قد تكون كثرة المشكلات التى تعترى حياتنا سببا فى إيجاد بيئة من الغم والهم والكآبة فتسبب ضيقا أكثر فى مواصلة الحياة والتغلب على مثل تلك المشكلات، التي ليس لها حواجز وحدود، فكلنا إنسان لا يعرف إلا أنه إنسان يحس ويشعر بمشكلات الآخرين وإن كان لا يملك حلها. المشكلات لا تنتهى أبدا والسبب انهيار منظومة الأخلاق فى المجتمعات عامة، فقد صدق شاعرنا المصري العربي أحمد شوقي عندما قال: "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت .... فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا". وقد لخص لي هذه المشكلة قارئ مثقف فى كلمة لا تتعدى ثلاثة حروف هي كلمة "عيب" أرسلها لى على الواتس تجيب على أسباب ما توصلنا إليه من حالة متردية تقول إن كلمة عيب كانت قائدة ورائدة في زمن الآباء والأجداد، حكمت العلاقات بالذوق ووضعت حجر الأساس لأصول التربية السليمة. تلك الكلمة التي عرفناها من أفواه الأمهات والآباء، وتقبلناها بحب وتعلمنا أنها ما قيلت إلا لتعديل سلوكنا فاعتبرناها مدرسة مختزلة في أحرف. و(عيب) أكاديمية تخرّجت فيها زوجات صابرات، صنعن مجتمعات الذوق والاحترام، وتخرج منها رجال بمعنى الكلمة كانوا قادة في الشهامة والرجولة، أبجدياتها جامعة بحد ذاتها، وحروفها المجانية بألف دورة مدفوعة التكاليف، بحروفها قدَّر الصغير الكبير، واحترم الجار جاره، وتداولنا صلة الأرحام بمحبة وشوق. كان الأب يقف ويقول عيب: عمك، خالك، جارك، سَلِّم، سامح، حروفها نطق بها آباؤنا ليعلمونا تعاليم الدين وإقامة أركان الإسلام وتأدية الفرائض. كان يقال للبنت: (عيب) لا ترفعي صوتك، عيب لا تلبسي كذا، فتربت البنات على الحشمة والستر والأدب، وتربى الشباب على غض البصر وتربى الصغار على عيب لا تنقلوا سر الجار والدار. (عيب) كانت منبراً وخطبةً يرددها الأهالي بثقافتهم الدينية البسيطة، لم يكونوا خطباء ولا دعاة أو مُفتيين، وإنما هي كلمتهم لإحياء فضيلة وذم رذيلة. فنشأ جيل جديد لم نفلح في غرس كلمة "عيب" ولا شقيقتها الكبرى "حرام" في التفاهم مع سلوكياته أو مع التطوير والتزوير المستمر في العصر والمفاهيم والقيم حتى ماتت كلمة عيب وانتهت من قاموس التربية. "إنا لله و إنا إليه راجعون" فى العزيزة (عيب) ولكل الأجداد والآباء الذين استطاعوا أن يجدوا كلمة واحدة يبنوا بها أجيالاً تعرف الأدب والتقدير والاحترام في الوقت الذي أخفقت محاولاتنا بكل أبجديات التربية المتطورة". وهنا انتهت رسالته وقد أجابت على ما وصلت إليه حالتنا العربية! [email protected] لمزيد من مقالات سعاد طنطاوى