عندما اندلعت الحرب فى سيناء، ولم نعلم بها إلا بعد الظهر، حيث كانت قواتنا قد عبرت بالفعل القناة إلى سيناء الحبيبة. فى هذا التوقيت بالضبط كانت المسارح قد أغلقت، لكن ماعدا مسرحا واحدا هو مسرح الجمهورية الذى كان يتبع وقتها المسرح الحديث وكانت مديرته فى هذا الوقت هى الفنانة الكبيرة سميحة أيوب، فى الواقع كان الاستغراب هو ما طرأ على عندما علمت منها أن المسرح الذى يتبعها سيفتح أبوابه بعد أيام قليلة. وبالفعل كان هذا هو ماتم عندما فوجئت بها تقول لى عندى عرض غنائى يحمل اسم «مدد مدد شدى حيلك يا بلد» بالفعل كان الراحل عبد الغفار عودة المخرج قد تولى مهمة الإخراج ويقدم العرض بطولة الفنان الراحل أيضا محمد نوح الذى قدم لحنا من أروع الألحان التى استمتعت بها، ربما لبساطة التلحين وايضا للمناسبة التى يقدم فيها هى حربنا ضد إسرائيل بعد هزيمة 67 المريرة. كان المسرح بعد أيام معدودة قد امتلأ بالمتفرجين عن آخره. المسرح كومبليه نحن نحارب.. الجميع فى المسرح يردد مع محمد نوح أغنيته الشهيرة «مدد مدد ومدد شدى حيلك يا بلد». المسرح بأكمله يعطى كل اهتمامه وكل حماسه فى هذه الأغنية، كان فى هذا الوقت الراحل السيد بدير هو رئيس هيئة المسرح. بعد أشهر من هذا العرض طلبت منه شخصيا أن ينقل هذا العرض إلى مسرح الطليعة بالعتبة حتى يتسنى لعديد من المتفرجين مشاهدته. وقد كان أن أمر بنقل العرض إلى مسرح الطليعة الذى كما تم فى مسرح الجمهورية أن امتلأ مسرح الطليعة أيضا بالمتفرجين. بعد أكثر من أسبوع كانت وفود المتفرجين تملأ المسرح بينما وقت العمل قد انتهى بعد مده لاكثر من ثلاث مرات فذهبت مرة أخرى إلى السيد بدير أطلب منه طلبا خاصا وهو أن يتم عرض المسرحية فى ساحة دار الأوبرا قبل بنائها، حيث تم جمع عدد من الدبابات والعربات التابعة للجيش الإسرائيلى إلى هذا المكان ليتسنى للجماهير مجرد مشاهدة هذه الآلات المدمرة. فرح السيد بدير بالفكرة وفورا طلب أن تقدم المسرحية هناك وكان طلبى بالطبع هو أن أقوم بتصوير المسرحية بجوار الدبابات، ولكن للأسف ضاع مجهودى كله فى الهواء. فعندما ذهبت أنا والراحل أميل كرم للتصوير كانت كل الأبواب مغلقة من الصباح. ولم أجد أى منفذ لأن أدخل هذه الساحة التى فكرت فيها لأقوم بتصوير الجماهير بجانب الدبابات وهى تردد «مدد مدد مدد مدد شدى حيلك يا بلد.. لو كل يوم راح شهيد فى ألف غيره هيتولد». أذكر بعدها أن كانت هذه الأغنية هى بداية الراحل الفنان. إنه الفن عندما يجد أنه الباب الوحيد لكى يعبر المواطن عن أهم ما بجيش فى ذهنه.