من النجوم بعد وفاة الريحانى مثل فؤاد المهندس وفريد شوقى وعادل خيرى واستمرت الفرقة سنوات طوال بفضل النصوص المبهرة.. ولا نقصد بالطبع أن كل أعمال محمد نجم المسرحية لم تكن جيدة على مستوى النصوص فهناك مسرحيات مميزة لكتاب كبار مثل أحمد الإبيارى ويسرى الأبيارى وهناك أعمال أخرى حملت نصوصا ضعيفة أو أعدت على عجل وتناولت قضايا اجتماعية قديمة ومكررة وبعيدة بعض الشىء عن متغيرات الواقع.. والرجل الذى أسعد الملايين بخفة ظله وحضوره المتقد وقدرته العجيبة على الارتجال وصارت الكثير من لزماته محفوظة فى ذاكرة المشاهدين مثل «شفيق يا رااااجل» و»عبد رابووو» تعرض فى آخر حياته لأزمة صحية مفاجئة نتيجة حساسيته المفرطة من كلمة نقدية لا تحمل أى قصد فى الإيذاء وأتصور أن الفنان المبدع أحمد آدم قالها فى لحظة انفعال لحظى ردا على شعوره بالتجاهل من صديق وأستاذ له هو الفنان القدير الراحل محمد نجم.. لكن الإساءة الحقيقية كانت فى نشر صورة نجم وهو يرقد فى العناية المركزة بالمستشفى ولا ندرى ما فائدة نشر صورة تحمل لحظة ضعف إنسانى لفنان كبير؟! وعلى الرغم من الشكل الظاهر للنهاية المأساوية إلا أنها فى الحقيقة بالمفهوم الدينى نهاية سعيدة إذا أخذنا فى اعتبارنا أن الأجل المحتوم قد حل فى ختام شهر الخير والبركة ونزول القرآن الكريم وبعد ليلة خير من ألف شهر.. ولعل مساهمات نجمنا الراحل فى إسعاد الملايين ورسم البسمة على وجوههم تكون فى ميزان حسناته.