أثارت النهاية المأساوية لرحلة الخطوط الإثيوبية 302 مطلع الأسبوع الماضى الحزن والصدمة عالميا. فقد انتهت حياة كل واحد من الضحايا ال157 بطريقة مروعة ستظل للأبد تؤرق ذويهم ومعارفهم. ويزيد الإحساس بالصدمة أننا نعيش فى زمن يُفترض فيه أن الملاحة الجوية تتمتع بأقصى درجات الأمان والسلامة. ففى كل يوم يسافر ملايين البشر جوا مطمئنين واثقين من سلامة الوصول. لماذا سقطت الطائرة بوينج 737-ماكس 8 كقالب من الطوب يهوى من ارتفاع شاهق؟! سؤال حاولت وسائل الإعلام الأمريكية الإجابة عنه باستطلاع آراء المتخصصين. ورغم أننا لن نعرف قريبا حقيقة ماجرى، فإن تلك الافتراضات ترجح وجود مشكلة فى هذا الطراز من الطائرات. ففى أكتوبر الماضي، وقع حادث مماثل لطائرة إندونيسية من الطراز نفسه. ففى الحالتين كانت الأحوال الجوية مواتية، وفى الحالتين أبلغ الطيار عن مشكلات فور الإقلاع طالبا العودة للمطار، لكن الطائرة سقطت قبل أن يتمكن من ذلك. بوينج شركة عريقة مقرها شيكاغو بأمريكا، تتقاسم سوق صناعة الطائرات (100مليار دولار) مع منافستها أيرباص الأوروبية ومقرها تولوز بفرنسا. فى 2014، قدمت أيرباص أحدث موديلاتها إيه320نيو، وتتميز بمحركات أكثر فاعلية فى استهلاك الوقود عن سابقتها. وللحاق بمنافستها، قررت بوينج تطوير طائرتها 737 التى ظهر أول طراز منها 1967، فكانت 737 -ماكس 8 التى بدأت رحلاتها قبل عامين، ويوجد منها 350 طائرة عاملة. وبكثير من التبسيط، نقلا عن تقرير مطول لصحيفة نيويورك تايمز الشهر الماضي، فإن التطوير جاء فى صورة محرك أكبر حجما وأكثر قوة، مثبت على جناح الطائرة فى موضع يختلف قليلا عن موضعه فى الموديلات السابقة. وزُودت الطائرة بنظام تحكم آلى للسيطرة على المحرك. وقد يحدث أن تصعد مقدمة الطائرة لأعلى بزاوية تتعارض مع اتجاه الرياح. فى هذه الحالة بدلا من أن ينساب تيار الهواء فوق جناح الطائرة، وهو ما يسمح لها بالصعود لأعلى والاستمرار فى التحليق، يتصادم التيار الهوائى مع أسفل الجناح. هنا تتوقف الطائرة فتسقط فورا. سلامة الطائرة عند حدوث ذلك قد تتوقف على القرار الذى يجب أن يتخذه الطيار فى أقل من ثانية، وهو على الأرجح إيقاف نظام التحكم الآلي. لكن أحدا، بمن فيهم المتخصصون الذين أدلوا بدلوهم، لم يستطع الجزم بما إذا كان الطيار قد حاول ذلك بالفعل ولم يستجب المحرك أم لا. والخلاصة المبدئية أن على بوينج أن تعيد النظر فى تصميم هذه الطائرة. وعلى هامش التكهنات، نشر موقع مجلة ذى أتلانتك الإلكترونى تقريرا حول رد الفعل الأولى للحادث فى الإعلام الغربي. أشار التقرير مثلا إلى بث لقناة تليفزيونية تركية ظهرت فيه المذيعة البريطانية ماريا راموس لتستعرض تاريخ الخطوط الجوية الإثيوبية الحافل بالكوارث، وهو ادعاء فنده ونفاه خبير بريطانى فى شئون الطيران. وعلى تويتر أثار مراسل فايناشيال تايمز فى شرق إفريقيا، فى تغريدة رُفعت بعد نشرها، تساؤلات حول التوسع السريع للخطوط الجوية الإثيوبية منذ عام 2010، بما يوحى بأن التقصير يقع على الشركة. وعلى نحو انتقائى أبرزت واشنطن بوست الخبر بعنوان يقول «ثمانية أمريكيين بين ضحايا الحادث». واهتمت «سى إن إن» و»بى بى سي» بتسليط الضوء على ضحايا أمريكا وبريطانيا، رغم أن غالبية الضحايا أفارقة. خلص التقرير إلى أن كبريات وسائل الإعلام الغربية فشلت فى تغطية الحادث ككارثة إفريقية، وعجزت عن إبداء التعاطف مع الضحايا الأفارقة. وبحسب المجلة فإن هذا التناول العنصرى ليس مستغربا.