بيزنس «الأبلكيشن» يستنزف جيوب أولياء الأمور    منطقة السويس الأزهرية تعلن أسماء أوائل الإعدادية    محافظ المنيا: الشون والصوامع تواصل استقبال القمح وتوريد 377 ألف طن    نائب وزير المالية: الدولة قطعت شوطا كبيرا فى إرساء دعائم الحياد الضريبي من أجل تمكين القطاع الخاص    «بيطري المنوفية» تنظم قافلة للكشف على الحيوانات في قرية أبنهس غدا    مركز تحديث الصناعة يستعرض الخدمات المقدمة إلى الشركات لدعم التحول الأخضر    جنرال إسرائيلي: تحرير المحتجزين الأربعة لن يغير الوضع في غزة    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 37 ألفا و84 شهيدا منذ «7 أكتوبر»    رئيسة المفوضية الأوروبية تدلى بصوتها في انتخابات البرلمان الأوروبي    البابا فرنسيس يحث حماس وإسرائيل على استئناف المفاوضات ويدعو لإنقاذ شعب غزة المنهك    اختبار طبي لمدافع الزمالك في مران اليوم لتحديد موقفه من التدريبات    كرواتيا تحقق فوزا تاريخيا على البرتغال    قبل الامتحانات.. تعرف على توزيع درجات المواد غير المضافة للمجموع    حملات أمنية مكثفة لضبط الأسواق والتصدى للتلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    اعتدال بسيط في درجات الحرارة بمحافظة بورسعيد ونشاط للرياح.. فيديو وصور    ضبط مالك مطبعة نسخ مطبوعات تجارية بدون تفويض بالقليوبية    «الصرف الصحي» بالقاهرة تحذر من خطورة إلقاء مخلفات الأضاحي بالشبكات    محامي عمرو دياب: الشاب شد البدلة وأجبره على التصوير بشكل غير لائق    أيمن الشيوي يكشف سر ابتعاد الجمهور عن المسرح القومي    «صورة أرشيفية».. متحف كفر الشيخ يعلن عن قطعة شهر يونيو المميزة    منورة يا حكومة    محافظ أسوان: رفع درجة الاستعداد بالمستشفيات والوحدات الصحية لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة    «الصحة»: انتهاء قوائم انتظار عمليات قسطرة القلب بمستشفى السويس العام    تفاصيل زيادة المعاشات يونيو 2024 وموعد صرف معاشات شهر يوليو بالزيادة الأخيرة 15%    سفاح التجمع عن علاقاته الجنسية وممارسة الرذيلة: "كنت عايز أثبت لنفسي إني لسه كويس وراجل"    في ذكرى رحيل عبد الله محمود.. بدأ موظفًا في كلية الزراعة وتعاون مع عمالقة النجوم وهزمه السرطان (تقرير)    تقرير ل«أ ش أ»: مواقيت الإحرام.. محطات للاستعداد وبوابات لدخول ضيوف الرحمن بيت الله الحرام    ثنائي الأهلي يتلقى عروضًا من الدوري السعودي    مصادر ل «أهل مصر»: دمج وزارتي «النقل» و«الطيران» تحت قيادة كامل الوزير    «لدغة» إندريك تمنح البرازيل الفوز على المكسيك    «لأعضاء هيئة التدريس».. فتح باب التقدم لجوائز جامعة القاهرة لعام 2024    درجات الحرارة وصلت 50.. بيان عاجل من النائبة بشأن ارتفاع درجات الحرارة في أسوان    أفضل الأدعية والأعمال في يوم التروية    لتنفيذ التوصيات.. رئيس «الشيوخ» يحيل 14 تقريرا إلى الحكومة    ميدو: الزمالك اتظلم في ملف نادي القرن    عمرو محمود يس وياسمين عبدالعزيز في رمضان 2025 من جديد.. ماذا قدما سويا؟    إدريس : أتوقع أن نحقق من 7 إلى 11 ميدالية في أولمبياد باريس    «التضامن الاجتماعي» توافق على قيد ونقل تبعية 3 جمعيات بالقاهرة والغربية    العمل: زيارات ميدانية لتفقد مواقع الإنتاج بأسيوط    فكري صالح: مصطفى شوبير حارس متميز وشخصيته في الملعب أقوى من والده    محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية والخدمية بمركزي أبو حماد والزقازيق (تفاصيل)    «معلومات الوزراء» يلقي الضوء على ماهية علم الجينوم وقيمته في المجالات البشرية المختلفة    أستاذ صحة عامة يوجه نصائح مهمة للحماية من التعرض لضربات الشمس    وزيرة البيئة: إطلاق مركز التميز الأفريقي للمرونة والتكيف بالقاهرة خلال 2024    «مع بدء طرح أفلام العيد».. 4 أفلام مهددة بالسحب من السينمات    برقم الجلوس.. الموقع الرسمي لنتيجة الصف الثالث الإعدادى 2024 الترم الثاني للمحافظات (رابط مباشر)    «الداخلية»: ضبط 552 مخالفة عدم ارتداء الخوذة وسحب 1334 رخصة خلال 24 ساعة    عالم أزهري يوضح فضل الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة وكيفية اغتنامها    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    «الإفتاء» توضح أعمال يوم النحر للحاج وغير الحاج.. «حتى تكتمل الشعائر»    شركة فولفو تنقل إنتاج السيارات الكهربائية من الصين إلى بلجيكا    الملامح النهائية للتشكيل الحكومي الجديد 2024    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    حزب الله يستهدف موقع الرمثا الإسرائيلي في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة    «البحرية البريطانية» تعلن وقوع حادث على بعد 70 ميلا جنوب غربي عدن اليمنية    هذه الأبراج يُوصف رجالها بأنهم الأكثر نكدية: ابتعدي عنهم قدر الإمكان    من تعليق المعاهدات إلى حرب «البالونات» الأزمة الكورية تتخذ منعطفًا خطيرًا    أمير هشام: كولر يعطل صفقة يوسف أيمن رغم اتفاقه مع الأهلي ويتمسك بضم العسقلاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البقاء والبناء:معارك الجيش على الجبهة الداخلية بعد الحراك الثورى
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 03 - 2016

منذ 3 يوليو 2013 - وحتى الآن - والجيش المصرى يواصل اشتباكه بكثافة على جبهتين معا، وبشكل متزامن. الجبهة الأولى: «حرب البناء والتنمية»، والثانية: «حرب الحفاظ على مقدرات الدولة فى مواجهة الإرهاب». الجبهتان معا تعكسان توافر الإرادة لمواجهة تحدى «البقاء والبناء» فى لحظة استثنائية يعانيها الوطن.
وكذلك تترجمان المعنى المتعلق بأن التنمية الإقتصادية هى أحد المداخل الهامة لمعالجة التطرف الذى شهدته البلاد على مدى السنوات الماضية، وارتفع منسوبه فى مرحلة ما بعد الحراك الثورى فى الإقليم منذ خمس سنوات.
حيث تفاعلت بيئة داخلية ضاغطة مع تحولات إقليمية سائلة فى تغذية أعمال من شأنها إنهيار الدول الوطنية وسقوط النظم السياسية، واستطاعت مصر النجاة من هذا السيناريو الكابوسى بفضل الموقف البطولى للقوات المسلحة التى انحازت للإرادة الشعبية، فى 25 يناير 2011 لإسقاط نظام حسنى مبارك وفى 30 يونيو 2013 لإسقاط حكم الإخوان المسلمين.
سباق الزمن
فى الجبهة الأولى، يسابق الجيش الزمن لتحقيق أعلى معدلات الإنجاز، ويأخذ بزمام المبادرة حاملا على كاهله مهمة القيام بالأدوار الرئيسية فى المشاريع القومية الكبرى (مشروع تنمية محور قناة السويس، ومشروعى المليون وحدة سكنية، والعاصمة الإدارية الجديدة، كأمثلة). وفى هذا السياق يعد مشروع تنمية منطقة القناة، بداية من بورسعيد ومنطقة القنطرة ثم الإسماعيلية والسويس وخليج السويس، هو الأضخم فى منطقة الشرق الأوسط، بما يشمله من تطوير موانئ وطرق ومناطق لوجستية، ومنطقة صناعية تقام على مساحة 40 مليون متر مربع. فضلا عن أن ال6 أنفاق الجديدة المخصصة للسيارات والسكة الحديد، ستكون بوابة كبيرة للتنمية فى سيناء، وسيتحرك الجميع بسهولة من الإسماعيلية وبورسعيد إلى سيناء بعد أن يتم ربطها بالوطن الأم مصر.
من ناحية أخرى، يمكن تصنيف مساهمة الجيش فى المجال الاقتصادى ضمن نمطين رئيسيين: المشاركة فى تنمية الهيكل الاقتصادى للبلاد، والمشاركة فى تطوير أنشطة اقتصادية محددة مثل الزراعة. وبالاعتماد على البيانات الرسمية التى وفرها جهاز مشروعات الخدمة الوطنية (هيئة تابعة للجيش نشأت بموجب القرار الجمهورى رقم 32 لسنة 1979، يمتلك 21 شركة تعمل فى قطاعات مدنية متنوعة) من خلال بيان تم توزيعه على المراسلين العسكريين فى مايو 2015، يمكن الوقوف على الحجم النسبى لعمليات الجهاز:
ففى الزراعة يقوم الجهاز باستصلاح وزراعة مائة ألف فدان فى منطقة شرق العوينات بالصحراء الغربية حيث يتركز القسم الأكبر من مزارع القوات المسلحة، وتنتج تلك المزارع نحو 78 ألف طن تقريبا من القمح سنويا، و156 طن من زيت الزيتون، و25 ألف طن من منتجات الألبان بالإضافة إلى 2000 طن من اللحوم الحمراء ونحو 30 مليون بيضة سنويا، وتمتلك نحو 16 ألف رأس ماشية، ونحو 60 ألف طن من الأعلاف الحيوانية.
وبجانب السلع الاستهلاكية فإن جهاز مشروعات الخدمة الوطنية يمتلك شركة العريش للأسمنت والتى تنتج ما يتراوح بين 2.5 و3 مليون طن اسمنت سنويا، كما تضطلع شركة النصر للكيماويات الوسيطة بإنتاج الأسمدة، وبلغ إنتاجها نحو 150 ألف طن سنويا لصالح قطاع الزراعة.
الدفاع الفعال
وبمقارنة تلك الأرقام والكميات التى تنتجها شركات الجهاز، بحجم الإنتاج الكلى فى مصر، يمكن القول بأن إستراتيجية التوسع الاقتصادى للجيش تقوم على تأمين حصص سوقية لا الهيمنة أو النزوع نحو السيطرة على قطاعات إقتصادية، الأمر الذى يُمكن الجيش من تحصيل شروط القيام بمهام «الدفاع الفعال»، ولا يتناقض فى ذات الوقت مع إيمان المؤسسة العسكرية بأهمية دور القطاع الخاص فى تحقيق التنمية.
وقد اتسعت المشروعات التى تم إسنادها للقوات المسلحة خلال حكومة حازم الببلاوى، ولكن ذلك جرى فى وقت استثنائى من حيث الاضطراب السياسى وانخفاض الاستثمارات الخاصة نتيجة إحجام القطاع الخاص، ومن ثم كان من الضرورى أن يتقدم الجيش لكى يسهم بثقل فى دفع عجلة الاقتصاد قدما إلى الأمام بعد تعثر متواصل فى مواجهة تبعات ثورتين متتاليتين.
وفى الجبهة الثانية، يقوم الجيش – اضطرارا- فى بعض الأحيان بمهام تدخل فى صميم اختصاص المؤسسة الأمنية. من ذلك، على سبيل المثال، قانون حماية المنشآت العامة، الذى صدر فى أكتوبر 2014، ويخول الجيش مهمة حماية وتأمين المنشآت العامة إلى جوار الشرطة، لمدة عامين تنتهى فى سبتمبر 2016.
مخاطر الإرهاب
والملاحظ أن هذا القانون يأتى متسقا مع تولى الجيش الأدوار الرئيسية فى مكافحة الإرهاب. كما أن تأطيره بإطار زمنى يعكس طبيعته الإستثنائية، كونه قد جعل المنشآت العامة فى حكم المنشآت العسكرية، وهو وضع استثنائى لا يمكن تبريره إلا فى سياق وصول المخاطر إلى مستوى أعلى من أى وقت سابق، وهذا ما تعكسه الاحصائيات المتعلقة بالعمليات الإرهابية التى تعرضت لها البلاد خلال الفترة ذاتها.
من ناحية أخرى، فإن طريقة أداء الجيش على هذه الجبهة تدل على إدراك القيادة التام للفرق الكبير بين «إدارة المسألة الأمنية» و«حسم المسألة الأمنية». ففى الحالة الأولى يتطلب الأمر استخدام الأداتين العسكرية والأمنية بكثافة من أجل النزول بسقف التحديات إلى المستوى الذى يمكن التعايش معه، والذى لا يحول بين الدولة المصرية وبين تحقيق أهدافها على مسرح العمليات.
أما الحالة الثانية فتتطلب مقاربة مختلفة تتجاوز بكثير البعدين العسكرى والأمنى إلى حيث الأبعاد الأخرى: كالإقتصادية والاجتماعية والثقافية. والشاهد على هذا الإدراك أن التخطيط لإقامة مدينة «رفح الجديدة» كان بالتزامن مع التخطيط لإقامة المنطقة العازلة على طول خط الحدود مع قطاع غزة، ومع التخطيط كذلك للعمليات العسكرية والأمنية فى شمال سيناء.
وفى هذا السياق، بلغ عدد العمليات، ضمن مكافحة الإرهاب، 1096 عملية حتى ديسمبر 2015. أسفرت عن مقتل 545 من العناصر الإرهابية، كما تم القبض على 394 عنصر. أيضا تم تفكيك وتفجير 544 عبوة ناسفة وتدمير 187 وكرا للإرهابيين، ما بين مخازن وخنادق ومغارات، فضلا عن اكتشاف أكثر من 1670 فتحة نفق فى منطقة رفح. كذلك تم ضبط ألف مفجر كهربائى، وحوالى طن ونصف من المتفجرات، وكميات كبيرة من الأسلحة والزخائر. والمتوقع أن تمثل نتائج المرحلة الثانية من عملية «حق الشهيد» نقطة تحول باتجاه تحقيق نتائج أفضل على مسار البعدين العسكرى والأمنى لمكافحة الإرهاب.
ومع كل ذلك، يحتاج أداء الجيش على الجبهتين معا إلى التقييم الموضوعى الذى يأخذ بعين الاعتبار معطيات الواقع الراهن بكل تعقيداته وتحدياته. وحدود الخيارات المتاحة فى لحظة استثنائية من تاريخ البلاد والإقليم ككل، تتسم بدرجة عالية جدا من المخاطر. لكن من اللافت، فى هذا السياق، أن الرافضين لممارسة الجيش أدوارا تتخطى دوره التقليدى (أى الدفاع عن الوطن) يغفلون عن معطيات العقدين الماضيين بشأن أدوار الجيوش فى التنمية الوطنية فى الدول النامية، ويسقطون من حساباتهم الاعتبارات الإقتصادية لهذا التدخل.
كذلك يبدو أنهم قد فاتهم النظر فى تجارب بعض الدول التى تمتلك جيوشا كبرى فى الإقليم كتركيا واسرائيل (بشكل أساسي) وباكستان وإيران (بدرجة أقل) والتى أظهرت أن القوات المسلحة يمكن أن تلعب أدوارا تنموية واجتماعية كبيرة، من دون أن يؤثر هذا على الفاعلية العسكرية. فضلا عن أنهم (فى سياق الجدل حول دور المؤسسة العسكرية فى التنمية الوطنية) لا يعيرون اهتماما للاتجاهات الحديثة المستقرة الآن بشأن مفاهيم: «الحرب الشاملة» و «الدفاع الفعال».
دواعى التدخل
فمن ناحية، يستند تدخل الجيش المصرى فى مجال التنمية الداخلية إلى أرضية اقتصادية تتمثل في:
- أن المشروعات ذات الكلفة المرتفعة جدا تصبح ممكنة إذا ما نفذتها القوات المسلحة. يحدث هذا لأن نفقات محددة (مثل الأجور ونفقات الاستضافة والإعاشة) يتم الوفاء بها بشكل أو بآخر تلقائيا فى حالة استخدام القوات المسلحة فى هذا العمل.
- فى أغلب الحالات، تتوافر متطلبات تطوير البنية التحتية، لدى الجيش بأكثر مما تتوافر لدى أى مؤسسة أخرى. أى أن القوات المسلحة عادة تكون مستعدة أكثر من غيرها كى تساهم فى تنمية البنى التحتية، إذ أن عناصرها مدربة على مشروعات الهندسة والاتصالات لأغراض عسكرية. بل وتتعدد أيضا أغراض تلك المشروعات لتشمل أغراضا عسكرية ومدنية على السواء.. فتحسين الطرق وشبكات الاتصال ترفع الكفاءة العسكرية، كما أنها تحسن الوضع الاقتصادى أيضا. وهذا الأمر لا يقتصر على مصر وحدها، بل يشمل دولا أخرى فى الإقليم. من أمثلة ذلك، تطوير الجيش التركى، قبل سنوات، لشبكة طرق سريعة وحديثة، أسهمت فى زيادة كفاءة خطوط مواصلات واتصالات الجيش، وكذلك فى انسيابية حركة التجارة الداخلية. كذلك باكستان، كانت مشروعات الطرق التى يشيدها الجيش تدخل ضمن خطة تنموية شاملة. لكل تلك الاعتبارات السابقة، أصبحت الكثير من البلدان على دراية بقدرة الجيش على المساهمة فى هذه المجالات، وأصبحت المشروعات التى ينفذها الجيش تُقاس بجدواها العسكرية والتنموية.
ومن ناحية ثانية، الذين يعتقدون بأن تدخل القوات المسلحة فى مجالات التنمية يؤثر سلبيا، على المهمة الرئيسية لها – الدفاع الفعال عن البلاد- ربما يتعين عليهم الوقوف على دلالات تجربة الجيش خلال السنوات الخمس الماضية !! وفى هذا السياق ليس بالإمكان أن تفوتنا ملاحظة أن الفترة التى ازداد فيها انخراط الجيش فى الشأن الداخلى، هى ذاتها التى زاد فيها نشاطه على صعيد القيام بمهام وظيفته الأصلية، والشاهد على ذلك، الإشتباك الدموى الكثيف مع شبكات الإرهاب فى سيناء منذ سبتمبر 2013 وحتى الآن، فضلا عن التدابير الإحترازية على حدودنا الغربية. فالجيش المصرى يواجه حالة حرب حقيقية وخاصة على أطراف الدولة المصرية.
وهى اللحظة ذاتها التى تكثفت فيها برامج التدريب لرفع الكفاءة القتالية لوحداته. بل وهى ذاتها التى إزدادت فيها أيضا محاولات تنويع مصادر السلاح، بل وتوطين التكنولوجيا العسكرية أيضا. بعد أن ضاعف الجيش جهوده لإبرام اتفاقات إنتاج مشترك مع شركات دفاع أجنبية، الأمر الذى لا يعنِ فقط توفير فرص أفضل لصادرات مستقبلية، بل أيضاً الحصول على مداخل إلى تكنولوجيات جديدة.
وعلى سبيل المثال، فى 11 فبراير 2011 (تماماً فى ذات الوقت الذى كان فيه الرئيس الأسبق حسنى مبارك يتأرجح على شفير الاستقالة القسرية) أعادت البحرية المصرية التفاوض حول عقد بقيمة 13 مليون دولار مع شركة «سويفتشيب» سبق أن وُقِّع فى العام 2008. ونصّ العقد المعدَّل، الذى زادت كلفته بنحو 20 مليون دولار لسفن الدورية الأربع نفسها التى وردت فى العقد الأصلي، على أن يشارك حوض مصرى لبناء السفن فى تجميع هذه السفن وإنتاجها. وتضمّن أيضاً نقل التكنولوجيا، وبناء منشآت جديدة، واستيراد معدات جديدة، وعقوداً طويلة الأمد لقطع الغيار والصيانة، وتدريباً جديداً للعنصر البشري.
حرب شاملة
ومن ناحية ثالثة، فى سياق «الحرب الشاملة»، لا يكفى أن تدافع القوات المسلحة عن بلادها فقط بأن تعد نفسها للحرب النظامية، خاصة إذا ما كانت الحرب تتم بالتزامن فى مجالات عديدة (سياسية، اقتصادية، دبلوماسية وعسكرية) وإنما يبدو منطقيا أن تحاول المؤسسة العسكرية المنوط بها مهام الدفاع عن البلاد، مكافحة هذا التهديد، ليس فقط فى ساحة المعركة، بل أيضا على أصعدة أخرى. وربما فى بعض الأحيان تصبح مساهمة القوات المسلحة فى التنمية الوطنية أمرا حتميا، كى تضمن أن تجهيزاتها الدفاعية لن تذهب هدرا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.