كان الموعد المحدد عقب صلاة الجمعة، حيث اعتاد الشيخ سعيد الذهاب إلى حقله مع أحد أولاده، فعمله كإمام وخطيب جامع القرية، لم يغنه عن عمله كمزارع كعادة أهل الريف الذين لا يستغنون عن الأرض ولكن لم يكمل الشيخ رحلته هذه المرة، فقد قتل قبل أن يطأ أرض الحقل لكن لماذا قتلوا الشيخ سعيد؟! السؤال الذى يردده أهالى قرية المريج بمركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية عن الجريمة التى راح ضحيتها إمام وخطيب مسجد القرية صاحب الوجه السمح والسمت الطيب، فقد انهال عليه أحد أبناء قريته مع ولديه بالفئوس والشوم، بينما كان الشيخ سعيد بملابسه الأزهرية فى طريقه إلى قطعة أرض زراعية يملكها على أطراف القرية بصحبة أحد أولاده.
كانت إصابة الشيخ سعيد محمد على سالم قاتلة لفظ على أثرها أنفاسه بعد نقله إلى المستشفي، بينما أصيب ولده مصطفى الطالب بالسنة الثانية فى المرحلة الثانوية، بكسور خطيرة فى الساقين والذراعين والجمجمة. فماذا فعل الشيخ سعيد وما صلته بالقاتل الذى يدعى رمضان؟! كان الجميع يعرفون أن الشيخ القتيل لا ذنب له وأولهم القاتل نفسه وما حدث قبل جريمة القتل بعشرة أيام لم يكن يستدعى ارتكابها، فكل ما حدث مجرد مشادة بين نجلى القاتل والقتيل فى أثناء قيام الأول بنقل طوب وهى من الوقائع التى تكثر فى مجتمع القرية وسرعان ما تدخل العقلاء ليتم الصلح بينهما فى بيت العمدة وتبادل الطرفان الزيارة واحتساء الشاى فى منزليهما. نجل الشيخ سعيد المصاب في الحادث لكن هذا الصلح لم يعجب المدعو عبد الوهاب وهو أحد أبناء القاتل وهو طالب جامعى اشتهر بتطرفه وكراهيته لكل من يختلف معه حتى تحاشاه الناس، فاستشاط غضبا لما علم بأمر المشادة بين شقيق له وبين نجل الشيخ سعيد وكان رافضا لإتمام الصلح وعزم على الانتقام من الشيخ سعيد نفسه بالرغم من أن الشيخ ليس له علاقة بالأمر، بل قبل الصلح دون أن توقع الغرامة التى حكم بها المجلس العرفى وسعى لإقناع ولده بقبول اعتذار رمضان الذى صفعه فى المشادة واعتبار أنه فى حكم والده وبذلك ظن سعيد أن المشكلة قد انتهت خاصة بعد تبادل الزيارة. لكن إمام المسجد لم يكن يعلم أن الطالب المتطرف لم يهدأ طوال الفترة السابقة فهو يحمل ضغينة غامضة لكل من حوله خاصة له لأنه إمام مسجد يعمل لدى الدولة التى يمقتها الطالب وراح يحرض والده وشقيقه على ضرورة تأديب الشيخ سعيد وأولاده حتى لا يتجرؤوا عليهم. وعقب أداء صلاة الجمعة، خرج الشيخ سعيد من المسجد واصطحب ابنه الآخر لرعاية زراعته وفى الطريق وهما يسيران وسط المزارع، فوجئا بخروج رمضان وأبنائه وكأنما انشقت عنهم الزراعات من جانب الطريق وهم يحملون الفئوس والشوم وما أن شاهدوا الشيخ سعيد ونجله مصطفى حتى انهالوا عليهما ضربا، وكان من نصيب الشيخ سعيد ضربة قاتلة من الفأس شقت رأسه وأسقطته فاقدا الوعى والدماء تتفجر من رأسه وكذلك انهالوا على نجله الذى سقط فى بركة من الدم بجوار أبيه. وهرع أهل القرية إلى موقع الجريمة وقاموا بابلاغ اللواء محمود السبيلى مساعد مدير الادارة العامة للمباحث الجنائية بقطاع الامن العام وأسرعوا إلى المستشفى حاملين الرجل وولده غير أن الشيخ أسلم الروح بعد محاولات مضنية لإنقاذه بسبب خطورة حالته وإصابته بنزيف فى المخ وبقى الولد يتلقى العلاج من إصابات خطيرة وكسور فى الساقين والذراعين والرأس.وقد تم إخطار اللواء جمال عبد البارى مساعد وزير الداخلية لقطاع الامن بالحادث. وقد تمكنت أجهزة الأمن من خلال فريق البحث الذى أمر به اللواء علاء سليم مساعد وزير الداخلية لقطاع الامن العام واللواء محمود ابو عمرة مدير مباحث الوزارة من من القبض على القاتل وأحد أولاده المتهمين فى الحادث، بينما فر الابن المتطرف هاربا بعد أن ورط والده وشقيقه فى جريمة قتل إمام المسجد والشروع فى قتل ابنه.