هل هنالك بالفعل دراسات دقيقة بالأرقام عن تأثيرات المشروع الضخم لتطوير وتحديث منطقة ماسبيرو علي اكتظاظ القاهرة، بكل ما يعنيه هذا من تفاصيل يحفظها سكان القاهرة عن ظهر قلب؟ السؤال مهم لأن الدولة تتكبَّد أعباء هائلة بمئات مليارات الجنيهات لحل مشكلات الاكتظاظ الحالي، وقد اعتمدت سياسة ناجحة ببناء مدن جديدة خارج الوادي بهدف جذب الزيادات السكانية في القاهرة وغيرها من المدن. ولكن مشروع ماسبيرو يسير في اتجاه عكسي بخلق بؤرة جاذبة علي أعلي درجة من المنافسة تشد الناس إلي قلب القاهرة الذي هو أكثر المناطق اكتظاظاً وأكثرها حاجة إلي التخلص من الزيادات. ببساطة، فإن المشروع المطروح يقوم، مثله مثل كل المشروعات الناجحة، علي أفضل استخدام واستفادة للحيز، بأفضل إتاحة لأحدث تكنولوجيات البناء التي تجعل الامتداد الرأسي فوق الأرض وتحتها واراداً بشدّة، وهو تفكير يدعمه أيضاً استهداف أكبر ربحية. بما يعني أنه، مهما توافرت في المشروع مساحات لطرق عريضة وحدائق فسيحة، فإن الأبنية العملاقة المتوقعة يمكنها أن تسع أضعاف البشر المكدسين في المنطقة قبل بناء المشروع. وإذا أضفنا جيوش الجماهير التي سوف تتوجه يومياً إلي المنطقة للتعامل مع المركز المستقبلي، فلنا أن نتخيل كيف سيكون الحال. لا خلاف علي أن مشروع ماسبيرو بالشكل المعلن عنه سيحقق أرباحاً مالية ضخمة، كما أنه سيفيد كثيراً في التخلص من العشوائية في قلب القاهرة، ولكن يجب الوضع في الحسبان أن حلول مشكلات الاكتظاظ السكاني في المستقبل سوف تتكلف مبالغ خرافية بأكثر كثيراً من مئات المليارات التي تنوء بها مصر في مشروعات المدن الجديدة في بدايات القرن الحادي والعشرين. وهو ما يدعو إلي الصمود أمام غوايات المكاسب السريعة والتفكير في أن القاهرة في أشد الحاجة إلي مساحات خالية من الأسفلت والأسمنت والخرسانة، لأن كثافة عدد الأفراد علي المتر المربع في القاهرة وصلت إلي معدلات مخيفة، تجعل من الأوجب دعم سياسة الإنشاء والتوسع في المدن الجديدة وتوفير عوامل الجذب للمواطنين لأن يذهبوا إليها طواعية، وعلي أن يقتصر البناء في القاهرة علي إنشاء مرافق تلبي الحاجات الإنسانية لقاطنيها، ومن أهمها القدرة علي التنفس والتحرك. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب