نستطيع ببساطة، اذا خلصت النوايا، الاستشهاد بهذه الواقعة لإلقاء الضوء على طبيعة الحرب المتواصلة منذ ما يقرب من نصف قرن على الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، واعتقد أنه يصعب أن نجد حاكما على مر الزمان قد تعرض لمثل هذه الحرب الضروس التى لا يزال أعداء المشروع الناصرى من الخارج يواصلونها ويردد صداها بقوة مذهلة كورس فى الداخل، واضح وضوح الشمس موزع على الجماعات المتأسلمة من جهة والتنظيمات الممولة من الخارج من جهة ثانية.. ورغم مرور سنوات عديدة فلن أنسى مقالات دبجها عديدون بعد رحيل الزعيم تهاجم كل ما أنجزته ثورة يوليو ومن بينها مقال أذهلنى يقول باختصار ان بناء السد العالى بمثابة كارثة لمصر حيث أدى انقطاع الطمى فى مياه البحر الأبيض المتوسط، إلى حرماننا من السردين.!. ومن نافلة القول أن السد العالى أنقذ مصر من الغرق ايام الفيضان كما أنقذها من الموت عطشا خلال سنوات الجفاف التى اجتاحت افريقيا، وكانت تعليقات وسائل الإعلام الفرنسية التى كنت أتابعها فى اثناء عملى فى باريس تتفق على حقيقة أن السد العالى هو الذى حمى مصر من الجفاف الذى كانت تعانى منه الدول الافريقية المتشاطئة للنيل، بينما لا اثر لأى معاناة فى مصر، دولة المصب... ووصف المعلقون السد العالى بأنه من أعظم المشروعات الانسانية وأعظم مشروع فى القرن العشرين.. وقياسا على هذا المثال، انهال اعداء كل توجهات ثورة يوليو فى التحرر الوطنى وتحقيق اكبر قدر ممكن من العدالة الاجتماعية، ومجانية التعليم والرعاية الصحية وازدهار الفنون بمختلف انواعها مما شكل قوة مصر الناعمة والتى حققت لها مكانة رفيعة فى كل انحاء الوطن العربى وحتى على الصعيد الدولي, وانبروا يدافعون عن الحقبة الملكية والاحتلال البريطانى بحجج من نوع ، السردين، فيسوقون وقائع مثل قيمة الجنيه مقارنة بالدولار وكأن الغلاء كان من نصيب مصر وحدها وليس العالم بأسره... والغريب أن يتعامى هؤلاء عن حالة البؤس التى كان غارقا فيها نحو 90% من المصريين، وكيف ان هذه النسبة الهائلة التى انصفتها ثورة يوليو بقيادة جمال عبد الناصر، هى التى لا تزال تحيى ذكرى رحيله كما انها ترفع صوره فى كل مناسبة وطنية وأقربها، ثورتا 25يناير و30 يونيو. ويلاحظ المتابع لتصاعد وتيرة الحرب الشعواء على يوليو وقائدها أنه لا أحد من أعدائها الذين يتهمون عبد الناصر بالدكتاتورية يقدم تفسيرا لظاهرة رفع هذه الصور بعد ما يقرب من نصف قرن من الرحيل، كذلك يتشدق البعض دون ان يرمش له جفن, بأن نزول الملايين الى الشارع ليس فى مصر وحدها، بل فى كل انحاء الوطن العربي، تعلن بأعلى صوت تمسكها بعبد الناصر، كان بتعليمات من الاتحاد الاشتراكى وكأنهم يستكثرون على هذا الشعب قدرته على هزيمة الهزيمة، مع أنه أعلن لعبد الناصر صراحة: إحنا الشعب أصحاب الحق لأول مرة نقول لك لأ. ويلوذ هؤلاء بالخرس التام عندما تسألهم، وهل الاتحاد الاشتراكى هو من جعل الملايين، فى أكبر جنازة فى التاريخ، حتى يومنا هذا، تبكى بحرقة بدل الدموع دما؟ ولذا لا استغرب ان تكون هذه الفصائل المعادية لمصر تصف ثورة يونيو التى أنقذت الوطن من مخطط التفتيت والتشرذم بالانقلاب!! وكذلك يتستر عداؤهم للجيش بالهجوم على يوليو، على اساس ان قائدها عسكري، وهو اسقاط مفضوح على قيادة الرئيس السيسي، الذى استدعته عشرات الملايين لإخراج مصر من النفق المظلم الذى كانوا يسعون الى ابقائها بداخله.. عاش الشعب المصرى الأصيل الذى يقدر جواهر وطنه من المخلصين ويميت الأعداء غيظا وحسرة بإحياء ذكرى عبد الناصر حبيب الملايين، والذى كتبت فيه قصائد بعد رحيله اكثر مما كتب فى حياته وفى أوج حكمه. لمزيد من مقالات فريدة الشوباشى