للأسبوع السادس على التوالى يتظاهر آلاف الإسرائيليين، مساء كل يوم سبت وسط مدينة تل أبيب، ضد ما وصفوه ب «الفساد الحكومي»، والمطالبة بتسريع التحقيق مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نيتانياهو، وزوجته سارة فى قضايا الفساد، ووفق وسائل الإعلام الإسرائيلية، بدأ العد التنازلى لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو لعزله عن كرسى الحكم والزج به فى السجن، بتهمة الفساد، ويحاول نيتانياهو استغلال الوقت بشتى الطرق ويصور نفسه على أنه ضحية وأن الجميع ضده كما ظهر فى خطابه بالكنيست. ويرى العديد من المراقبين أن قضية نيتانياهو ستنعكس بشكل كبير على النظام السياسى فى إسرائيل وعلى مستقبل الصراع العربى الإسرائيلي، و السؤال الأهم هل سيحاول نيتانياهو الفرار من هذه التهم بخوض مغامرة عسكرية لمحاولة منع سقوطه ولو مؤقتا؟. من الممكن أن يحاول نيتانياهو شن حرب استعراضية لكى ينقذ حكمه وزعامته، فهو جرب خوض الحرب تلك بعد الغارات الجوية على سوريا، ولكن إسقاط السوريين للطائرة الأحدث فى الترسانة الجوية الإسرائيلية، جعله يعيد النظر فى حساباته وتهوره، ولكن الآن لا يوجد ما يخسره فقبل أن يدان قضائيا بتهم الغش والرشوة والفساد وسوء الائتمان وغيرها، بما يجعله يخسر مستقبله السياسي، فقد يذهب إلى مغامرة عسكرية تمنع سقوطه ومحاكمته، قد تكون فى لبنان أو غزة، ورغم تأكيداته انه يعمل من اجل أمن ومستقبل إسرائيل وانه سيخوض الانتخابات وسيفوز مرة أخري، فإن مغامرات الحروب فى حياة نيتانياهو كانت جميعها لحسابات سياسية داخل إسرائيل، سواء قضايا اقتصادية أو معارك انتخابية. فرص نيتانياهو المنعدمة أوصت الشرطة الإسرائيلية، بتقديم لائحة اتهام ضد نيتانياهو فى قضيتى فساد، حسبما ذكرت وسائل إعلام عبرية. بعد ان حققت على مدى أكثر من سنة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، ومقربين منه بشبهة الفساد فى ثلاثة ملفات أساسية؛ وهى :القضية المعروفة باسم (ملف 1000)، تم التحقيق معه فيها بشبهة الانتفاع من رجال أعمال، كذلك فى القضية المعروفة باسم (ملف 2000)، تم التحقيق مع نيتانياهو فيها بشأن إجراء محادثات مع ناشر صحيفة يديعوت آحرونوت الإسرائيلية «أرنون موزيس»، للحصول على تغطية إعلامية إيجابية مقابل التضييق على صحيفة «إسرائيل اليوم». أيضًا فى القضية المعروفة باسم (ملف 3000) ، تم التحقيق مع نيتانياهو فيها بشبهة الفساد فى صفقة شراء غواصات من ألمانيا. وبذلك بدأ نيتانياهو معركة حياته وجهز نفسه وحزبه لشن الحرب على الشرطة ومنافسيه السياسيين، فهو لن يقدم استقالته وسيراهن على عامل الوقت وعلى المستشار القضائى مندلبليت بأن لا يحرك الملفات ضده، على أمل أن يبقى فى كرسيه فى رئاسة الوزراء. والمستهدف الثانى بعد الشرطة فى الهجوم هو رئيس حزب المستقبل يائير لابيد الذى قدم شهادته أمام المحققين لأنه كان وزيرا للمالية فى الحكومة السابقة، واتهامه بان له مصلحة سياسية فى تشويه نيتانياهو. وقد بدأ أعضاء الليكود المعركة ضد لابيد بالفعل بينما يراهن نيتانياهو على موشى كحلون ونفتالى بينت وقال إن اليمين هو المستهدف من إسقاطه ومن تحقيقات الشرطة التى تريد إسقاط اليمين، بما يجعله حريصا على الإبقاء على الائتلاف الحاكم الذى يدافع عنه وحظى بدعم منقطع النظير من الأحزاب اليمينية التى تعتقد ايضا ان سقوط نيتانياهو هو سقوطها. وسيخضع نيتانياهو لجولات أخرى من التحقيق، وعلى الرغم من شراء نيتانياهو مزيدا من الوقت فإن حجم الشكوك ضده يزداد ، وفى نظر الجمهور الإسرائيلى وصم بانه زعيم فاسد، فنيتانياهو جلس على كرسى الحكم 12 عاما وحلمه ان يتفوق على المؤسس الأول لإسرائيل بن جوريون الذى حكم مدة 13 عاما، وحامت حوله شبهات فساد أيضاً واعتزل الحياة السياسية. ويرى بعض المراقبين ان رئيس الوزراء الإسرائيلى وإن كسب بعض الوقت فإنه سيضطر لإنهاء حكمه وربما محاكمته بتهم الفساد، قبل حلول نصف هذا العام فى حال تمكنت المعارضة من الضغط فى الشارع وعلى المستشار القضائي. توافد الآلاف من المتظاهرين إلى ساحة «روتشيلد» بتل أبيب على الرغم من الطقس العاصف، وقد حملوا العديد من اللافتات التى تندد بالفساد وتدعو لرحيل نيتانياهو، وكذلك شعارات تطالب وزير المالية موشيه كحلون بوضع حد و«فيتو» لنيتانياهو، بينما طالب العديد من المتظاهرين المستشار القضائى للحكومة، أفيحاى مندلبليت، بالاستقالة من منصبه بزعم اعتماده سياسة المماطلة بالتحقيقات بشبهات الفساد مع نيتانياهو وزوجته. وفى ظل تواصل المظاهرات، أفادت القناة الثانية الإسرائيلية بوجود خلافات وتباين بالمواقف بين الشرطة والنيابة العامة بشأن تقديم التوصيات ضد نيتانياهو، ففى الوقت الذى يرى مكتب المدعى العام أن الأمر يستغرق شهورا لتلخيص التحقيقات التى تدعى الشرطة أنه يمكن تلخيصها وتقديم التوصيات فى غضون بضعة أسابيع. ومع ذلك، هناك اتفاق على أنه باستكمال المطلوب بالتحقيقات تشكل الأسس الرئيسية لمقاضاة رئيس الحكومة، ووفقا للتقديرات يمكن تقديم التوصيات فقط مع حلول عيد الفصح العبري، حيث من المتوقع أن يتم استجواب رئيس الحكومة للمرة الثامنة، ويبدو أنه حتى عندما يتم تقديم التوصيات، فان وزير المالية موشيه كحلون، لن يستقيل من منصبه، حيث إنه مهتم بالمصادقة على الميزانية التى حددها لعام 2019. ومن بين المتحدثين بالمظاهرة المستشار السابق لرئيس الوزراء عوزى عراد، الذى تحدث عن الفساد فى صفقة الغواصات، وضابط الشرطة المتقاعد مئير غلبوا الذى عمل مستشارا لمراقب الدولة، وموطى اشكنازي، الذى قاد حركة الاحتجاج ضد حكومة جولدا مائير بعد حرب أكتوبر 1973. حققت الشرطة الإسرائيلية 7 مرات مع نيتانياهو، منذ ديسمبر 2016، فى قضيتى الفساد فى الملف 1000، والملف 2000 وينبغى على الشرطة رفع توصية للمستشار القضائى للحكومة مندلبليت، بتقديم لائحة اتهام ضد نيتانياهو، قبل الشروع فى محاكمته، وهو ما لم يحدث حتى الآن. مغامرة عسكرية وأمام هذا الواقع المرير الذى ينتظر مستقبل نيتانياهو يبقى لديه خيار اخير فى اسكات جميع الأطراف بالدخول فى مغامرة عسكرية سواء كانت على جبهة غزة حيث الذرائع الإسرائيلية عن المصالحة التى تجرى بين غزة ورام الله والتنسيق الأمنى بين الحركتين واعتراض إسرائيل على دخول الأمن الحمساوى الى الضفة وعشرات الأسباب التى من الممكن ان تسوقها إسرائيل للدخول فى مواجهة مع حماس. أو على جبهة جنوبلبنان حيث حسن نصرالله والمحور الشيعى وحزب الوكالة عن ايران حزب الله الذى يفاخر بإسقاط الطائرة اف 16 الإسرائيلية والتصريحات تخرج من طهران او من صيدا جنوبلبنان تتحدث عن اختلاف نوعى حدث فى المعادلة وان على إسرائيل ان تعيد حساباتها، وان الدفاعات الأرضية التى تم نصبها فى سوريا ستمنع نهائيا دخول المقاتلات الإسرائيلية الى اجواء سوريا، ولكن نيتانياهو من الممكن ان يتجه الى جنوبلبنان مباشرة للرد على حزب الله، ورغم التحقيقات التى جرت فى إسرائيل على المستوى العسكرى أو السياسى فإن اصوات يمينية تتحدث عن هيبة إسرائيل وجيشها التى تستوجب عملية عسكرية خاطفة لتأديب حزب الله.