«اختر ضحاياك من الأثرياء فما أكثر الذين لا يكفون عن طلب المزيد أكثر من أولئك الفقراء الذين لا يبرحون الأحلام بثروة طائلة». كان هذا هو لسان حال واحد من أخطر النصابين الذى ينتمى إلى إحدى الدول الأفريقية ولكنه يقيم فى مصر منذ فترة طويلة داخل منزله فى المعادي. كان يبدو كأنه ساحر يمسك بيد شريكه نحو ما يرسم له ويتركه غارقا فى أحلام الثراء، ثم إن الأمر بيده وبين البائع والشارى يفتح الله. وهو يخرج شهادات معتمدة من جهات دولية لها وزنها بحرية تداول أمواله وشهادات تثبت أنها ليست بغرض غسل أموال وهو لديه طريقة لإدخالها عبر الحقيبة الدبلوماسية لكن.. آخ.. يبدو أن فى الأمر شيئا بسيطا. ورغم أنه كان مجرد موظف بسيط فى إحدى الهيئات التابعة لدولته، إلا أنه من خلال قدرته على تمثيل دور الشخص المهم بجانب خبرته فى التعامل مع الشخصيات المؤثرة فى الحقلين السياسى والدبلوماسي، استطاع خداع الكثيرين فكان يجنى أموالا طائلة من هؤلاء الذين كان يغريهم بمشاركته فى مشروعات وهمية ولكنها ليست مشروعات تجارية أو صناعية أو تنتمى إلى أى تصنيف اقتصادى تقليدي، بل لجأ إلى وسائل شبيهة بطرق النصب عبر الإنترنت باستثمار أموال مجهولة المصدر ولكن الأساليب القديمة لم تعد تجذب أحدا، فقام النصاب الإفريقى بتغيير جوهرى على هذه الوسائل، إذ أنه لم يكن خافيا عن أحد بل كان يكتفى من رسائل موقع فيسبوك بالتعارف فقط وعرض نبذة عن المشروع، ثم يظهر بشخصه ويقابل الضحية التى يختارها من رجال الأعمال والأثرياء مقابلة وجها لوجه ليشرح مشروعه والذى أتقن حبكه بأنه فى أثناء عمله فى قوة تابعة للأمم المتحدة لأنه يحمل رتبة عسكرية كبيرة فى جيش بلاده، وجد خمسة ملايين دولار فى أثناء اقتحامه أحد أوكار الإرهاب وحتى لا تستأثر الدولة التى كان بها بالمبلغ، اضطر لإخفائه وهو يريد استثماره بجانب أمواله الخاصة فى مشروعات فى داخل مصر. شكل وأسلوب وثقة وكرم السيد الموظف الكبير مع ما يبدو عليه من طيبة وتمسك بالقيم بجانب ثقافة واسعة واطلاع على كل قضايا المنطقة، كل ذلك كان له الأثر الناجز فى قبول كل ضحية له لمشاركته. ولا يلح الرجل على المبالغ التى يطلبها مما يدل على عفته، إنها فقط رسوم توريد ودخول الأموال لأن دخولها لابد وأن يتم بشكل قانونى لأنه كرجل دبلوماسى عسكرى عتيد له مركزه الدولى كجنرال فى جيش بلاده، لا يمكن أن يعمل عملا مشبوها وأن أمواله بالخارج وليس لديه ما يكفى فى مصر للمسارعة بإدخال الأموال. فيسارع شركاؤه بدفع ما يطلبه وكان كل شريك على حده، فهو يختار شركاءه فى أماكن متفرقة فى القاهرة وخارجها. واحد فقط من ضحاياه قام بتسليمه مبلغ 60 ألف دولار ولا يعرف أحد كيف خدعه بأن المبلغ نظير إدخال الأموال بطريقة مريبة عبر الحقيبة الدبلوماسية. لم يفكر احد فى هذا ولا فى تناقضه مع مبدئه بأنه يعمل فى النور والمضمون ولكن شهوة المبالغ الكبرى فى نسبة الأرباح نظير الموافقة على المشاركة ووضع الأموال باسم الضحية، كانت تعمى ضحاياه. كان بينهم من السذاجة أن صدقوا أنه بجانب ذلك، سيقوم بتوليد دولارات من أوراق سوداء!. كيف؟! لكل عملية زبائنها وهناك زبائن يصدقون الوسيلتين معا لتحقيق حلم الثراء الفاحش إنه ينتمى لمنطقة اعتاد الناس فيها تسخير الجان والأعمال السحرية. وظل النصاب الدولى يعمل فى صمت وتزداد صفحته على موقع فيس بوك بالأصدقاء الجدد، لولا بلاغ من مواطن ينتمى لدولة عربية عن تعرضه للنصب وأعطى صفات وعنوان الدبلوماسى المزيف على موقع واتساب. وطلبت مباحث الأموال العامة من الضحية الذى كان قد سلمه دفعة 20 ألف دولار من المبلغ المطلوب، مسايرته بعد أن حدد معه موعدا لمقابلته لإطلاعه على المستندات وفى الموعد والمكان المحددين أطبقت عليه المباحث لتعثر معه على بوليصة شحن منسوبة لشركة أجنبية لنقل الأموال تفيد موافقة الشركة على شحن حقيبة دبلوماسية بداخلها مبلغ 5 ملايين دولار - بوزن 76 كيلوجراما حسب المدون بالبوليصة المزورة!. عثرت أيضا المباحث معه على 10 لفافات بها الورق الذى يزعم توليد الدولارات منه بجانب الملايين الخمسة المنتظر شحنها.وتم اخطار اللواء جمال عبد البارى مساعد وزير الداخلية لقطاع الامن وأمر اللواء إبراهيم الديب مساعد وزير الداخلية مدير الإدارة العامة لمباحث الاموال العامة، بإتخاذ الإجراءات القانونية نحو المتهم وإخطار سفارة بلاده وإحالته الي النيابة للتحقيق.