يخطئ من يعتقد أن صفقة القرن التى ستعلن تفاصيلها على الأرجح خلال يونيو الحالي، صفقة أمريكية، فهذا الاعتقاد خاطئ تماما، فالصفقة وإن شكك الكثيرون فى صحتها باتت تتضح ملامحها بمرور الوقت، ولم يعد أصحابها يعتمدون على التسريبات لرصد ردود فعل الأطراف المعنية عليها. وعندما أعلنت أمريكا عن المؤتمر الاقتصادى بالبحرين لبحث تفاصيل الصفقة الاقتصادية، فهى بذلك تكون قد كشفت تماما أن تلك الصفقة ليست أمريكية وإنما هى صفقة إسرائيلية مائة فى المائة. لقد تم تقسيم الصفقة الى سلام اقتصادى وآخر سلام سياسي، ويدخل مؤتمر البحرين المرتقب تحت شعار «من السلام الى الازدهار» فى إطار ما اقترحه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو عام 2008، أى قبل 11 عاما من الآن. وطالب نيتانياهو وقتها ولم يكن بالمناسبة رئيسا للحكومة بل فى صفوف المعارضة، بضرورة فتح شهية الفلسطينيين نحو السلام السياسى بالجدوى الاقتصادية لما ستتمخض عنه الاتفاقيات، وكان يرى وقتها أن تحسين أحوال الفلسطينيين الاقتصادية فى قطاع غزة والضفة الغربية سيكون محفزا لقادتهم للانخراط فى عملية سلام دائم، مع احتفاظ إسرائيل بكامل السيطرة العسكرية على مناطق الحدود حتى الفلسطينية حتى لا تتحول الدولة الفلسطينية المرتقبة لقوة عسكرية تواجه إسرائيل فيما بعد. وبغض النظر عما ذكره ترامب سابقا بأن إسرائيل ستدفع ثمنا غاليا نتيجة الصفقة وأن الفلسطينيين سيحصلون على شيء جيد، فالصفقة إذن مشروع إسرائيلى خالص، بدليل أن الرئيس الأمريكى يكثف جهوده لانقاذ مفاوضات نيتانياهو الخاصة بتشكيل الحكومة الجديدة. وكشف ترامب هذا فى تغريدة له تمنى فيها سرعة تسوية خلافات تشكيل الحكومة الإسرائيلية من أجل استكمال الحلف بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل. ومن المؤكد أن تعثر تشكيل تلك الحكومة سيؤخر إعلان صفقة القرن الإسرائيلية التى ترعاها أمريكا وليس العكس، فالصفقة إسرائيلية قلبا وقالبا وإنما اتخذت شكلا أمريكيا فقط لترويجها فلسطينيا وعربيا وعالميا. ولعل الجميع يدرك خطورة مضمون الصفقة على الشعب الفلسطينى ودولته المرتقبة التى لن تكون دولة وإنما مجرد كيانات منفصلة عبارة عن نقاط مبعثرة فى الخريطة، فى حين ستنضم معظم مستوطنات الضفة الغربية الى الدولة الإسرائيلية، ليضيع الكيان الفلسطينى الذى يرسمه نيتانياهو وأعوانه فى اليمين الإسرائيلى ويوافق عليه ترامب وأعوانه. لمزيد من مقالات محمد أمين المصرى