«نعم قتلتها.. ولو عاد بى الزمن لقتلتها ألف مرة».. كانت هذه الكلمات هى آخر ما سطر فى أقوال المتهم خلال جلسة التحقيقات الأخيرة التى تجريها النيابة معه حول ارتكابه واقعة قتل سيدة فى العقد الرابع من عمرها.. بعد أن عثرت قوات الشرطة على جثتها ملفوفة داخل قطعة قماش وملقاة بأرض فضاء بمنطقة زهراء المعادى. لكن لم كل هذا التشفى الذى بدا على وجه المتهم وعدم شعوره حتى بالندم على مافعله فى حق المجنى عليها؟.. روايات وأقاويل متضاربة رددها أشقاء المجنى عليها، عقب علمهم بأن سائق شقيقتهم هو مرتكب الجريمة.. وهنا كانت الروايات ما بين الحديث عن وجود خلافات بينها وبين المتهم والتى ربما تطورت إلى حدوث الواقعة.. وما بين استغلاله وجودها بمفردها داخل إحدى الشقق السكنية ومحاولته سرقتها.. ورغم وجود شراكة بينهما فى مجال المقاولات، إلا أن السبب الحقيقى كان مختلفًا تمامًا عما رددته أسرة المجنى عليها.. سببًا لا يعلمه إلا الاثنان: المتهم والقتيلة فقط.. فهما أخفياه معا لما يقرب من 3 أعوام وتحديدًا منذ بداية شراكتهما. فالفترات الطويلة التى كان يقضيها المتهم والمجنى عليها معا طوال اليوم، ما بين التنقل لمقر مكتبهما باحد العقارات تحت الإنشاء بالمعادى وما بين التحرك بسيارة المتهم.. كانت كفيلة أن تجعلهما يفكران فى الارتباط خاصة بعد انفصال المجنى عليها من زوجها، وبالفعل قرر الطرفان الزواج عرفيًا بشرط ألا يعلم أحد عن أمرهما شيئًا، خوفًا من بطش أشقائها الذين يمتلكون عددا من محال الجزارة فى منطقة السيدة زينب.. وبالفعل وافقت القتيلة على طلب المتهم ورأت أن هذا العرض فرصة لأن يراعيا مشروعاتهما واستثماراتهما معا لحين الإعلان رسميًا عن زواجهما أمام أسرتها وأشقائها.. لكن يبدو أن القدر كان يخفى لها شيئًا آخر.. شيئا لم يكن فى الحسبان.. الأمور كانت تسير بينهما على ما يرام، كلاهما يعرف دوره جيدًا فى هذه الشراكة.. لم تمنعهما خلافات العمل التى كانت تنشب بينهما من حين لآخر عن استكمال مسيرتهما.. حتى عندما تعرض «المتهم» لخسارة باحد المشروعات التى كان يديرها والتى تسببت فى حدوث خسائر للمجنى عليها، فقد نجحا معا فى أن يتجاوزا أزمتهما قبل أن تتطور.. إيمانًا منهما بأن سوق العمل قابلة للمكسب والخسارة.. لكن هناك مفاجأة اكتشفها «المتهم» ربما كانت سببًا رئيسيًا فى انتهاء هذه العلاقة إلى الأبد.. وهى أن «المجنى عليها» مازالت على علاقة بطليقها.. وهنا جن جنون المتهم رغم زواجه عرفيًا منها، وقرر أن يكتب نهاية الزوجة بطريقة بشعة لم يتخيلها أحد. ظل المتهم طويلًا محتفظًا بما يعلمه عن علاقة زوجته بطليقها الذى كان يقابلها من حين لآخر، حتى جاء اليوم الذى رأى أنه فرصة سانحة جدًا لأن ينتقم منها، خاصة عندما بدأت «المجنى عليها» تطالبه بحقها فى المشروع الذى خسره والإلحاح عليه برد المبلغ الذى أعطته له فى بداية تنفيذ المشروع.. وهنا حدد لها المتهم موعدًا لإنهاء هذا الخلاف وأوهمها برد المبلغ لها كاملًا داخل شقتها.. لكن فى هذا الوقت كان السائق ينوى الانتقام منها لوقف إلحاحها الدائم عليه، وتهديدها المستمر بإبلاغ أشقائها عن تلك العلاقة.. يوم الواقعة كانت الساعة تشير إلى السادسة مساءً عندما توجه المتهم إلى شقة المجنى عليها بعدما أبلغها هاتفيًا بأنه سيأتى لإنهاء خلافاته معها.. إلا أن فور اكتشاف المجنى عليها عدم وجود الأموال مع المتهم نهرته فقام بالتعدى عليها بالضرب وطوق يديه بقوة حول رقبتها فسقطت قتيلة على الأرض.. لم يصدق وقتها المتهم ما حدث وأصبح كل ما يدور فى ذهنه هذه اللحظة هو كيفية التخلص من جثة القتيلة.. هل يتركها فى الشقة ويرحل؟.. فربما يكتشف أمره أحد الأهالى ممن شاهدوه أسفل العقار قبل صعوده.. فقرر أن ينفذ خطته الشيطانية فى تمام الثانية بعد منتصف الليل.. حيث حمل الجثة على ظهره ووضعها فى شنطة سيارته التى كانت متوقفة أسفل عقار المجنى عليها، وألقاها فى قطعة أرض فضاء بعيدة عن المنطقة السكنية وانطلق هاربا بسيارته.. فريق البحث الذى امر به اللواء علاء سليم مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام نجح فى كشف غموض الواقع، توصل إلى أن المتهم هو آخر شخص زار المجنى عليها فى شقتها التى تعيش بها بمفردها داخل أحد العقارات السكنية بالمعادى. وتمكن اللواء محمود ابو عمرة مدير الادارة العامة للمباحث الجنائية بقطاع الأمن العام واللواء محمود السبيلى مساعد مدير الادارة العامة للمباحث الجنائية بقطاع الأمن العام من القبض على المتهم واعترف بارتكابه الواقعة.. وتمت إحالته للنيابة التى قررت حبسه على ذمة التحقيقات.