حُسن الخُلُق باب كبير من أبواب الجنة، وقد جعل الله تعالى، أعلاها ثوابا لمن حَسُنَ خلقه، وترك الجدل، وإن كان محقاً. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، رضي الله عنه، قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا زَعِيمٌ - أي: أضمن - بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ، وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ، وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ". (صحيح الجامع). وسُئل، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، فأجاب: "تَقْوَى اللَّهِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ". وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، قَالَ: "سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ، فَقَالَ: "تَقْوَى اللَّهِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ، وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ، فَقَالَ: الْفَمُ، وَالْفَرْج". ("سلسلة الأحاديث الصحيحة"). ويدخل في حسن الخلق أمور كثيرة لخصتها السيدة عائشة، رضي الله عنها بإجابتها، عندما سُئلت عن خلق النبي، صلى الله عليه وسلم، فقالت: "كان خُلُقه القرآن". (رواه مسلم وأحمد وغيرهما). وامتدح الله تبارك وتعالى؛ رسوله، صلى الله عليه وسلم، فقال: "وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ". (القلم : 4). وتصل درجة حسن الخلق بالمرء إلى حد تحريمه على النار. فقد قال، صلى الله عليه وسلم: "مَن كان سهلاً هيناً ليناً، حرمه الله على النار". (صححه الألباني). وعن المتصفين بالعدل، قال، صلى الله عليه وسلم: "إنَّ المُقْسِطِينَ عند الله على مَنَابِرَ من نُورٍ عن يَمينِ الرَّحْمنِ، وكلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ؛ الَّذينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ، وأَهْلِيهمْ، وَمَا وَلُوا". (صحيح مسلم). وفيما يتعلق بالسلوك والعفاف، قال، صلى الله عليه وسلم: "من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة". (صحيح البخاري). وعن عُبادة بن الصامت، رضي الله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: "اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدُّوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغُضوا أبصاركم، وكُفوا أيديكم". (السلسلة الصحيحة). وفي إفشاء السلام قال، صلى الله عليه وسلم: "لا تَدْخُلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا.. ألا أَدُلُّكُم على أمْر إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم". (رواه مسلم). ترك سؤال الناس دعا الرسول، صلى الله عليه وسلم، إلى التعفف عن مسألة الآخرين. ففي حديث ثوبان، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "من يتقبل لي بواحدة، وأتقبل له بالجنة؟"؛ قلت: أنا. قال: "لا تسأل الناس شيئاً". قال: "فكان ثوبان يقع سوطه، وهو راكب، فلا يقول لأحد: ناولنيه؛ حتى ينزل فيأخذه". (صححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجة"). رعاية الفئات المهمشة وفي ما يتعلق بكفالة اليتامى كالأرامل والمساكين، ورعاية الفئات المهمشة، وسداد الديون عن الغارمين، وإقراض المحتاجين؛ بيَّن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في أحاديث عدة؛ المكانة العظيمة لمن فعل ذلك. روى البخاري في صحيحه عن سهل بن سعد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وقال (أشار) بإصبعيه: السبابة، والوسطى". سماحة البيع والشراء روى البخاري في "التاريخ الكبير"، والنسائي، وغيرهما عن عثمان بن عفان، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "أدخل الله عز وجل الجنة رجلا كان سهلا مشتريا وبائعا، وقاضيا ومقتضيا؛ الجنة." ("سلسلة الأحاديث الصحيحة"). التجاوز عن المعسر وفي ذلك، روى الإمام مسلم في صحيحه عن حذيفة، رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أن رجلا مات، فدخل الجنة، فقيل له: ما كنتَ تعمل؟، قال: إني كنت أبايع الناس، فكنت أنظر المعسر، وأتجوز في السكة، أو في النقد، فغُفر له". (صحيح مسلم). وفي "صحيح مسلم" أيضا عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "كان رجل يداين الناس، فكان يقول لفتاه، إذا أتيت معسرا فتجاوز عنه؛ لعل الله يتجاوز عنا، فلقِيَ الله، فتجاوز عنه". وعلق الإمام النووي على الحديث بالقول: "التجاوز والتجوز معناهما المسامحة في الاقتضاء والاستيفاء، وقبول ما فيه نقص يسير". وفي ذلك أيضا، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "من أنظر معسرا أو وضع له.. أظلَّه الله يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله". ("صحيح الجامع"). [email protected] لمزيد من مقالات عبدالرحمن سعد;