سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
كتابه «مستقبل الإسلام الروحانى» محاولة لتجديد النظرة إلى الدين الكاتب الفرنسى «إريك جوفروا»: شيء ما جذبنى للإسلام العظيم وللأسف البعض يفهمونه بشكل خاطئ ومرعب
وسط ظاهرة التطرف والإرهاب التى يمر بها العالم، والنظرة الخاطئة للإسلام، لا نعدم من يحاول تقديم صورته الجيدة. وهو ما فعله الكاتب الفرنسى «إريك يونس جوفروا» فى ندوة أقامها المركز القومى للترجمة بعنوان «مستقبل الإسلام»، لمناقشة كتاب «مستقبل الإسلام الروحانى»، بحضور مراجع الكتاب د. «أسامة نبيل»، وأدارها د.أنور مغيث مدير المركز. وجوفروا، مفكر وباحث فرنسى شهير. اعتنق الإسلام وعمره 27عامًا، بعد بحث عميق فى الديانات، واختار طريق التصوف، وتخصص فيه من زاويته الفكرية، ويشغل حاليا منصب مدير قسم الدراسات العربية والإسلامية بجامعة ستراسبورج الفرنسية، وله مؤلفات مهمة، منها: «طريقة صوفية فى العالم..الشاذلية»، و«مبادئ فى التصوف»، و«كتاب الأسماء العربية»، و«حكمة الشيوخ الصوفية». وعلى هامش الندوة خص المفكر الفرنسى «جوفروا» الأهرام بحوار خاص حول كتابه الأخير ورأيه فيما يمر به العالم الإسلامى الآن من تحديات فالى نص الحوار. ما الأسباب التى جذبتك لاختيار الصوفية تحديدا فى الإسلام بعد اعتناقك له؟ الروحانية أصل كل دين، فكل دين سماوى، إسلامى أو مسيحى أو يهودى، له روحانيته، وما نمر به حالياً من تدهور فى الأيدلوجيات والاتجاه إلى العنف والتطرف، بسبب غياب الروحانية، ولابد من إعادة نشر الوعى الروحى والأخلاقى بين الناس، لنتغلب على الأزمات الكبرى التى تسيطر على العالم الإسلامى، كالأزمات البيئية والاقتصادية، وكذا أزمات المهاجرين وغيرها، لابد من رفع الأخلاقيات، حتى لا تسقط الحياة فى مستوى أدنى، لابد من وجود وعى روحى وكونى، كما يشير القرآن الكريم، خاصة فى السور المكية. هل تصورات الغرب بأن الإسلام مرادف للإرهاب والعنف، هى التى جعلتك تبحث فى الدين الإسلامى؟ لا.. فأنا انجذبت للإسلام عام 1984 وكنت حينها شابا، وأكثر ما جذبنى جمالياته وروحانياته، وما يحيط بالتوحيد من سر عظيم، والعقيدة الإسلامية لها عقل ووعى ومنطق أوسع وأشمل من المنطق الموجود فى ديانات أخرى، شيء ما جذبنى لهذا الدين العظيم، وللأسف بعض الناس تفهم الإسلام بشكل خاطئ ومرعب، لكنى أعتقد أن وراء أزمات التطرف هذه أزمة روحية، ولابد لنا أن نحاول أن نغرس بذورا لإنسان جديد، ولاحل آخر من وجهة نظرى. ما رأيك فى الفكر الوهابى؟ هو فكر بسيط جداً وليس له عمق، لكنهم للأسف سيطروا على العالم، والآن الدول التى اشتهرت بهذا الفكر خلال سنوات قاموا بتدريب أئمة من الوهابيين ونشروهم فى العالم الإسلامى، وهذه مشكلة خطيرة. هل كان لجلال الدين الرومى تأثير على اختيارك الصوفية؟ بالطبع أتذوق جلال الدين الرومى، فهو من أعظم المشايخ فى عصرنا هذا، وإذا ذهبتِ إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ستجدين فى المكتبات قسما خاصا للرومى. ما رأيك بتجربة المفكر الفرنسى «روجيه جارودى»؟ جارودى كاتب فرنسى عظيم، والمشكلة أنه كان ضد اسرائيل، لذلك واجه العديد من الانتقادات والهجومً، حتى بعد وفاته لم يهتم به الإعلام، وكأنه لم يكن. ما الذى تريد قوله فى كتابك «مستقبل الإسلام الروحانى»؟ ما دفعنى لتأليف هذا الكتاب هو مناقشة جوانب من الفكر الإسلامي؛ خاصة أن فكرة الإصلاح الإسلامى التى قام بها المفكران «محمد عبده» و«الأفغانى» قبل أكثر من قرن، أصبحت عاجزة عن تقديم حلول لأزمة الثقافة الإسلامية فى الوقت الحاضر، فى ظل العدمية التى تطغى على كل شيء فى حياتنا المعاصرة؛ فالإنسان الحديث المشدود إلى أفق التقدم المادى البراق أصبح مُخرِبَاً للأرض، وسارقاً لثرواتها وطبيعتها، لذا نحن بحاجة لثورة فى المعنى، وهذه الثورة تتطلب التحول عن الماضى واعتناق فكر جديد يجعل الإنسان يدرك بشكل أفضل معنى خلق الكون وخلقه هو أيضاً. الكتاب يحاول تجديد النظرة إلى الإسلام، وبناء على ذلك يمكن لنا بعث المنهجية الإسلامية الأصلية ونفض الغبار عنها، بعد ذلك يمكن أن نقيم مواجهة فكرية بين عقيدة التصوف القديمة التى تجاوز عمرها الألف سنة وعقيدة ما بعد الحداثة، ورغم أنها تبدو غريبة، فإنها تتيح لنا إعادة التوازن لحياتنا من جديد إذا قمنا بهذا بشكل سليم. هل الحكمة الصوفية قادرة على إعادة التوازن المفقود؟ الصوفية لا تبنى ضد العقل ولكنها تصل للعقل وتتجاوزه بالاعتماد على الاكتشاف والإلهام وهى أيضاً تبنى على التوازن بين الظاهر والباطن وينبغى عدم الخلط بين الصوفية كفكرة روحانية كبرى وبين ممارسات الروح الصوفية، فالشيخ محمد عبده كان شاذلياً لكنه ينتقد تصرفات شعبية للطرق الصوفية. العالم يقوم اليوم على فكرة استثارة الفوضى لكى يعود المسيح أو المهدى المنتظر، وينبغى أن نحذر من هذه الفوضى وهذا ما يعلمنا إياه المنهج الصوفي؛ فالصوفية تعلمنا ألا نغرق فى الأمل انتظاراً لمن ينقذنا، ومعنى روحانية الصوفية أنها تنظر إلى عناصر الوعى المختلفة سواء وعيا نفسيا او علميا أو دينيا من فوق نظرة كلية، وهذا ما نحتاجه اليوم لأن جوهر الانسانية بصدد غياب تام فى كثير من العلاقات الإنسانية المستنسخة، لقد غاب البعد الروحى حتى فى علاقة المعلم بالتلميذ، الصوفية قادرة على إعادة التوازن المفقود فى العالم فإذا غاب البعد الروحى فسوف تكون الإنسانية كلها فى خطر.