«يعقوب الشارونى» أحد رواد أدب الطفل فى مصر والعالم العربي، إذا تحدثت معه ستدرك فورا أنه يحمل بداخله روح طفل صغير، وربما يكون هذا هو سر قدرته العظيمة فى التواصل مع الأطفال، والتسلل إلى عالمهم الخاص، والتأثير عليهم بكتاباته. كيف تطورت كتب الأطفال بين الماضى والحاضر؟ قبل ربع قرن كانت كتب الأطفال لا تقدم إلا قصصا بسيطة، أو صورا متفرقة لأشياء يجدها الطفل حوله، أما الآن فإن أكثر من نصف الكتب المقدمة لسن ما قبل المدرسة أصبحت تتناول ما يمكن أن نسميه «كتب المعلومات» التى تسهم فى تنمية القدرات العقلية للطفل من خلال ما تقدمه من معلومات، فى تنوع مدهش وبأساليب حديثة لكى تساعد الطفل، حتى الذى لا يقرأ، على التعرف والبحث والمقارنة والاستنتاج. كيف نستطيع تشكيل الوجدان الوطنى للطفل العربى عن طريق الثقافة والأدب؟ بناء الإنسان العربى يبدأ ببناء الطفل، وبغير الإعداد الواعى الشامل لثقافته، وبغير توجيه طاقات المجتمع كله نحو الاهتمام بهذه القضية، لن تتمكن الأمة من مواجهة التحديات الهائلة التى يفرضها واقع العالم اليوم بنجاح، فيجب تنمية إحساس الطفل بالمسئولية الاجتماعية والقومية، وإعداده لكى يصبح عضوا نافعا فى المجتمع. ما الأهداف التى يجب أن تسعى إليها كتب الأطفال؟ الحرص الشديد على خصائص الشخصية العربية الأصيلة، وتقوية شعور الطفل بالانتماء إلى وطن عربى واحد، وترسيخ ثقافته التاريخية القومية وغرس روح الاعتزاز بأمته العربية، ودورها التاريخى فى الحفاظ على القيم الإنسانية، وإسهامها فى تقدم الحضارة العالمية، وكذلك تنمية وتقوية إحساس الطفل بالمسئولية نحو المجتمع الذى يعيش فيه، وتأكيد حقيقة كونه عضوا فى مجتمع كامل، والشعور بقيمة العمل الجماعى والتعاون بدلا من الأنانية وتمجيد البطولة الفردية. ومن المهم العمل على تنمية طاقات الأطفال الخلاقة، ليصبحوا قادرين على تطوير مجتمعاتهم، لذلك نريد أن ندفع أطفالنا إلى البحث عن المعلومات والاستقصاء، بدلا من تقديم المعلومات جاهزة، ولابد أن نوفر لهم كل إمكانات البحث والتجريب والرحلات والزيارات العلمية والفنية، وكل إمكانيات المعرفة والإطلاع، حتى يتوصلوا إلى نتائج جديدة وحلول مبتكرة للأزمات والمعوقات. ومن أهم الأهداف أيضا تعليمهم ثقافة الحوار والمشاركة واحترام رأى الآخرين، وأن نبحث عن الأرضية المشتركة بيننا وبين الآخرين. ما أهمية الرسوم للطفل فى جميع مراحله العمرية؟ تظل الصورة هى البطل الحقيقى لكتب الأطفال، لاعتمادها على الرسوم البسيطة الملونة الواضحة، والتى تقوم بدور أساسى فى جذب اهتمام الطفل وتنمية تذوقه الفني، فالكلمة المكتوبة تستدعى بعض الجهد لقراءتها وفهمها، بينما تُفهم الصورة بسهولة لأنها تخاطب بصر الطفل وعقله وخياله، فالفنون ليست مجرد عنصر من عناصر إخراج الكتاب، بل هى مادة حية لها قيمتها الجمالية والثقافية الكبيرة، وقد تتفوق على المادة المكتوبة فى بعض الأحيان. وعبر مسيرة الإنسانية ظلت الرسوم أداة مهمة للتعبير، لذلك يعلق علماء التربية الأهمية القصوى على دور الصورة فى تكوين وتثقيف الطفل، وفى الوقت الذى تنمو فيه وسائل الاتصال البصرية، يجب أن ينال الطفل الفرصة ليزداد إحساسه تجاه أشكال الرسم والصور. هل توجد شروط أو مواصفات معينة يجب توافرها فيمن يتخصص فى رسوم الأطفال؟ إن الفنان الذى يرسم كتب الأطفال لابد أن يفكر بنفس أسلوبهم، لذلك فإننا نجد كثيرا أن كتب الأطفال التى تفوز بجوائز عالمية يرسمها هم أنفسهم من كتبوا نص القصة، لأنهم نجحوا فى وضع الكلمة فى خدمة الصورة وليس العكس. هل اختلفت طريقة مخاطبة الأطفال قديما عن الآن؟ فى حديث مع الناشر «فرانسو فيدال» الذى يُعد كتابه «القط سامبولا» أجرأ قفزة خطتها مكتبة الطفل للمستقبل، يقول: لأول مرة سيجد الطفل بين يديه قصة، كل موقف فيها مُعاد بالرسم ثلاث مرات، وكل مرة بريشة فنان مختلف، فعندما وجدت نفسى فى مكان المسئولية أردت أن أرجع إلى قرائى أنفسهم، وهم الأطفال وأسألهم ما يريدون، وخرجت فى النهاية بنتيجة واحدة، وهى أنهم ضاقوا من سذاجة الكتب التى نطلق عليها كتب أطفال، فمعظم الأطفال قالوا لي: «نحن لا نريد أن تحددوا لنا خيالنا» وكان الطلب غريبا، فمعنى ذلك أن أطبع كتبا صفحاتها بيضاء وأترك لخيال الطفل رسم ما يشاء، ولكننى توصلت أخيرا إلى كتابى هذا، والذى قدمت من خلاله قصة مرسومة بأكثر من أسلوب، وكل طفل يستخلص بخياله ما يراه، والصورة القريبة إلى نفسه. قوبلت الفكرة بالسخرية فى البداية، ولكن الآن كل العالم يتجه إلى تنفيذها. ما الأهم.. الموضوع أم الصورة فى كتب الأطفال؟ لاشك أن الموضوع هو الذى يحدد الرسوم، فأهم هدف من رسوم كتب الأطفال هو توضيح موضوع الكتاب، لذلك فلابد لرسام كتب الأطفال أن يتعرف جيدا على نص الكتاب، وهذه قاعدة تنطبق بوضوح على الكتب التى يتشارك فيها النص المقروء مع الرسوم، فكلا العنصرين يتكاملان لتوصيل المعنى المراد للطفل.