«أحكام القضاء هي عنوان الحقيقة» حتي لو جاءت مخيبة لآمال الملايين أو متفقة مع وجهة نظر الاخرين، ولكن علينا جمعيا احترامها حفاظا علي هيبة القضاء ومحراب العدالة، ومن هذا المنطلق لا أدري لماذا تعامل البعض مع حكم النقض النهائي ببراءة مبارك من تهمة قتل المتظاهرين، وكأنه جاء صادما ومفاجئا، وراحوا يتساءلون، هل معني البراءة فشل ثورة يناير في تحقيق أهدافها؟ ومن قتل الشهداء؟ رغم أن حكم براءة مبارك كان متوقعا ومفهوما للقانونيين والمتابعين، فإذا كانت النقض قد أيدت من قبل براءة العادلي ومساعديه من تهمة قتل المتظاهرين؛ فبالتبعية براءة مبارك كانت متوقعة تماما؛ ولا داعي هنا لسرد أسبابها وهي كثيرة ومنها عدم وجود أدلة مؤكدة فنية أو مادية علي ثبوت الاتهام ؛ فضلا عن قصور أجهزة الضبط في ذلك الوقت في الكشف عن أدلة هذه الجرائم والوصول الي مرتكبيها الحقيقيين ؛ فكثيرون تاجروا بدماء الشهداء ، ونشطاء تكسبوا وأثروا من تفصيل شعارات تدغدغ مشاعر الشباب النقي، الذي صدق هذه الشعارات وآمن بالثورة ودفع حياته ثمنا لها، ليمهد الطريق لهؤلاء.. وهؤلاء.. ليركبوا « الموجة « وتحقيق مصالحهم علي جثث الشهداء ؛ بل ساهم البعض سواء قادة ونخبة أو سياسيين في سرقة ثورة الشباب وتسليمها للجماعة الارهابية بدعوي « عصير الليمون» ..ونحمد الله أن هذا حدث لتأتي ثورة 30 يونيو لاستعادة هوية مصر من الفاشية الدينية،.. ولنترك مبارك ونظامه لحكم التاريخ، طالما ارتضينا منذ البداية محاكمته جنائيا أمام القضاء العادي، وغابت الارادة عن تشكيل محاكم ثورية أو استثنائية ربما كانت قد أصدرت أحكاما بالاعدام لمبارك ورموز حكمه من الذين فسدوا وافسدوا الحياة السياسية والاقتصادية ..الخ ؛ ولكن هكذا القضاء الطبيعي لايمكن أن يبني أحكامه علي الظن والتخمين، ولايمكن أن يصدر حكما بالاعدام الا بادلة افتقدتها معظم الدعاوي ضد مبارك ورموز نظامه؛ وحتي عندما حاكمنا الرئيس المعزول وقادة الجماعة الارهابية تمت محاكمتهم بنفس الطريقة أمام القضاء العادي؛ والغت محكمة النقض أيضا أحكام الاعدام الصادرة ضد مرسي وآخرين في قضية التخابر واقتحام السجون وتهريب السجناء ؛ فلنترك القضاء يحاكم اللصوص والارهابيين وفقا للقانون وليس وفقا لمصالحنا الشخصية وأهوائنا السياسية. [email protected] لمزيد من مقالات مريد صبحى