تأثر الأدب والسينما العالمية بالأساطير والحكايات المصرية التى تركها أجدادنا المصريون القدماء فى العديد من البرديات المحفوظة فى أغلب متاحف العالم، وكان «والت ديزني» أحدهم فى فيلمه البديع «الملك الأسد» والشخصية الشهيرة «سيمبا» التى انبهر بها أطفال العالم الذين شاهدوا الفيلم، وبيع منه أكثر من أربعين مليون نسخة حتى عام 2005. و«سيمبا» فى فيلم ديزنى هو «الشبل» ابن الملك الأسد، وهو المقابل ل«حورس» وكما قتل «ست» شقيقه «أوزير»، فإنّ شقيق الملك الأسد «سكار» وعم سيمبا قتل شقيقه، وهنا جاء التطابق بين الأسطورة المصرية وفيلم «الملك الأسد» الذى حرص مُنتجوه على إخفاء المصدر المصرى رغم أنّ ديزنى كما ذكرتْ د. مرفت عبد الناصر- قد استغل فى هذا الفيلم نفس الرموز التى امتلأت بها الميثولوجيا المصرية، والتى أخذها المصرى القديم من عالم الحيوان ليرمز بها إلى ما تعجز الكلمة عن نقله، خاصة عندما يكون العمل الفنى موجهًا للأطفال كما فعل ديزنى. ونقلتْ د.مرفت ما كتبه العالم الكبير «مايكل رايس» فى كتابه «الإرث المصري» أنّ: الأسطورة المصرية تمتلك قدرة هائلة على ترجمة أكثر المفاهيم تعقيدًا ورُقيًا عن طريق صور قد تبدو للعين السطحية بسيطة وحتى بدائية، وتلك البساطة المُصوَّرة أى المُتجسّدة هى التى حققتْ للحضارة المصرية إنسانيتها وبقاءها رغم الأزمنة المُتعاقبة. واقتبس ديزنى شخصية إله الحكمة والمعرفة والكتابة «تحوت» من الأسطورة المصرية، وصنع منها شخصية «فيكى»، فقد لعب نفس الدور الذى لعبه «تحوت» فى الأسطورة المصرية حيث صوّره ديزنى على شكل القرد «البابون»، وهو نفس الرمز الذى أعطاه كُتَّاب الأساطير المصرية للإله «تحوت»، وهو القرد الذى كتب عنه عالم النفس «يونج» أنه «الحكيم العجوز»، والأكثر دلالة -كما ذكرتْ د.مرفت- أنّ عالم النفس الشهير سيجموند فرويد وضع تمثالا للإله «تحوت» على شكل القرد «البابون» بجانب سريره، كى يستبشر به كل صباح . وفى تفسيرها لدور «تحوت» الذى أخذ رمز القرد «البابون» فى الميثولوجيا المصرية، كتبت د.مرفت: ولم يكن «البابون» رمزًا اعتباطيًا بأى حال من الأحوال، بل إنه رمز يدل على دقة ملاحظة المصرى القديم الذى أدرك أنّ هذا «البابون» يُصدر صوتًا خاصًا مع أول خيوط الشمس، وكأنه يُناديها للشروق. و«فيكى» فى فيلم «الملك الأسد» لديزنى هو الحكيم الذى يستشيره «سيمبا» فى أمور كثيرة، ويأخذ دائمًا بنصائحه وإرشاده، وهو الذى يبعث فيه الأمل فى استعادة الغابة الفاضلة. وعن الفارق بين فيلم ديزنى والمسرحية المأخوذة عن ذات الأسطورة المصرية، فإنّ مخرجة العمل المسرحى حرصتْ على إعطاء أهمية خاصة لشخصية نسائية وهو ما تجاهله ديزنى رغم أهمية هذا البُعد النسائى الحيوى، إذْ إن المخرجة المسرحية غيّرتْ شخصية «فيكى» الحكيم إلى «أنثى»؛ لوعيها أنّ هذا التغير سوف يُحقق التوازى مع الأسطورة المصرية، حيث ارتبطت الآلهة «ماعت» ارتباطًا وثيقًا بشخص «تحوت»، ومراعاة أن «ماعت» كانت سيدة الحكمة والعدل والتناغم. وفى آخر مشهد من مشاهد فيلم ديزنى كان «سيمبا» يبكى ويقول ل «فيكى»، الذى هو «تحوت» فى الأسطورة المصرية: لقد مات أبى، فماذا أفعل؟. فقال له «فيكى»: من قال لك إنه قد مات؟ إنه يحيا فيك. وذلك مثلما ذهب حورس إلى أبيه «أوزير»، ومنحه عينه، وقال له: انهض، انهض يا أوزيريس، أنا ولدك حورس، جئتُ أعيد إليك الحياة. وعند ديزنى قال الحكيم فيكى لابن الملك: «من قال لك إنه مات؟ إنه يحيا فيك». الجدير بالذكر أن فيلم «الملك الأسد» واحد من عشرات الأفلام الأوروبية المأخوذة مادتها من البرديات المصرية.