النيابة تأمر بمعاينة الزوايا التيجانية محل وقائع تحرش صلاح التيجاني    بينهم أطفال ونساء، استشهاد 44 فلسطينيا في قصف إسرائيلي بغزة    تأهل علي فرج لنهائي بطولة "Paris Squash 2024" للإسكواش    أمام أنظار عبد المنعم.. نيس يسحق سانت إيتيان بثمانية أهداف    موعد مباراة الأهلي وجورماهيا الكيني بدوري أبطال أفريقيا    بدائل متاحة «على أد الإيد»| «ساندوتش المدرسة».. بسعر أقل وفائدة أكثر    لمواجهة انقطاع التيار وفواتير الكهرباء| «الألواح الشمسية».. نور في البيوت المصرية    عمرو أديب عن صلاح التيجاني: «مثقفين ورجال أعمال وفنانين مبيدخلوش الحمام غير لما يكلموا الشيخ» (فيديو)    إسرائيل تغتال الأبرياء بسلاح التجويع.. مستقبل «مقبض» للقضية الفلسطينية    وزير الخارجية يؤكد حرص مصر على وحدة السودان وسلامته الإقليمية    وزير خارجية لبنان: نشكر مصر رئيسا وشعبا على دعم موقف لبنان خلال الأزمة الحالية    وزير الخارجية يجتمع في واشنطن مع المبعوث الأمريكي للبنان    وزير الخارجية اللبناني: تفجيرات أجهزة الاتصالات تمثل إبادة وعقابا جماعيا لشعبنا    عمرو أديب: سمعة الملياردير الراحل محمد الفايد تم تلطيخها في لندن    محامي خديجة صاحبة اتهام صلاح التيجاني بالتحرش: الشيخ كان عنده قضية معاشرة لسيدة داخل مسجد عام 2004    أسعار الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 21 سبتمبر 2024    «التحالف الوطني» يواصل دعم الطلاب والأسر الأكثر احتياجا مع بداية العام الدراسي    عاجل.. فيفا يعلن منافسة الأهلي على 3 بطولات قارية في كأس إنتركونتيننتال    ذكريات سوبر الأهلي والزمالك 94.. الشيشيني ضد رضا وأول مواجهة للجوهري    راجعين.. أول رد من شوبير على تعاقده مع قناة الأهلي    أول تعليق من البلوشي بعد توليه التعليق على مباراة الأهلي وجورماهيا    أهالى أبو الريش فى أسوان ينظمون وقفة احتجاجية ويطالبون بوقف محطة مياه القرية    «جنون الربح».. فضيحة كبرى تضرب مواقع التواصل الاجتماعي وتهدد الجميع (دراسة)    «البوابة نيوز» تكشف حقيقة اقتحام مسجل خطر مبنى حي الدقي والاعتداء على رئيسه    برج القوس.. حظك اليوم السبت 21 سبتمبر 2024: كن قانعا بصفات شريك حياتك    المتسابق موريس يقدم دور عالم مجنون فى كاستنج.. وعمرو سلامة: لديه شكل جسدى مميز    وزير الثقافة بافتتاح ملتقى «أولادنا» لفنون ذوي القدرات الخاصة: سندعم المبدعين    عودة قوية لديمي مور بفيلم الرعب "The Substance" بعد غياب عن البطولات المطلقة    أول ظهور لأحمد سعد وعلياء بسيوني معًا من حفل زفاف نجل بسمة وهبة    المخرج عمر عبد العزيز: «ليه أدفع فلوس وأنا بصور على النيل؟» (فيديو)    حظك اليوم.. توقعات الأبراج الفلكية اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    شيرين عبدالوهاب ترد على تصريحات وائل جسار.. ماذا قالت؟ (فيديو)    ارتفاع سعر طن الحديد والأسمنت يتجاوز 3000 جنيه بسوق مواد البناء اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    لأول مرة.. مستشفى قنا العام" يسجل "صفر" في قوائم انتظار القسطرة القلبية    عمرو أديب يطالب الحكومة بالكشف عن أسباب المرض الغامض في أسوان    تعليم الإسكندرية يشارك في حفل تخرج الدفعة 54 بكلية التربية    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    أخبار × 24 ساعة.. انطلاق فعاليات ملتقى فنون ذوي القدرات الخاصة    انقطاع الكهرباء عن مدينة جمصة 5 ساعات بسبب أعمال صيانه اليوم    حملات توعية للسيدات حول خطورة الطلمبات الحبشية بالشرقية    الأهلي في السوبر الأفريقي.. 8 ألقاب وذكرى أليمة أمام الزمالك    حزب الله اللبناني يصدر بيانا عن مقتل قائد "قوة الرضوان" إبراهيم عقيل    تعليم الفيوم ينهي استعداداته لاستقبال رياض أطفال المحافظة.. صور    وزير التعليم العالي يكرم رئيس جامعة طيبة التكنولوجية    حريق يلتهم 4 منازل بساقلتة في سوهاج    الصيف يُغلق حقائبه.. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم السبت: وداع على غير العادة    أكثر شيوعًا لدى كبار السن، أسباب وأعراض إعتام عدسة العين    مصرع طفل قعيد إثر حريق اشتعل بمنزل في العياط    وزير التربية والتعليم يتفقد 9 مدارس بأسيوط لمتابعة جاهزيتها    بعد تصدرها الترند.. أول تعليق من الطرق الصوفية على الطريقة الكركرية    ما هو حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم؟.. فيديو    خالد عبد الغفار: 100 يوم صحة قدمت 80 مليون خدمة مجانية خلال 50 يوما    الجيزة تحتفل بعيدها القومي    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    دعاء يوم الجمعة: نافذة الأمل والإيمان    الإفتاء تُحذِّر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن المصحوبةً بالموسيقى أو الترويج لها    بعد الموجة الحارة.. موعد انخفاض الحرارة وتحسن الأحوال الجوية    غرق موظف بترعة الإبراهيمية بالمنيا في ظروف غامضة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكتاب الاقتصادى رقم واحد لعام 2015 يطرح السؤال المهم
ما العمل فى مواجهة «اللامساواة»؟

صدر هذا الكتاب للاقتصادى البريطانى أنتونى أتكنسون الأستاذ بجامعة أكسفورد وكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية فى عام 2015 ، وبينما وقع الاختيار على كتاب توماس بيكيتى أستاذ الاقتصاد الفرنسى الذى صدر منذ عامين بعنوان « رأس المال فى القرن الواحد والعشرين» بأنه الكتاب الاقتصادى لعام 2014 فقد اختير كتاب «اللامساواة» لأنتونى أتكنسون من قبل مجلة الايكونوميست وصحيفتى الفاينانشيال تايمز وول ستريت باعتباره الكتاب رقم واحد بين الكتب الاقتصادية التى صدرت فى العام 2015 ، والذى ننفرد بنشرة قبل ترجمته إلى العربية.
....................................................................................................
كتاب بيكيتى الذى أثار جدلا شديدا فى مختلف الأوساط الأكاديمية والاقتصادية والسياسية عندما صدر وحتى الآن والذى يطالب فيه باعادة توزيع الثروة وحذر فيه من تزايد التفاوت بين البشر وهاجم من يدعون أن العدالة فى توزيع الثروة تتحقق تلقائيا مع التنمية وتوسع مساحات الرأسمالية [ المتابع لتجارب كثيرة حققتها عدد من الدول فى مجال التنمية خاصة فى عالمنا الثالث يجد أن التنمية ذهبت الى جيوب رجال الأعمال والفئات الأكثر ثراء ] . وكتاب أتكنسون « اللامساواة» يتفق مع بيكتى الى حد كبير فى الهدف من أهمية مواجهة اللامساواة بآليات جديدة تتفق مع ظروف العصر ويرفض الادعاء بأن التكنولوجيا والعولمة ساهمتا فى زيادة معدلات الفقر وارتفاع البطالة .
اللا مساواة تعد الآن - برغم وجود الظاهرة منذ فجر التاريخ – المشكلة التى تهدد سلام الدول . والحرب على التفاوت الطبقى داخل المجتمعات والفروق الهائلة فى الدخل والثروة بين الأفراد ، تأتى أهمية مواجهتها فى الدول الديمقراطية فى الغرب قبل الحرب على الارهاب .
لكن مشكلة اللامساواة فى عصرنا الحديث لم تعد معضلة بلا حل – وأتكنسون تطغى على كتابه نغمة مليئة بالتفاؤل - فنظرة أمينة على خريطة اقتصاديات العالم تكشف لنا عن أن دولا كثيرة نجحت بعد سنوات الحرب العالمية الأليمة فى خفض اللامساواة وتقريب المسافات داخل المجتمع . وأمامنا تجارب ناجحة لدول حققت فى العقود الثلاثة الأخيرة طفرات هائلة فى التنمية وفى نفس الوقت خفض نسبة الفقر وتقليل المسافة فى الدخول بين أبناء المجتمع .
اللامساواة ليست فقط فى دخول الأفراد وليست فقط فى الرواتب والثروات ، ولكن المساواة يجب أن تكون بين جميع أبناء المجتمع بصرف النظرعن انتماءاتهم العرقية والسياسية والدينية وأن يكون الجميع سواء أمام القانون وفى الحصول على فرص العمل والتعليم والعلاج والدواء والمسكن المناسب .
كتب ودراسات متعددة صدرت فى الغرب فى السنوات الأخيرة تبحث فى قضية اللامساواة لعلماء وباحثين فى الاقتصاد وعن حلول موضوعية لها خاصة فى مجتمعات الظلم والظلام الاجتماعى وما يطلق عليها مجتمعات ال %1 وال %99 . ولكن وباستثناءات قليلة فان معظم هذه الكتب صدرت عن إقتصاديين فى الغرب ليست لديهم المشكلات الحادة التى تنجم عن اللامساواة ، بينما أساتذة الاقتصاد فى عالمنا الثالث التى تعانى أوطانهم من فروق هائلة فى الدخل داخل مجتمعاتهم يبدو أن المشكلة تبدو غائبة تماما عنهم وعن مشاعرهم .
[ تحدث توماس بيكيتى فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة فى الأسبوع الماضى عن ورقة بحثية قدمها مع زميله « ألفاريدو» عن أسباب أن مصر تتمتع بمساواة نسبية فى الدخل وفقا لمعادل جينى ، لكنه أشار الى قصور « جينى» بالنسبة للحالة المصرية بسبب غيلب الشفافية والمعلومات والأرقام الحقيقية فى معظم الأحيان كتاب بيكيتى ترجمه الى العربية الباحثان وائل جمال وسلمى حسين وصدر هذا الأسبوع .
اللا مساواة مشكلة اقتصادية واجتماعية وسياسية وأخلاقية وإنسانية – طبقا لوصف أتكنسون ويتفق معه فى هذا الوصف أيضا الاقتصادى الفرنسى « توماس بيكتى « فى كتابه الذى صدر فى عام 1997 بعنوان « اقتصاديات اللامساواة » وقد حصلت فى الشهر الماضى على الطبعة السابعة التى صدرت فى عام 2014من هذا الكتاب . لكن هناك عددا من الفروق بين كتابى أتكنسون وبيكتى أهمها أن الباحث الفرنسى كان تركيزه أساسا عن الوضع الاقتصادى للمشكلة بينما تناول أتكنسون اللامساواة من جوانبها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية . ويرى بيكتى أنه تغيرت بعض الأرقام والاحصائيات بناء على التطورات السياسية التى شهدها العالم ، لكن البناء والواقع الأليم لعدم المساواة لم يتغير منذ عام 1997 .
كتاب بيكتى مليئ بالرسوم البيانية والاحصائيات والأرقام التى يمل منها القارئ غير المتخصص فى الاقتصاد ، لكنه يطرح عددا من الأسئلة المهمة وهى :
هل تضاعف دخل الأثرياء فى عصر العولمة مرة واحدة أم عشر مرات أم مائة ضعف بينما ازداد الفقراء فقرا ؟.
هل كانت المسافة فى دخل الأثرياء والفقراء فى عام 1950 هى نفس المسافة فى عام1900 أو 1800 ؟
هل عدم المساواة المرتبطة بالبطالة هى المثال الصارخ فى الغرب الآن ، وهل كانت هذه اللامساواة فى تسعينات القرن الماضى أقل حدة ؟
قبل أن أعود الى كتاب « اللامساواة» لأنتونى أتكنسون ، أشير الى مقال نشر فى الأهرام بتاريخ 7 مارس الماضى بعنوان « كل هذا الكلام عن المساواة « بقلم الدكتور جلال أمين أستاذ الاقتصاد فى الجامعة الأمريكية ، ويعد واحدا من الاقتصاديين الكبار القلائل المهتمين بأوجاع مصر ومشاكلها السياسية والاجتماعية والثقافية ، وقد أصدر أكثر من كتاب انتقد فيه سياسات الرئيس الأسبق حسنى مبارك وسنوات حكمه الثلاثين والتى لم تكن سوف تنتهى الا بقيام ثورة 25 يناير التى أطاحت به وبأعوانه الذين حكموا مصر فى عهده .
ماذا قال الدكتور جلال أمين عن اللامساواة وهو إن مصر الدولة التى يعانى شعبها من فروق هائلة بين المالكين والمعدمين ، والمسافات بين الأثرياء الذين توحش كثير منهم فى عهد مبارك وبين الفقراء ومن هم تحت خط الفقر إتسعت بصورة تثير الخجل كما تزيد نسبة الأمية بين أبنائها عن %30 .
الدكتور جلال أمين يتساءل فى السطور الأولى من المقال « عن سر كل هذا الحماس الشديد لمبدأ المساواة فما هو الرائع بالضبط فى تحقيق المساواة الكاملة بين الناس»؟.
يعود الدكتور جلال أمين الى كتاب توماس بيكيتى « رأس المال فى القرن الحادى والعشرين» – الذى أثار غضبا شديدا فى أوساط اليمين الأمريكى والأوروبى من دعاة العولمة وعدم تدخل الدولة فى أدوات الانتاج وتحرير السوق من كل القيود وهو ما تسبب فى اتساع مسافات اللامساواة بين الفقراء والأغنياء خلال القرنين الماضيين . ويتساءل : ماهى الدرجة المطلوبة من المساواة فى الدخل والثروة التى يريد المؤلف أن تسود العالم ؟
الباحث الفرنسى ينتقد بشدة النظام الاقتصادى الحديث وقوانين العولمة التى فرضت نفسها فى السنوات الأخيرة وضاعفت من ثروات الأغنياء بينما زادت أعداد الفقراء .
أنا لاأتفق بالطبع مع رأى الدكتور أمين فى أن المجتمعات سعيدة باللامساواة بين أبنائها لكننى أتفق معه أن المساواة الكاملة لم تتحقق فى أى مجتمع منذ فجر التاريخ . لكن من يكتبون عن المساواة فى الغرب لايقصدون أن تتحقق المساواة الكاملة بين الأفراد ، وقد كان تحقيق المساواة التى هى قاعدة العدالة الإجتماعية المطلب الرئيسى فى كل ثورات العالم فى العصر الحديث .
كنت أتصور من الاقتصادى الكبير والمؤرخ والمثقف أن يدافع عن المساواة بين الناس ليس فقط من منطلق إقتصادى بل كضرورة إنسانية لسلام المجتمع فنحن لن نكون سعداء عندما ننام وبطوننا مليئة بينما جيراننا بطونهم خاوية لايجدون الطعام الذى يسدون به رمقهم ..! فاذا كانت المساواة الكاملة لن تتحقق فالمطلوب على الأقل الحد الأدنى للمساواة .
يقول أنتونى أتكنسون أن كتابات كثيرة تظهر كل يوم تنتقد مجتمع ال %1 وال%99 والمجتمعات زاد إدراكها بمشكلة المساواة هذه الأيام . وقد أعلن الرئيس الأمريكى باراك أوباما ورئيسة صندوق النقد الدولى كريستين لاجارد أن حل مشكلة تزايد اللامساواة يجب أن يكون له الأولية فى برامج الحكومات .
وعندما أجرى أحد مراكز الأبحاث السياسية والاقتصادية الأمريكية دراسة ميدانية حول اللامساواة فى المجتمع فى عام 2004 وسأل عينات مختلفة من الأفراد عن « أهم خطر يواجه العالم « كانت الاجابة فى كل من الولايات المتحدة وأوروبا « أن القلق من اللامساواة يتجاوز كل المخاطر التى تواجه العالم « . لكننا اذا كنا جادين بالفعل فى خفض اللامساواة فى الدخول ، فماذا يمكننا أن نفعل ؟ وكيف نترجم الادراك العام بخطورة المشكلة الى سياسات وقوانين وبرامج بهدف تخفيض فجوة عدم المساواة بين الأفراد ؟
الاجابة على هذه الأسئلة هى موضوع كتاب الاقتصادى أنتونى أتكنسون الذى يعرض فيه رؤيته للمشكلة وكيفية حلها . إنه يطالب بنظام جديد لتوزيع الدخل وإقرار نظم ضريبية غير معتادة تأخذ من الأغنياء لمساندة الفقراء لتقليل مساحة اللامساواة بينهم ، وهو يعرض كل إقتراحاته برؤية مليئة بالتفاؤل من إمكانية حل المشكلة ويعود الى التاريخ – ليس تاريخ الرق والعبودية بالطبع وليس لأنه من الطبيعى أن يكون هناك سادة وعبيد فى كل مجتمع - ولكن ليؤكد لنا أنه اذا توفرت الارادة والنوايا الحسنة والرغبة فى حل المشكلة فمن الممكن هدم كل العقبات التى تحول دون المساواة ، وقد نجحت بالفعل عدة دول فى الحد من مشكلة عدم المساواة بين أبنائها . فليس طبيعيا ولا إنسانيا أن يكون هناك من لديهم القدرة على شراء تذكرة سفر الى الفضاء تزيد قيمتها عن المائة ألف دولارا بينما يوجد فى نفس المجتمع من يعتمدون فى غذائهم على بنوك الطعام . الكاتب يركز على أهمية دور الحكومات وضرورة تدخلها فى الحد من ارتفاع نسب المساواة وألا يترك الأمر لحرية السوق والقطاع الخاص حتى اذا تحققت التنمية بواسطتهم ، فالتنمية لاتخلق مساواة ولا تحد من اللامساواة خاصة عندما يغيب دور الحكومات .
مشكلة عدم المساواة تختلف طبقا للزمان والمكان وحسب التاريخ والجغرافيا . لكن عدم المساواة فى العصور القديمة التى كان الحاكم فيها مطلقا يدعى أنه مفوض من الرب ليحكم رعيته ، تختلف عن اللامساواة فى الدول الديمقراطية الحديثة التى تحكمها مؤسسات وقوانين وأحزاب سياسية تراعى حقوق الانسان ومصالح الشعوب .
عدم المساواة تختلف أيضا فى الدول الصناعية الديمقراطية عنها فى دول العالم الثالث الفقيرة التى تخضع لحكم الفرد ولقهر الجماعات القريبة من الحاكم .
الكتاب الذى يقع فى 400 صفحة يتناول تشخيص المشكلة واسبابها بواسطة الخبراء والخطوات التى تستطيع الحكومات اتخاذها وايضا رؤية المؤلف للمشكلة ومخاطرها على المجتمعات إقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ، فيقول : آراء كثيرة تتحدث عن المشكلة ، ولكن هناك اختلافات فى تشخيصها فالمصطلح يختلف من مجتمع لآخر، وعدم المساواة يرتبط بعدة قطاعات داخل المجتمع الانسانى ، فهى لاتقتصر على الفروق فى الدخل فقط ، فهناك اللامساواة بين الأفراد فيما يتعلق بالنفوذ السياسى وفى عدد من المجتمعات ليست هناك مساواة أمام القانون وفى الحصول على فرص العمل . وحتى عدم المساواة الاقتصادية إتسعت المسافات فيها بين الأغنياء والفقراء .
لكن أهم موضوعات الكتاب ما يتعلق بالتاريخ وبأهمية التعلم من الماضى من أجل حل المشكلة أو الحد من مخاطرها . أنه يعرض علينا صورة بالأرقام والرسوم البيانية لتطور اللامساواة عبر المائة عام الماضية فالذين لايقرأون الماضى سوف تتكرر أخطاؤهم فى الحاضر . والمشكلة تختلف من دولة لأخرى ، لكن كما يتضح فقد تحقق تقدما هائلا فى المائة عاما الماضية . ويعرض المؤلف رسوما تؤكد نجاح عدة دول فى التغلب على اللامساواة الاقتصادية وتحقيق قدرا من المساواة بين أبائها . فقد قلت اللامساواة بعد الحرب العالمية الثانية وبالتحديد منذ عام 1945 وحتى 1970 . لكن القوى التى دفعت الى خفض المشكلة تختلف فى تلك الفترة عن تلك القوى التى جاءت عقب الثمانينات وتسببت فى زيادة مسافة اللامساواة . والمؤلف هنا يحدد الفترة الزمنية بصعود اليمين الى الحكم فى الولايات المتحدة وأوروبا منذ أن تولى رونالد ريجان الحكم فى الولايات المتحدة ومارجريت ثاتشر فى بريطانيا . لكن فى هذا الفصل – الثالث – يتناول أتكنسون أيضا إقتصاديات عدم المساواة فى العقود الثلاثة الأخيرة والتى كان أهم أدواتها التكنولوجيا والعولمة وهما القوتان اللتان تلعبان دورا مهما فى سياسات سوق العمالة فى الدول الغنية والنامية وقد تسببا فى زيادة الفجوة فى توزيع الرواتب . لكنه يؤكد فى فصل آخر أننا لايجب أن نضع التكنولوجيا والعولمة كأسباب لزيادة نسبة اللامساواة ، فقد زادت اللامساواة فى أوروبا والولايات المتحدة منذ أول الثمانينات قبل ظهور الكمبيوتر والعولمة .
التعليم والتدريب
يضع المؤلف زيادة الاستثمارات فى التعليم ووضع برامج للتدريب ولتنمية المهارات كأهم عوامل محاربة عدم المساواة بما يؤدى الى المساواة فى فرص العمل ، ويضيف أن أى مجتمع إنسانى يجب أن يسعى الى تحقيق هذه المساواة فى الفرص تجنبا لأي صراعات أو أحقاد بين أبناء المجتمع . هناك أيضا الانتماء الاجتماعى والطبقى فالذين يرثون الثروة يختلفون بالطبع عن المعدمين . وهنا يطالب بفرض ضرائب عالية على الورثة الذين تأتى الثروة لهم دون أى جهد أو عمل
توزيع الثروة فى المجتمع يشغل المساحة الأكبر فى الكتاب ، فالحكومات مطالبة باعادة توزيع الثروة بين أفراد المجتمع بما يحقق العدالة بين الجميع .
المؤلف يشير الى عدم المساواة بين الرجال والنساء حتى فى الدول المتحضرة نتيجة قيم وتقاليد بالية ، فقد تبين أن الرجل الأمريكي يحصل فى المتوسط على مرتب يزيد عن الذى تحصل عليه المرأة بنسبة 20%.
لكن الفجوة فى المرتبات بين الرجال والنساء إنخفضت منذ منتصف التسعينات فى الغرب ماعدا فى بريطانيا واليابان ، كما إنخفضت اللامساواة فى دخول الأسر الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية فى الولايات المتحدة وعدد من دول أوروبا نيجة خروج أكثر من 40% من الزوجات الأمريكيات والأمهات للعمل لمشاركة الأزواج فى أعباء الحياة نتيجة إرتفاع أسعار السلع .
اللامساواة هى أيضا مشكلة عالمية تواجه كل سكان العالم وتعكس اللامساواة داخل الدولة وبين دول العالم . لكن عدم المساواة فى الدخل زاد فى السنوات الأخيرة بصورة تثير الفزع . إننا يجب أن نعود الى الوراء ونتابع أسباب زيادة وإنخفاض مسافات عدم المساواة . ولكن يجب أن تكون لدينا دراسات وأرقام موثقة لنتعرف على حقيقة المشكلة وطرق علاجها فى المستقبل .
تبين أن عدم المساواة تقل عندما تقدم الدولة خدماتها فى التعليم والصحة مجانا لكل أفراد الشعب ، وعندما تقوم الحكومات بدعم الاسكان والمواصلات العامة للفئات الفقيرة . بينما تزداد نسبة الجريمة والبلطجة والفساد فى المجتمعات التى تتسع فيها المسافات بين الأغنياء والفقراء .
كتاب أنتونى أتكنسون لا ينافس كتاب بيكتى ولكن الكتابين يتحدثان عن قضية واحدة هى اللامساواة والتى يرونها الأكثر خطورة فى المجتمعات المعاصرة . هدف الكتابين واحد وهو أن حل هذه المشكلة ممكن اذا حسنت النوايا وتدخلت الحكومات بمختلف مالديها من وسائل لصالح الغالبية من أبنائها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.