«لا أدرى ماذا أفعل مع إبنى الصغير، الذى يبلغ من العمر تسع سنوات، إنه دائم الكذب، يكسر ويضيع الألعاب والأغراض الخاصة بإخوته فى البيت، وينسب ذلك لإخوته». ما سبق جزء من رسالة بعثت بها إحدى الأمهات إلى بريد صفحة المرأة والطفل. وفى محاولة لمساعدتها عرضنا مشكلتها على د.محمود عبد الرحمن حمودة أستاذ الطب النفسى بكلية الطب جامعة الأزهر، يقول: بطبيعة الحال يروعنا سلوك أبنائنا عندما يتحول من السلوك السوى إلى سلسلة من المشكلات واختلاق للأكاذيب. فنحن نزرع فيهم أول مبادئ الكذب دفاعاً عن أنفسهم من جراء قول الحقيقة التى تغضبنا، وعلينا أن نعى أن الكذب سلوك مكتسب يمكن تعلمه وهو أنواع: الخيالى: ويلجأ إليه الطفل فى سنواته الأولى لأنه لا يفرق بين الحقيقة والخيال، فيتخذه وسيلة للاعب والتعبير عن أحلام اليقظة ويساعده ما يعرض عليه من أفلام كارتونية أبطالها يأتون بالمستحيل والخارق دائماً. وهنا لا يجب عقابه فسوف يزول مع توضيح هذه الأمور لعقله الصغير. الإدعائى: وهو الأخطر، ويلجأ إليه الأطفال الأكبر سناً الذين يعانون من الشعور بالنقص فى أى من نواحى حياتهم، مثل المبالغة فى قدرات عائلته المادية، ويحدث عادة مع الذين تدللوا فى صغرهم ولكن تحول عنهم الآباء. الدفاعى: وهو الأكثر شيوعا عندما يلجأ الوالدان إلى العقاب القاسى اعتقاداً منهم أنه يردع كذب الابن، فيلجأ نتيجة لخوفه إلى الخداع واستخدام ذكائه ليخرج من كذبه ولا يضيره أن يلصق التهمة ببرىء من أجل الدفاع عن نفسه. ويتأصل سلوك الكذب عندما يخدع الآباء الأبناء سواء بالوعد بعدم إذاعة فعل ارتكبوه ولكن يعلنان عما فعل ويفشياه أمام الأقارب والأصدقاء مما يشعره بالحرج الشديد والمذلة ويفقده الثقة بوالديه، أو عندما يخدعه الآباء بوعودهم بالهدايا مع مناسبات معينة ثم لا يحققان وعودهما. ويؤكد أستاذ الطب النفسى أنه يجب أن نشبع احتياجات أبنائنا النفسية، بأن يعيش الطفل فى جو من التسامح والمرونة، بعيداً عن القسوة الشديدة التى تدفعه للكذب دفاعاً عن نفسه، دون تفهم لقدراته الذاتية، مثل مقارنته الدائمة بإخوته الأكثر تفوقاً، وكذلك توبيخ أساتذته له لضعف درجاته ولكن الحل بمساعدته بمزيد من الشرح وتفهم أن لكل طفل ذكاءه وقدراته الذهنية، والضغط عليه يصيبه بالإحباط فينعكس بالكذب والكراهية والانتقام. لذلك علينا أن نشجعه بمواطن التفوق فى شخصيته من أدب وفنون ورسم وموسيقى، مما يعالج مشاكله النفسية عندما يجد نفسه متفوقاً ومحبوباً من الآخرين ممن حوله.