دعا الإسلام أتباعه إلى التيسير وعدم التعسير, وإلى الرفق والبعد عن العنف, وإلى التراحم والبعد عن التشدد أو الإرهاب, وصان الإسلام حرمة النفس الإنسانية وحمى حقوق الإنسان: دمه وماله وعرضه. قال عليه الصلاة والسلام: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس, والثيب الزاني, والتارك لدينه, المفارق للجماعة». وحرم الإسلام الخروج على الحاكم, لأن الخارج على ولى الأمر يعتبر ناكثا للعهد وباغيا, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه, فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية». وحذر الإسلام من الخروج عن الجماعة, وتوعد من دعا بدعوى الجاهلية, وقد جاء فى الحديث الذى أخرجه الإمام أحمد فى المسند: «آمركم بخمس الله أمرنى بهن: بالجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد فى سبيل الله, فإنه من خرج من الجماعة قيد شبر, فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يرجع, ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثاء جهنم قالوا: يا رسول الله, وإن صام وصلي؟ فقال: وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم... إن الإسلام يقرر لأتباعه أنه دين اليسر لا العسر حيث قال صلى الله عليه وسلم: يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا ووضح رب العزة سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز أنه يريد من خلقه اليسر ولا يريد بهم العسر وهو الرحمن الذى وسعت رحمته كل شيء, قال جل شأنه «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر» وما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما. وينأى الإسلام بأتباعه عن ظواهر الغلو والتشدد, وعن العنف والإرهاب, ويغرس فى قلوبهم الرفق والرحمة والتسامح, ومقابلة السيئة بالحسنة, حيث قال الله سبحانه وتعالي: «ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم, وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم». ورب العزة سبحانه وتعالى يحب الرفق, وهو جل شأنه موصوف بالرفق فهو رفيق كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله رفيق يحب الرفق, وبين صلوات الله وسلامه عليه ثمرة الرفق وانه يزين كل شيء فقال صلى الله عليه وسلم: إن الرفق لا يكون فى شيء إلا زانه, ولا ينزع من شيء إلا شانه. ووضح أن الذى يحرم الرفق يحرم الخير كله حيث قال صلى الله عليه وسلم: من يحرم الرفق يحرم الخير. وقد وصف رب العزة سبحانه وتعالى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرفق والرحمة واللين, حيث قال الله تعالي:«فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك». فنرى أن الإسلام دعا إلى الرفق والتيسير والرحمة, ونهى عن العنف والتشدد, وعن سوء الظن بالناس أو اتهام أحد من الناس بالكفر قال صلى الله عليه وسلم: أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما. وحذر الإسلام من الخروج من الطاعة, ومفارقة الجماعة عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية, ومن قاتل تحت راية عصبة يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية, ومن خرج على أمتى يضرب برها وفاجرها لا يتحاشى من مؤمنها, ولا يفى لذى عهد عهده فليس منى ولست منه»، فنرى فى هذا الحديث تحريم الخروج من الطاعة, ومفارقة الجماعة, والنهى عن العصبية أو القتال تحت راية عمية أو تحت راية عصبية, كما دعا الحديث إلى الوفاء بالعهد لمن له عهد أمان وتحريم التعرض للمعاهدين بسوء حتى ولو كان الإنسان فاجرا ففجوره على نفسه وحسابه على الله. وقد نهى الإسلام عن التشدد والتزمت حتى فى العبادة, فلا تستغرق العبادة فى الإسلام مساحة كبيرة من الزمن, وإنما حددها رب العزة سبحانه فى مواقيت معينة دون إفراط ولا تفريط, ولا مشقة فى أدائها ولا حرج لا يكلف الله نفسا إلا وسعها. وقال تعالي: «فاتقوا الله ما استطعتم». ومقاومة ظاهرة التطرف والإرهاب واجب كل إنسان مسلم لأن أمثال هذه الظواهر تسىء الى الإسلام والمسلمين, بل إن ترك شرها يتفاقم فى المجتمع يؤثر على الجميع, وان ما ينجم عن هذه الظواهر من أخطار, وما تئول عقباها إليه من شر مستطير, وخطر كبير, لا يخص من مارسها فحسب بل تشمل جميع أفراد المجتمع, فإن أخذ المجتمع على أيدى أصحابها نجا الجميع وان تركوهم هلكوا جميعا ولا يختص الهلاك بمن مارس الخطر والشر فقط فهناك المسئولية الجماعية التى يجب أن يقف فيها الرأى العام موقفا موحدا فى مقاومة المنكر, وفى الدفاع عن الحق, فيكون له أكبر الأثر. وفى طريق مقاومة الإسلام لظواهر العنف والإرهاب يدعو أتباعه إلى الثبات على الشخصية الإسلامية وعدم التأرجح فى اتباع الغير, كما يدعو الإسلام إلى استغلال الشخصية وألا يحبس الإنسان نفسه بين أسوار التقاليد الموروثة أو اتباع قرناء السوء. لمزيد من مقالات د.احمد عمر هاشم