رحل الأستاذ هيكل وبقى مكانه شاغرا..رغم أن للنسيان فى بلادنا تاريخ طويل من الجحود..ورغم أن بعض هذا الرزاز أصاب أسماء كبيرة كان منها الأستاذ هيكل الذى ملأ الدنيا لسنوات طويلة ورغم مرور أعوام قليلة على رحيله بدأت سحابات النسيان تطل من بعيد وكأن هذا قدر كل قيمة عظيمة فى مصر المحروسة..عبرت ذكرى ميلاد الأستاذ هيكل عبورا صامتا فلا شاهدنا برنامجا عن حياته ولا استمتعنا بحوار من حواراته بل أن الشاشات امتلأت بصخب مجنون افقدنا القدرة على أن نستعيد ذكرى ميلاد الرجل بما يليق به اسما ودورا وتاريخا..لا شك أن الأستاذ هيكل كان ظاهرة فريدة بكل ما يعنى التفرد..كان صاحب جملة عربية ساحرة بحيث تستطيع أن تكتشف كلماته من آلاف الكلمات الأخرى..كانت عبارة هيكل غاية فى التميز بحيث لا يمكن أن يكتبها غيره..وكان من حظ هيكل أن يقترب من الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وأن يضع يده على كنز من أسرار دولة ناهضة تعيش تجربة فريدة فى كل شئ..البعض يرى أن هيكل شارك فى صنع مشروع عبدالناصر وهناك من يرى أن عبدالناصر هو الذى منح هيكل كل هذا الصخب وهذا الدور ومهما كانت درجة التأثير أو التأثر إلا أن المؤكد أن علاقة هيكل وعبدالناصر كان لها دور كبير فى هذه المرحلة من تاريخ مصر الحديث..وإذا كان هيكل قد أفاد عبدالناصر فى حياته فقد أفاده أكثر فى غيابه ولولا سلسلة الكتب والمقالات التى سجل بها هيكل مشوار عبدالناصر لخسرت ثورة يوليو الكثير من وثائقها وأحداثها وللأسف الشديد لم يبق من وثائق يوليو إلا ما كان لدى الأستاذ هيكل وقدمه للقارئ العربى.. هناك جانب آخر فى تفرد هيكل انه كان عاشقا من عشاق الشعر وكان يحفظ آلاف الأبيات وكان يرى أن شوقى هو أعظم شعراء العربية ومع الشعر وبه كان ثراء لغة هيكل وذاكرته النابضة دائما وإحساسه بجمال اللغة العربية وكان من عشاقها الكبار..كان هيكل تجربة فريدة فى الكتابة والدور والتأثير ولهذا سيبقى بيننا وكلما مرت سنوات العمر سوف نشعر دائما انه مازال بيننا فكرا وحضورا [email protected] لمزيد من مقالات فاروق جويدة