وزيرة الهجرة: مصر والمملكة المتحدة تربطهما علاقات تاريخية وثيقة    وزير الإسكان يصطحب نائب رئيس غينيا بالبرج الأيقوني ويستعرض جهود إنشاء العاصمة الإدارية    حزب الله يعلن مقتل أحد عناصره متأثرًا بإصابته قبل أيام    أبرزهم راقصي السامبا.. مواعيد مباريات اليوم الأربعاء    أول صور لمخيمات حجاج قرعة الحج السياحي بمنى وعرفات قبل تصعيد الحجاج    ما هي المادة 384 التي طلب استخدامها قاضي عصام صاصا حال عدم حضوره؟    حبس ربة منزل بتهمة ترويج المواد المخدرة في روض الفرج    البروفات النهائية للمخرج مازن الغرباوي قبل مشاركته بعرض "انتحار معلن" في مهرجان آرانيا الدولي للمسرح    البورصة: مؤشر الشريعة الإسلامية يضم 33 شركة بقطاعات مختلفة    بروتوكول بين بنك مصر وصندوق التنمية الحضرية لمنح قروض تمويل عقاري لمشروعات تطوير عواصم المحافظات    المصري الديمقراطي: تنسيقية شباب الأحزاب استطاعت تأهيل عدد كبير من الشباب للعمل السياسي    صحة غزة تحذر من توقف محطة الأكسجين الوحيدة في القطاع    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل"قصواء الخلالي": موقف الرئيس السيسي تاريخي    الاستخبارات الداخلية الألمانية ترصد تزايدا في عدد المنتمين لليمين المتطرف    القوات المسلحة تهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك    أيمن يونس يكشف كواليس عقوبة زامورا عليه بسبب لاعب الأهلي    "لا أفوت أي مباراة".. تريزيجية يكشف حقيقة مفاوضات الأهلي    تدريب وبناء قدرات.. تفاصيل بروتوكول تعاون بين مركز التدريب الإقليمي للري والمعهد العالي للهندسة بالعبور    عاشور يشارك في اجتماع وزراء التعليم لدول البريكس بروسيا    التعليم تكشف تفاصيل مهمة بشأن مصروفات العام الدراسي المقبل    فيديو| إجراءات تفتيش طالبات بالثانوية العامة في السويس قبل انطلاق امتحان الاقتصاد    الداخلية: ضبط 562 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    توريد 228 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة    عزيز الشافعي: أغاني الهضبة سبب من أسباب نجاحي و"الطعامة" تحد جديد    في ذكرى ميلاد شرارة الكوميديا.. محطات في حياة محمد عوض الفنية والأسرية    عصام السيد يروي ل"الشاهد" كواليس مسيرة المثقفين ب"القباقيب" ضد الإخوان    سوسن بدر: المصريون نتاج الثقافات والحضارات الوافدة لمصر وصنعنا بها تاريخ    بيان الأولوية بين شعيرة الأضحية والعقيقة    5 نصائح من «الصحة» لتقوية مناعة الطلاب خلال فترة امتحانات الثانوية العامة    الصحة: إجراء 2.3 مليون عملية بقوائم الانتظار بتكلفة 17 مليار جنيه    جواو فيليكس: مستعدون لليورو والهزيمة أمام كرواتيا أعادتنا للمسار الصحيح    شبانة: حسام حسن عليه تقديم خطة عمله إلى اتحاد الكرة    «أوقاف شمال سيناء» تقيم نموذج محاكاه لتعليم الأطفال مناسك الحج    كومباني يحدد أول صفقاته في بايرن    وزيرة الهجرة تستقبل سفير الاتحاد الأوروبي لدى مصر لبحث التعاون في ملف التدريب من أجل التوظيف    حماية العيون من أضرار أشعة الشمس: الضرورة والوقاية    «التضامن الاجتماعي» توافق على قيد جمعيتين بالشرقية    عفو رئاسي عن بعض المحكوم عليهم بمناسبة عيد الأضحى    محافظ الغربية يتابع مشروعات الرصف والتطوير الجارية ببسيون    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح العام الأولي لشركة «ألف للتعليم القابضة» بقيمة 515 مليون دولار في سوق أبو ظبي للأوراق المالية    أفضل أدعية يوم عرفة.. تغفر ذنوب عامين    عضو لجنة الرقابة الشرعية: فنادق الشركات المقدمة للخمور تنضم لمؤشر الشريعة بشرط    يونيسف: نحو 3 آلاف طفل في غزة معرضون لخطر الموت    الأرصاد تكشف عن طقس أول أيام عيد الأضحي المبارك    توقيع بروتوكول تعاون ثنائي بين هيئة الرعاية الصحية ومجموعة معامل خاصة في مجالات تطوير المعامل الطبية    "مقام إبراهيم"... آيةٌ بينة ومُصَلًّى للطائفين والعاكفين والركع السجود    تفاصيل مشاجرة شقيق كهربا مع رضا البحراوي    وزير الدفاع الألماني يعتزم إعادة نظام تسجيل المؤهلين للخدمة العسكرية    بطل ولاد رزق 3.. ماذا قال أحمد عز عن الأفلام المتنافسة معه في موسم عيد الأضحى؟    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك    وزير الصحة: تقديم كافة سبل الدعم إلى غينيا للتصدي لالتهاب الكبد الفيروسي C    استشهاد 6 فلسطينيين برصاص إسرائيلي في جنين بالضفة الغربية    «اشتغل وخلاص».. رسالة خاصة من حازم إمام ل حسام حسن    اتحاد الكرة يحسم مشاركة محمد صلاح في أولمبياد باريس 2024    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    خلال 3 أشهر.. إجراء عاجل ينتظر المنصات التي تعمل بدون ترخيص    برلماني: مطالب الرئيس ال4 بمؤتمر غزة وضعت العالم أمام مسؤولياته    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الميزان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصداء السيرة في الأدب الشعبي

يشير د‏.‏ ابراهيم عوض استاذ الادب بجامعة عين شمس إلي نموذج السيرة التي ابدعها المسيحي نصري سهلب لبناني نصراني تولي عدة مناصب إدارية وسفارية مهمة لبلاده‏,‏ وتوفي منذ خمس سنوات تاركا وراءه عدة مؤلفات جد قيمة منها: في خطي محمد وفي خطي علي وفي خطي المسيح ولقاء المسيحية والإسلام والإسلام, كما عرفته, دين الرحمة والسلام... إلخ. وكان كتابه: في خطي محمد قد وقع لي في بداية سبعينات القرن
ويستكمل د. إبراهيم عوض حواره مسلطا وسلطا الضوء علي نموذج المسيحي نصري سهلب في مجموعة كتبه في خطي محمد وفي خطي علي وفي خطي المسيح الماضي, فوجدت الرجل لا يؤلف كلمات وجملا كما يصنع سائر الكتاب, بل ينتقي أجمل الورود وينسق منها باقات لا أروع منها ولا أبدع, ثم لا يكتفي بهذا بل يرش عليها مزيدا من العطر, فإذا بك, وأنت تطالع الكتاب, تشعر وكأنك في جنة وارفة الظلال يهب عليك الشذي الفواح أني يممت وجهك, فتسحرك القراءة وتدهش من أين للرجل بكل هذا الحب والتبجيل والافتتان بالنبي محمد رغم نصرانيته وتمسكه بهذه النصرانية.
والواقع أنني, رغم قراءتي من السير النبوية الكثير للمسلمين وغير المسلمين من عرب وغير عرب بلغة الضاد وغيرها, لا أذكر أني طالعت كتابا في السيرة ينضح بكل هذا العطر والجمال. وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فقد رأيت ذات يوم صورة للرجل في إحدي المجلات, فألفيته وسيما أنيقا يشع وجهه جمالا ورضا, فقلت: سبحان الله! إن مثل تلك السيرة المحمدية الجميلة لا يمكن أن تصدر إلا عن صاحب هذا الوجه المطمئن الوسيم.
لقد ندب الرجل نفسه في هذا الكتاب للدفاع عن الإسلام ونبيه وكتابه وتاريخه وإنجازاته الحضارية بقلم يفيض محبة ونبلا, واقتناعا تاما بنبوة سيدنا محمد, وانبهارا بعظمة الدين الذي أتي به.
وأخيرا لعله من المفيد أن أنقل هنا الكلمة النبيلة التي صدر بها الأستاذ سهلب كتابه البديع. قال: هذا الكتاب أردته شمعة تضيء هيكل المحبة والقلوب. فنورها, ولو شحيحا, خير من الظلام. عزائي, يوم أغيب, أني في هيكل المحبة والقلوب تركت أثرا.
كذلك يشير ابراهيم عوض الي كتاب نظمي لوقا محمد الرسالة والرسول مشير إلي مقدمته التي جاء فيها من يغلق عينيه دون النور يغير عينيه ولا يغير النور ومن يغلق عقله وضميره دون الحق يضير عقله وضميره ولا يضير الحق. فالنور منفعة للرائي لا للمصباح والحق منفعة واحسان إلي المهتدي به لا إلي الهادي إليه.
ويقول د. عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقة المقارن بجامعة الأزهر ليست سيرة المصطفي صلي الله عليه وسلم مجرد سرد تاريخي, وأحداث عاشها صاحب هذه السيرة العطرة, بل هي منهج حياة وسلوك ومباديء وأخلاق يجب علي المسلمين ترسمها, واستلهام العبر منها, بحسبان أن الله تعالي أمر بذلك, إذ قال الحق سبحانه: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ولذا فما تحويه هذه السيرة من مواقف لرسول الله صلي الله عليه وسلم, هي هدي نبوي لمن يريد اتباع سبيل المصطفي صلي الله عليه وسلم, ولذا فقد حفلت سيرته صلي الله عليه وسلم بآداب وأخلاق, مثلا ينبغي لمن يتناول سيرته صلي الله عليه وسلم أن يبرزها للناس, ليتأسوا بها, ولعل من نماذج هذه السيرة, منهجه في معاملة زوجاته وأهل بيته, وعدم التفرقة بينهن في الأمور الحسية من النفقة أو القسم أو نحو ذلك, والقيام علي أمرهن, ومنهجه في تربية أولاده وأحفاده علي الحب وتحمل المسئولية, وألا يطعمون إلا طيبا, وأن يجتهدوا في العبادة, وألا يتكلوا علي أنه أبوهم أو جدهم, وسلوكه مع خدمه ومواليه, وعدم إيذائه لهم بالقول أو الفعل, ومعاملته لأصحابه وتأديبه لهم, وصبره علي فظاظة بعضهم معه, ومداعبته الصغار ورحمته بهم, وحنوه عليهم وممازحة أصحابه, وملاطفته لهم, وتفقده أحوال المسلمين, وعدم صد أحد له إليه حاجة, ورحمته بالضعفاء, ورفقه بذوي الحاجات, ونصرته المظلومين, وصفحه عمن أساء إليه, وعدم جنوحه في معاملة أعداء الاسلام والمسلمين إلي القتال أو استخدام القوة, وصبره علي الأذي ولأنواء الحياة, وعدم الركون إلي الراحة والدعة اكتفاء بتكليف غيره القيام بالأعباء نيابة عنه, ومنهجه في عدم التميز علي أحد من المسلمين بميزة, وحرصه علي أن يكون كسائرهم, وأن يحيا كما يحيا الفقراء والمساكين, وعدم إيثار نفسه أو أحد من أهله علي أحد من المسلمين, وسلوكه حينما يشتد الأمر وتضطرب الأمور من حوله, وتخلقه بالعفو والصفح ومكارم الأخلاق, واستشعار أن مكانته من ربه لن تدخله الجنة بمجردها, بل باجتهاده إلي الله في العبادة, ومنهجه في أكله وشربه ونومه وعاداته, وفي تنظيم حياته وأوقاته, ومسلكه مع المسلمين, وغيرهم في السلم والحرب, وحرصه علي مشاورة أصحابه في كل أمر عام يهم المسلمين, واحترامه لما يشير به أهله عليه, وحرصه علي سماع كلام الغير ورأيه وتقبله, وعدم التعصب لرأيه أو فكرته, ونصحه لمن هو في حاجة إلي النصح, وإفساح المجال للأحمق والجاهل, وغيرهما بالحديث إليه, وعدم تفريقه بين الناس علي أساس المعتقد أو الفكر أو الثروة أو القبيلة أو الطبقة الاجتماعية أو نحوها, فضلا عن تخلقه بالصدق والأمانة والفطنة والحذر والكياسة, والإحسان إلي الغير, ومقابلة الخلق السيئ بالخلق الحسن, إلي غير ذلك من الخصال والخلال الحميدة التي تسفر عنها سيرته العطرة, والتي لا يسع أحد إلا أن يترسمها وينهجها, ولذا فإنه ينبغي علي من يتناول هذه السيرة أن يبرز هذه الصفات التي كان يتحلي بها رسول الله صلي الله عليه وسلم, والجوانب السلوكية والأخلاقية من حياته, ليسير عليها المسلمون ويتأسوا بها, فيفلحوا, باعتبار أن الأنبياء والرسل إنما أرسلهم الله تعالي ليقتدي بسلوكهم وفعالهم من بعثوا فيهم أو أرسلوا إليهم.
ويقول د. حلمي القاعود... ولعل التراث الشعبي كان موقفه من السيرة النبوية أكثر إيجابية وعاطفية من حيث التعبير عن مشاعر الحب والإجلال للسيرة النبوية وصاحبها عليه الصلاة والسلام, وقد رأينا المنشدين في حلقات الذكر, وفي الاحتفالات بالمولد النبوي, وفي المناسبات الاجتماعية, يعبرون عن مشاعرهم وأشواقهم, خاصة في مناسبات الحج والعمرة وزيارة المدينة المنورة, فيمدحون النبي صلي الله عليه وسلم ثم يحكي المنشد أو المطرب الشعبي أو ما يسمي الصييت من خلال مديحه قصة المولد النبوي منذ البشارة بحمله صلي الله عليه وسلم ووفاة والده ووضعه وتربيته وانعكاسات الميلاد علي الكون والناس وهزيمة أصحاب الفيل, وغير ذلك من أحداث ومواقف حتي مجيء الوحي وإبلاغ الرسالة وموقف قريش والمعاناة والهجرة والغزوات وحجة الوداع وانتصار الإسلام, وهذه المدائح تجد إقبالا عظيما من الجمهور خاصة في احتفالات المولد النبوي التي تقام سنويا ويحتشد لها المجتمع بكل طوائفه, وكانت تحدث إلي عهد قريب حيث كان يتم تسيير موكب كبير يضم أصحاب الحرف المختلفة والمهن المتعددة, ويتقدمه رموز الطرق الصوفية, وبعض المسئولين ويقف الجمهور علي الجانبين متفرجا, وفي المساء يقام سرادق كبير لإنشاد السيرة والاستماع إليها وتشجيع المنشد وبطانته.
ويساعد علي ذلك لغة التشويق التي يلجأ إليها المنشد أو الراوي التي تجعل الجمهور يتعاطف مع النبي صلي الله عليه وسلم ويصب غضبه وحنقه علي ما يفعله المشركون ويقومون به من عداء للدعوة ومقاومة لها.
ويضيف د. بهاء حسب الله أستاذ الأدب العربي بجامعة حلوان.. وكذلك نجد صدي عظيما لسيرة المصطفي في السير الشعبية والأدب الشعبي, وخاصة في تاريخنا الأدبي الوسيط, في العصور الإسلامية الثلاثة.. العصر الفاطمي والأيوبي والمملوكي, وقد جاءت سيرة النبي متناغمة مع سير أخري لأنبياء الله مثل سيرة موسي وسيرة الخليل ومعظمها لأدباء مصريين غير مشهورين أمثال يوسف بن إسماعيل وعبد القدوس اللخمي والصناهجي وقد دارت معظم هذه السير حول ميلاد الرسول أو بقية الأنبياء, وما ارتبط بها من خوارق ومعجزات, وكانت السير تكتب نثرا, وتتخللها أشعار باسم المولد النبوي وكانت هذه السير تلقي عادة في الاحتفال بذكري مولد الرسول صلي الله عليه وسلم وكانت تلقي كذلك سيرا ترتبط بالأحداث الخاصة المتعلقة بحياة الرسول مثل الإسراء والمعراج والمهم هنا أن نثبت أن سير الرسول, التي ظهرت علي الساحة الأدبية منذ العصر الفاطمي, وتحديدا في منتصف القرن الرابع الهجري, تركت آثارا عالمية, وبدا ذلك في تأثر دانتي بمثل هذه السير في( الكوميديا الإلهية), وللعلم فإن كثيرا من هذه السير لا يزال مخطوطا ومحفوظا في دار الكتب المصرية, وفي حاجة لمن يحققها.
وفي العصر الحديث نجد أن سيرة الرسول انتشرت بين السير الشعبية المعاصرة, ومنها سيرة الأبنودي ومستجاب وغيرهما. والخلاصة أن موضوع( السيرة النبوية) يمكن أن يدرس من زوايا عديدة, منها زاوية أنه فن توثيقي خالد ورائع وشيق وجذاب وله خصوصيته الشديدة التي تجعله فنا مختلفا من فنون النثر العربي القديم والمعاصر, ومنها أنها لون من ألوان الإبداع التاريخي الثري بومضات من حياة الرسول صلي الله عليه وسلم منذ مولده وطبيعة الحياة من قبله ومن بعده ودوره ورسالته فيها, ومنها دراسة( السيرة) كفن درامي بعيد الأثر, شديد التميز, وخاصة بعدما كتبه المبدعون أمثال العقاد وطه حسين ومحمد حسين هيكل, وهم من هم في كتابة الأدب والدراما المعاصرة.
كما يجب أن ينظر إلي فن السيرة من زوايا أخري, كزوايا النظر إلي الكتب التي دارت حول السيرة من طرف مواز مثل كتب الفقه وكتب علوم الحديث وكتب الطبقات وكتب السير الخاصة بالصحابة والتابعين, وهنا ستتسع دوائر النظر إلي( السيرة النبوية) من أكثر من زاوية تثري الموضوع, وتدفع به إلي القاريء مشفوعا بمعلومات لا أول لها من آخر عن السيرة كتاريخ وفن ودراما وصياغة رائعة... والله الموفق والمستعان.
ويضيف الشاعر السكندري جابر بسيوني لافتا إلي أن السيرة النبوية في الأدب الشعبي نصيبا كبيرا من تبني السيرة النبوية عرضا وكتابة سواء في النثر أو الشعر وقد تضافر ذلك أيضا بقيام المنشدين بالتعبير عن السيرة النبوية خاصة شاعر الربابة قديما الذي كان يجوب الحواري والشوارع في المدن والقري والنجوع لينشد علي الربابة السيرة النبوية المستمدة من التعبير بالأدب الشعبي نثرا وشعرا وقد لاقي هذا نجاحا كبيرا نظرا لتراسل الفنون القولية واللحنية في التعبير من السيرة النبوية التي تشكل العقيدة في داخل كل منا وأيضا محبتنا إلي سماع سيرة سيد الخلق سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وترديدها غناء وشعرا ولم نزل حتي اليوم نحظي بذلك..
وتقول د. ذكاء الأنصاري باحثة تراث شعبي أن السيرة النبوية الشعبية جزء من حياة الشعوب الاسلامية وبصفة خاصة في مصر. حيث يقوم بأدائها أحد الرواة الشعبيين في الموالد والمناسبات الدينية المختلفة فهي تعكس وجهة نظر المجتمع الشعبي والتراث الاسلامي فقد تستغرق مساحات كبيرة من التاريخ الانساني والخيال الشعبي لما تحوي من غيبيات تعتمد علي الرمز والتمثيل. فالتراث الاسلامي تأثر علي مدي التاريخ بالإبداع الشعبي والفكري فقد استخدمت سير الأنبياء والمرسلين وأخيار الأمم السالفة.
السيرة الشعبية النبوية تبدأ بصلاة علي الرسول صلي الله عليه وسلم ثم ذكر البطولات والأمم السالفة وصراعاتهم وقبيلته ونسبه وغيرها من البطولات والخوارق.. ثم تذكر نسبه ووالدته ثم تمهد لمولده وتذكر عند ولاته فحين حملت آمنة بنت وهب في الرسول صلي الله عليه وسلم فقالوا اذا وقع علي الأرض عن ولادته فقوللي أعيذه بالواحد الأحد من شر ما يجد ثم سميه محمد ورأت حين حملت أنه خرج منها نور رأت به قصور بصري من أرض الشام سيرة بن هشام وعند مولده اختصم الطير والوحوش كل منهم يريد أن يكفله ولكنها ردت لأن رضاع سيد الأمة سيكون لحليمة السعدية كذلك الجن والإنس والحيوان تباشرت بمولده وأن الشجر أورق والروض ازدهي لمقدمه والسماء دنت من الأرض حين مس جسده الأرض فالسيرة الجزء الكبير منها لون من ألوان الخيال والسيرة الشعبية تستوحي باستقلال ما جاء في السيرة المدونة من معجزات سواء أثناء إقامته عند حليمة السعدية مرضعة الرسول صلي الله عليه وسلم, ثم رحلاته مع عمه عبد المطلب حتي زواجه من السيدة خديجة بنت خويلد وهبوط الوحي عليه ثم ذكر الإسراء والمعراج, وصراع قريش معه ومن معه من المؤمنين ولكن السيرة أغفلت ذكر غزوات الرسول صلي الله عليه وسلم وهو الجزء التاريخي ولكن السيرة اهتمت بالجزء المعجز من حياة الرسول صلي الله عليه وسلم قبل نزول الوحي. وتذكر السيرة نزول الوحي ومن هنا تبدأ السيرة. وتفسح المجال للتاريخ فتحكي وقائع الصراع بين الرسول صلي الله عليه وسلم ومن تعرضه من قريش وبين الجانب الآخر من قريش الذي ناصبه العداء مما روي من أخيارهم مثل الصراع بين سيد الخلق وركانه فصارع الرسول فغلبه ومازال علي كفره فقال له الرسول صلي الله عليه وسلم ألم تكتف بأركانه بهذه المعجزة فقال له أدعو لك الشجرة فنادي عليها فوقفت الشجرة بين يدي رسول الله ثم قال لها إرجعي مكانك ففعلت.
ذهب ركانه لقومه ينادي يا بني عبد مناف ساحر فوالله ما رأيت أسحر منه قط هكذا نجد السيرة النبوية تذكر المعجزات التي تميزه عن بقية قومه, فكلما كبر توالت المعجزات حتي أن أهل الكتاب ينصحون عمه أبو طالب بإخفاء أمره عن اليهود حتي لا يتعرض لأذي حيث أن أخباره في التوراة ذكرت أنه سوف تحدث معجزات كونية لم تحدث من قبل. ومن المعجزات التي ذكرتها السيرة قصة الحية التي كانت تسكن في الكعبة وتمنع الناس من الاقتراب للبئر وذات يوم تزحف الحية علي جدار الكعبة كعادتها فإذا بطائر ببعثه الله فيختطفها وذهب بها فقال لقد أراد الله ما أردنا هكذا قصص الأنبياء تحتل المقام الأول في السيرة الشعبية حيث تروي الحياة المستقبلية والماضية وتتضخم الأحداث بحيث يصبح التميز بين الواقع والخيال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.