هل أسهمت الدراما فى بعض الأحيان فى أن تثير التعاطف مع القتلة والإرهابيين؟ وهل قام الفن بجناية –غير مقصودة- فى حق المجتمع.. النظرة المتأملة للمسرح العربى والعالمى تؤكد وجود هذا التأثير السلبى فالأمير ماكبث وزوجته الليدى ماكبث قاما فى المسرحية التراجيدية الشهيرة بعملية اغتيال مدبرة ومقصودة وعاقبهما شكسبير بعذاب الضمير والشعور بالذنب ورؤية ماكبث للدماء على يديه مهما حاول غسلهما.. وصحيح أننا لا نتعاطف مع القتلة فى ماكبث لكننا نتعاطف مع الأمير الطيب البريء هاملت وهو يأخذ ثأر أبيه من عمه بناء على تأكيد الشبح له ونتعاطف ايضا مع العاشق الرومانسى الرقيق روميو وهو يقتل قريب حبيبته فى مبارزة تؤكد شجاعته وفروسيته والمبارزات وبحيرات الدم لا تنضب فى المسرحيات اليونانية القديمة.. وحتى الهة أولمب تتقاتل وتسفك الدماء لتؤكد قوتها وهيبتها.. وعلى مستوى المسرح العربى كتب ألفريد فرج مسرحية سليمان الحلبى الرجل الذى اغتال المحتل الأجنبى كليبر.. وكذلك الأبطال الشعبيون على الزيبق وادهم الشرقاوى ودليلة المحتالة وزينب النصابة وبعضهم شخصيات متخيلة والبعض الآخر عاش على أرض الواقع وقام بسرقة الأغنياء وتوزيع ثرواتهم على الفقراء وهكذا اكتسب تعاطفا مع الجريمة.. وعلى الناحية الأخرى قدم المسرح المصرى نماذج قليلة نسبيا تدين الإرهاب وتعرضه بصورته البشعة لعل من أبرزها مسرحية الجنزير التى اقتسم بطولتها الراحل عبدالمنعم مدبولى مع خالد النبوى ووائل نور وكتبها محمد سلماوى وتعرضت لنفسية الإرهابى الذى تم غسل عقله وزرع الأفكار المسمومة بداخله ومن العروض الحديثة جبل الحلال المأخوذ عن أحداث حقيقية لاحتماء مجموعات من الإرهابيين بهذا الجبل ومحاولة اقامة حياة بدائية عليه.. وربما من أروع الصور التى تعرضت سخرية لأفكار الإرهابيين لوحة «لو عايز تدخل الجنة» من عرض سلم نفسك لأبناء الدفعة الثالثة من مركز الإبداع الفنى وهى لوحة وأغنية من تأليف أمجد الحجار وإخراج المبدع خالد جلال.. أما السينما فبحكم أهمية عناصر الحركة والإثارة وإمكانية تقديم المعارك ومشاهد العنف بصورة أفضل بالإضافة لجاذبية هذا النوع من الأفلام فقد تبنت السينما العالمية فكرة القاتل الذى يمثل الخير ويقضى على الأشرار وصنعت شخصيات عديدة من أبرزها جيمس بوند الذى تنحاز له وهو يتخلص من أعداء الإنسانية ويقر العدل والخير عن طريق الرصاص.. وهناك نمط آخر لا يقل جاذبية هو القاتل البريء أو المدفوع للجريمة بحكم الظروف مثل سلطان فى فيلم جعلونى مجرما والذى يقول جملته الشهيرة «سلطان خلاص مسك المسدس واتعلم ازاى يدوس على الزناد» ومرورا بتيتو القاتل الرقيق الذى يحاول التوبة ولا يفلح فيها وانتهاء بمجموعة افلام البلطجة الحديثة لعبده موتة والأسطورة وغيرهما.. ولا ننسى أن البطل إبراهيم حمدى أو عمر الشريف فى فيلم «فى بيتنا رجل» هو فى الأساس ارهابى قاتل ولكنه يسعى لعمل بطولى وهو تحرير الوطن بالسلاح من الاستعمار واعوانه.. وتكررت مثل هذه النماذج كثيرا.. ومؤخرا بدأ الوعى لتقديم افلام تندد بظاهرة الإرهاب والعنف مثل الإرهابى تأليف لينين الرملى وطيور الظلام تأليف وحيد حامد بالإضافة لمسلسلات تليفزيونية عديدة منها العائلة والوهم والسلاح والجماعة بجزأيها.. ولعل على كتاب الدراما فى المرحلة الحالية مسئولية كبيرة فى تقديم الأبطال الحقيقيين من الشهداء والضحايا وليس من القتلة والمجرمين.