لم تستسلم للتهكم والسخرية من قصر قامتها، بل نفضت أوجاعها وتخلت عن اليأس, الذى يجعل الحياة تسير على وتيرة واحدة, كما أنها استغنت عن «الحظ» واستعانت بالله، وتحدت نفسها قبل المجتمع، وأثبتت أن الإعاقة فى العقول وليست فى الأبدان, فهى تؤمن أن التحدى هو القوة الخفية التى تحرك الأحداث ويتحكم فى تحديد إثارتها, وذلك بعدما أيقنت أن القدر الذى يرسم جانبا كبيرا من حياتنا ويختبرنا بالآلام والأوجاع ويغرقنا فى المآسى هو ذاته الذى يحمل لنا المفاجآت والقصص الجميلة، وهذا ما حدث مع البطلة إيناس الجبالى 21 عام, التى قدر الله لها أن تكون واحدة من «قصار القامة», ولكن سطرت لنفسها طريقا وأزالت منها الكثير من العوائق حتى أصبحت بطلة مصر فى رياضة رمى «الجلة». عن مسيرتها الرياضية قالت إيناس: البداية كانت عند التحقت بالمعهد الفنى التجارى, وأثناء حضورى إحدى بطولات الجامعات فى العاب القوى حيث اشتركت فى البطولة دون أن أحصل على أى تدريبات مسبقة، ويشاء القدر أن أتغلب على جميع المشاركين، فوجدت المدربين الحاضرين ينصحوننى بالذهاب لاتحاد العاب القوى وتسجيل اسمى فى قوائمه، ومن هنا كانت البداية حيث بدأت التدريب بانتظام فى أحد مراكز شباب دمياط، بالإضافة إلى المساعدة التدريبية التى حصلت عليها من جمعية رياضيين لمتحدى الإعاقة. وأنا حاليا فى انتظار تكوين منتخب مصر من «الأقزام», خاصة بعد اجتيازى بنجاح اختبارات العاب القوى فى «الجلة والجرى ورفع الأثقال»، لكنى أفضل رمى «الجلة» وأشعر أننى سأتمكن من تحقيق بطولات دولية من خلالها، رغم أن مدرب منتخب رفع الأثقال يحاول إقناعى بالانضمام لمنتخب الأثقال وذلك لأن وزنى خفيف، حيث لا يتجاوز ال 32 كيلو وأستطيع رفع وزن كبير, فعقب تدريب شهر واحد فقط نجحت فى رفع نحو 40 كيلو, والرقم العالمى لحمل الأثقال «للأقزام» عالميا هو 80 كيلو, مما يعنى أنه بالتدريبات المكثفة مع الحفاظ على وزنى سأتمكن من الوصول إليه وتحطيمه وتحقيق رقم قياسى عالمى جديد. وعن أبرز البطولات التى شاركت فيها: حصلت على العديد من البطولات فى الجلة، وعلى المركز الثانى على مستوى الجمهورية فى بطولة العاب القوى التى نظمت بمدينة الإسكندرية, والمركز الأول فى أول مشاركة لى فى مسابقة اتحاد العاب القوى على مستوى الجمهورية، ومن المفترض أن يتم عمل معسكر تحت أسم «اتحاد الأقزام» ومن هنا يمكننا المشاركة فى الاوليمبياد وحصد الميداليات. «الأقزام» فى البرلمان وعن تمثيلها لمحافظة دمياط ضمن وفد «الأقزام» الذى استقبله أعضاء البرلمان العام الماضي, علقت إيناس قائلة: كان الهدف من زيارتنا عرض مشاكلنا على لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب, والتى من أبرزها عدم توافر فرص عمل لنا وعدم وجود سيارات مجهزة, فنحن نلقى كل أشكال العذاب فى المواصلات، ونتمنى الاستجابة لمطالبنا فى القريب العاجل, خاصة أن عدد «الأقزام» فى مصر ليس بقليل بل أننا نمثل نحو 75 ٪ من أقزام العالم. وأضافت: من المؤسف حقا أنه حتى الآن لا يوجد منتخب للأقزام وأن فكرة تشكيل منتخب لنا لم تطرح سوى العام الماضى عقب عودة البعثة المصرية من الاوليمبياد بعدما أخبروا الاتحاد بأنه هناك العديد من منتخبات الأقزام التى شاركت ممثلة عن دول عربية وأوروبية, والتى يطلق عليها منتخب «تحدى قصار القامة», وأنهم حققوا لبلادهم العديد من الميداليات لذا فقد تقرر عمل منتخب للأقزام تحت اسم «اتحاد الأقزام» وبالفعل تقدم العديد من الأقزام لإجراء الاختبارات, ولكن حتى الآن لم يتم تشكيله بعد. تفوق دراسي وعن دراستها قالت إيناس: لم أجد صعوبة فى التحاقى بالمدارس، ولكن كانت المشكلة تكمن فى المضايقات والسخرية التى كنت أتعرض لها من قبل زملائي, ورغم قسوة الأمر وتأثيره النفسى السلبى عليٌ إلا أنه لم ينل من عزيمتى بل زاد من إصرارى على النجاح والتفوق عليهم وإثبات أننى أفضل منهم وأكثر تفوقا واجتهادا. وأوضحت: كنت متفوقة دراسيا, ولكن فى المرحلة الإعدادية أجريت عملية تطويل, ولم تكن بسيطة بل كانت نسبة خطورتها عالية، إلا أننى كنت مصرة على إجرائها, وقد نجحت العملية، ولكن بنسبة بسيطة, وللأسف انشغالى بها جعلنى لا أحصل على درجات عالية فى الإعدادية، فالتحقت بالدبلوم الفنى التجاري, ولكنى تفوقت به وحصلت على 85 ٪ وقد جاء تنسيقى أن ألتحق بكلية تجارة جامعة بنى سويف, ولكن بسبب قلق والدى عليٌ فلم يوافق على التحاقى بجامعة بنى سويف، لذا التحقت بالمعهد الفنى التجاري، وحصلت السنة الماضية على تقدير جيد جدا والعام الجارى أجتهد للحصول على التقدير نفسه حتى أستطيع الالتحاق بكلية التجارة جامعة دمياط. دعم والدى المعنوى وعن دور أسرتها تقول إيناس: والدى يشجعنى دائما ويدعمنى معنويا وماديا, فهو من وضع الهدف نصب عينى ويساعدنى على الوصول له، فأنا لن أنسى أول حكمة قالها لى ويذكرنى بها دائما «فى يدك أن تجعلى الناس تسخر منك أو تفخر بك» وأنا اخترت الطريق الثانى فقد وضعت النجاح هدف نصب عينى وأسعى للوصول له حتى لا أسمح لأحد أن يسخر مني، بل سأجعل من حولى يفخرون بي, كما أن نجاحى ليس الهدف منه النجاح الشخصى فقط بل أرغب فى جذب انتباه واهتمام الجهات المختصة والمسئولين للاهتمام بنا بشكل أكبر، والاستجابة لمطالبنا وتوفير احتياجاتنا. وعن قدوتها تقول إيناس إنه الكابتن الدمياطى «صبرى البرعي», وهو بطل من ذوى الإعاقة, والفائز بالميدالية البرونزية فى أولمبياد ريو دى جانيرو 2016, وأتمنى أن أكون مثله وأحصل على ميداليات عالمية وأرفع علم مصر عاليا أمام العالم.