طفيلي, اخراج الكورى بونج جوون هو، هو احد أهم الافلام التى عرضت فى الدورة 72 لمهرجان كان السينمائى. يبدأ الفيلم بتقديم عائلة فى كوريا الجنوبية تعانى البطالة والفقر الشديد، وهو وجه غير معروف لأغلب الجماهير. لا تجد العائلة عملا الا فى طى علب البيتزا لاحد المحال وسرعان ما تفقد حتى هذا العمل التافه. يعيشون فى بدروم تحت مستوى الارض مليء بالحشرات وليس به إلا نافذة واحدة يطلون منها فقط على قاذورات البشر. يجد الابن الشاب للأسرة عملا مدرسا للغة الانجليزية عند عائلة ثرية جدا، بعد ان زورت له اخته الشابة شهادة من جامعة اكسفورد. تصنع العائلة الفقيرة كل المؤامرات الممكنة لكى يلتحق كل افرادها بالعمل عند العائلة الثرية بدون إظهار العلاقة الاسرية فيما بينهم. يتآمرون على السائق ويتم اقتراح الاب مكانه. ويتم الادعاء بأن مديرة المنزل مصابة بالسل فتطرد هى الاخرى وتجلب الام كبديلة لها. حتى الابنة الشابة تأتى لتعمل معلمة رسم للطفل المشاغب ابن الاثرياء. وكل ذلك يقدم بأسلوب من الكوميديا السوداء التى تجعلنا نضحك من مرارة الوضع. لا احد من الاسرة الثرية يستطيع اكتشاف الرابط بينهم إلا الطفل المشاغب الذى يقول ان كل العاملين لديهم لهم نفس الرائحة الغريبة. ترحل الاسرة الثرية لقضاء إجازة، فتستغل العائلة الفقيرة الفرصة وتستمتع بكل صور الرفاهية فى المنزل الفخم فوق العادة. لا يقض مضجعهم الا عودة مديرة المنزل القديمة فى ليلة ليلاء تبدأ ولا تنتهى الا بنهاية الفيلم. تهطل الامطار ومديرة المنزل تترجى خليفتها فى العمل، الدخول للمنزل لأنها نسيت شيئا مهما لم تنتبه لتركه. يتداولون الامر سريعا ويقررون السماح للسيدة بالدخول ويختبئون جميعا ما عدا أمهم. الاخيرة تصاحب مديرة المنزل القديمة فتكتشف ان ما نسيته موجود بقبو سرى تحت المنزل. وسرعان ما تفصح لها السيدة انها تخبيء زوجها العاطل المدان فى هذا المكان وتطعمه منذ سنوات فى الخفاء لانه لا حياة آمنة له بالخارج. تهددهما الام بإبلاغ البوليس وفجأة يقع بقية افراد اسرتها من على السلم و تفتضح كذبتهم امام مديرة المنزل وزوجها المختبئ، والذى يصور افتضاح امرهم سريعا بهاتفه. تعقد الحال امام الاسرة الفقيرة التى ما إن رأت الحياة قد طابت لها حتى جاءهم عزول بل وتحول لعدو. يتصل الاثرياء بأم الاسرة الفقيرة لإخبارها بأنهم الغوا الرحلة وسيعودون للمنزل لرداءة الطقس. كان الحل الوحيد امام الفقراء هو استخدام العنف مع مديرة المنزل القديمة وزوجها وتقييدهما داخل القبو السرى. ثم كان عليهم لاحقا الاختباء تحت العفش وحبس أنفاسهم لكى لا يتم اكتشافهم من أسرة الاثرياء. فليس مسموحا ظهورهم ماعدا امهم التى اصبحت مديرة المنزل الجديدة. وقضوا ليلة صعبة مهينة بسبب ذلك. فى النهاية هربوا جميعا خارج المنزل فى الليلة المطيرة. وجدوا منزلهم القابع فى البدروم قد اصبح بحيرة، و حاول كل منهم إنقاذ ما يمكن إنقاذه من ذكرياته وأشيائه المهمة. وفى حين صحت الاسرة الغنية من النوم لتقرر تنظيم حفل عيد ميلاد ابنهم فى حديقة المنزل الفخم، صحوا هم مع فقراء المدينة على وجودهم فى ملعب رياضى وفرته لهم السلطات للحماية من الإعصار بعد النوم على أرضه. تم إبلاغ افراد الاسرة الفقيرة واحدا تلو الاخر لحضور الحفل كل بصفته، وذهبوا. اما عن الكارثة الجديدة، فقد كان رأى اب الاسرة الفقيرة عدم فتح القبو ونسيان ما حدث، لكن اجتمع اغلبهم على النزول للتفاوض مع مديرة المنزل وزوجها. عند العودة للقبو، فوجئوا بان السيدة قد قتلت من عنفهم، وزوجها اصبح ثائرا، وتخلص من قيوده وخرج بهيستيريا غضب وانتقام ليقتل كل من امامه.. موهبة المخرج عبقرية حقا لأنه تنقل بنا عبر الاساليب الفنية بكل سلاسة، من كوميديا لجريمة، لتحليل فلسفى يعكس الظلم الاجتماعى وعدم المساواة بين الطبقات بكوريا الجنوبية. اما عنوان الفيلم فهو يحيلنا الى معناه الأعمق، وهو الطفيليات. التطفل هو أحد أنواع العلاقات التكافلية بين الكائنات الحية من مختلف الأنواع، حيث يعتمد الكائن الحى، الطفيل، فى المعيشة على العائل. يتعلق الضرر والمنفعة فى العلاقات التطفلية بما يسمى التكيف البيولوجى بين الكائنات الحية. يقول لنا الفيلم ان اى مجتمع اذا لم يسمح لطفيلياته بالحياة فسيقتل عائلها كما يحدث فى عالم الكائنات الحية. والقاعدة تقول إن الضعيف له حق فى هذا الكون، حتما سيناله حتى لو لم يسمح له المجتمع بذلك. لانها ببساطة غريزة البقاء. لمزيد من مقالات د. أحمد عاطف دره