مع أن «باب النصر» يفضى بك إلى قلب حى الجمالية عبر شبكة من الشوارع والحارات، إلا أنه يبدو منزويا حزينا، فلا تجد ذلك الصخب الذى يميز قرينه القابع على بعد أمتار من الشمال «باب الفتوح» ولا حتى النقوش والزخارف سوى مربع أعلى الباب منقوش عليه الشهادتين وما يدل على الانتماء المذهبى للفاطميين، كما فشل البرجان العملاقان أن يجعلاه فى هيبة «باب زويلة». وذلك مع أن هذا الباب الذى أعاد أمير الجيوش بدر الجمالى بناءه، خصص لاستقبال الجيوش العائدة بالنصر والتى سبق أن خرجت من باب الفتوح بأمر الخليفة الفاطمى لفتح البلدان وبسط السلطان لتصبح القاهرة عاصمة لإمبراطورية تحكم من ساحل الأطلنطى وحتى ساحل المحيط الهندي، أما البحر المتوسط فكاد يكون بحيرة فاطمية عملاقة. لكن مضى عهد الأفراح والليالى الملاح، فصار الباب الأقل حظا بين أخوته ، فقد أخنى عليه الدهر حتى ارتبط اسمه بالمقابر التى بدأت بأول مقبرة دفن فيها أمير الجيوش ليطل الباب على قبر مجدد بنائه وباعث مجده. ورغم أنه الآن ابتعد عن المقابر بعد توسعة شارع البنهاوى الذى يربط بين باب الشعرية والدراسة منذ سنوات قريبة، فإن ملامح الحزن بادية على أبراجه وأحجاره ومصراعيه اللذين بدأ التآكل يدهمهما من الأسفل. والآن يبدو أن هناك محاولات جادة لإعادة البريق إلى باب النصر والمبانى الأثرية فى المناطق التى يؤدى إليها وإعادة النبض للتاريخ.