سؤال برلماني حول معايير اختيار أسماء المرشحين في التشكيل الحكومي    الضرائب: 15 يوليو بدء تطبيق المرحلة السادسة من «توحيد معاييراحتساب ضريبة الأجور»    بدأت اليوم.. موعد صرف مرتبات شهر يونيو 2024 قبل إجازة عيد الأضحى وفقًا لوزارة المالية    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأحد    وزير المالية: حريصون على دعم تعزيز الاستدامة المالية للنظم الصحية الأفريقية    معلومات المناخ: موجة شديدة الحرارة بداية من الأربعاء لمدة 10 أيام    وزير الإسكان: حملات مكبرة على الإشغالات والظواهر العشوائية ب6 مدن    سلطنة عمان تدين الهجوم الإسرائيلي الوحشي على مخيم النصيرات    حماس: مصر وقطر لم تبلغا قادة الحركة بمواجهة الاعتقال إذا رفضوا صفقة التهدئة مع إسرائيل    طائرات الاحتلال المروحية تطلق نيرانها شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة    3 شهداء وعدد من الجرحى في قصف إسرائيلي استهدف منزلا بمخيم البريج بغزة    الصحة الروسية تعلن عن موعد كشف نتائج الدراسات السريرية للقاح السرطان    الخارجية الكويتية: مجزرة النصيرات تمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي    موعد مباراة الاتحاد والأهلي في نهائي دوري السوبر لكرة السلة والقنوات الناقلة    بهدف قاتل من إندريك.. البرازيل تفوز على المكسيك ودياً استعدادا لكوبا أمريكا (فيديو)    نجم الزمالك السابق يرد.. هل أخطأ حسام حسن بمشاركة الشناوي؟    موجة شديدة الحرارة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس حتى نهاية الأسبوع    تجهيز 100 لجنة لاستقبال 37 ألف طالب وطالبة لامتحانات الثانوية بالمنيا    السعودية توفر شرائح إنترنت واتصال مجانية لضيوف الرحمن    السكة الحديد: تخفيض السرعة المقررة للقطارات نظرا لارتفاع درجات الحرارة    «السكة الحديد» توجه نداءً عاجلاً للركاب بسبب ارتفاع درجات الحرارة    مصرع ربه منزل فى حادث قطار "القاهره/أسوان" بسوهاج    نشرة مرور "الفجر".. انتظام حركة المرور بشوارع القاهرة والجيزة    شاهد عيان في واقعة عمرو دياب: «المعجب هو اللي وصل نفسه للضرب»    هذه الأبراج يُوصف رجالها بأنهم الأكثر نكدية: ابتعدي عنهم قدر الإمكان    الليلة.. عرضان في ثاني أيام مهرجان فرق الأقاليم المسرحية تعرف عليهما    هيئة الرعاية الصحية: نستهدف الاستفادة من الخبرات العالمية لمؤسسة مجدي يعقوب    جامعة عين شمس تتقدم في تصنيف QS العالمي 133 مرتبة    جامعة عين شمس تتقدم في تصنيف QS العالمي    الأحد 9 يونيو 2024 .. البنك المركزي يطرح أذون خزانة ب 55 مليار جنيه    صربيا تفوز على السويد بثلاثية دون مقابل وديا قبل يورو 2024    اليوم.. جمعية الفيلم تقيم تأبينًا ل صلاح السعدني وعصام الشماع ونادر عدلي    عن أى أساطير تتحدثون؟!    من تعليق المعاهدات إلى حرب «البالونات» الأزمة الكورية تتخذ منعطفًا خطيرًا    أبرز لقطات البرومو الرسمي لفيلم "عصابة الماكس"    البحرية البريطانية: اندلاع النيران في سفينة جراء إصابتها بمقذوف في خليج عدن    اليوم.. محاكمة المتهم بإنهاء حياة 3 مصريين في قطر    وصفات طبيعية لعلاج قشرة الرأس، أبرزها الزبادي وزيت شجرة الشاي    فضل الدعاء في هذه الأيام المباركة.. لا يرده الله    للحجاج والمعتمرين.. محظورات لا يجب فعلها أثناء الحج    «البترول»: خططنا لتلبية احتياجات الكهرباء من الغاز أو المازوت    «مين هيقدر يديره؟».. القيعي يكشف سبب رفضه لتعاقد الأهلي مع ميدو    ما سبب الشعور بالصداع عند الاستيقاظ من النوم؟.. «السر في التنفس»    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. «هيئة الدواء» تسحب أدوية جديدة من الصيدليات.. انفراد..النيابة العامة تحيل «سفاح التجمع» لمحاكمة عاجلة أمام «الجنايات».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأحد: 48 ساعة قبل عودة الغليان (تفاصيل)    أمير هشام: كولر يعطل صفقة يوسف أيمن رغم اتفاقه مع الأهلي ويتمسك بضم العسقلاني    تحرك عاجل من السعودية بشأن الحج بدون تصريح    أسامة كمال: الحكومة المستقيلة لهم الاحترام.. وشكل الوزارة الجديدة "تكهنات"    ياسر إدريس: لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف    ماذا قالت سيدة التوقعات مع عمرو أديب عن العوضي وياسمين عبد العزيز وأمل ماهر وشيرين؟ (فيديو)    «هيكسروا الدنيا».. سيف زاهر يكشف ثنائي جديد في الزمالك    خبير مائي: سد النهضة على وشك الانتهاء من الناحية الخرسانية وسيولد كهرباء خلال سنتين    جامعة العريش تطلق مبادرة شاملة لتأهيل الخريجين لسوق العمل    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    حظك اليوم برج الدلو الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غني لها أساطين الطرب بورسعيد‏..‏ أنشودة الفداء
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 03 - 2012

مما لاشك فيه أن الثلاثين عاما الماضية ساهمت في تجريف أرض الغناء المصري والعربي وضربت الذائقة السليمة في مقتل بعدما تراجعت المفرادات والمعاني بصورة يندي لها الجبين‏, وجنح قاموس التطريب نحو مفردات مستهلكة لا تشفي القلوب العليلة ولا تبعث الأمل في وجداننا الوطني الذي يرتبط بطينة هذه الأرض التي علمت البشرية جوهر الحضارة الإنسانية النابعة من بين ضفتي نهر النيل الذي روي شجرة الحياة والفن في مصر علي مدار التاريخ.
وكما هو حال التراجع علي مستوي الكلمة الشاعرة المعبرة عن نبض الحياة الباعثة علي الوطنية جاءت الموسيقي في معظمها نشاز مقتبس من ألحان تركية وإسبانية وإنجليزية, ولأنها تصب في نهر الغناء المتهالك فقد طالت تلك الكلمات والموسيقي- للأسف- الأغنيات الوطنية علي جناح الركاكة المخجلة كما إستمعنا وشاهدنا مؤخرا في أعقاب مجزرة بورسعيد التي راح ضحيتها74 شابا, فبعد أن شهدت المدينة الباسلة ملاحم وبطولات محفورة في ذاكرة التاريخ الحي وجسدها أساطين الغناء أمثال( أم كلثوم, شادية, عبدالحليم, فايدة كامل, فريد الأطرش وغيرهم من رواد الطرب الأصيل) ماجعلها أسطورة في الفداء والدفاع عن الشرف صارت بين عشية وضحاها رمزا للعنف الملون بالأحمر والذي هو براء من أهلها وناسها الطيبين أحفاد أبطال56 و67 و73, و الذي ذهبت أروحهم فداء لهذا الوطن.
والذي يثير إشمئزاز الحس الوطني أن يعاد إنتاج أغنية قديمة بعنوان يارايح بورسعيد تلك التي قدمت أثناء العدوان الثلاثي عام 1956 الثلاثي علي مصر, وكانت علامة مميزة لهذه المدينة بشكل مختلف حتي فوجئنا أن بعض الإعلاميين خاصة الرياضيين الذين يفتقدون لأي ضمير وفقر في المعلومات عن تاريخ بلادهم يتعامل معها علي إنها أغنية جديدة, تظهر شعب بورسعيد إنه شعب همجي يحب الدماء والبلطجة,عبر كلمات رنانة وممجوجة تهدف لشق الصف الوطني وتقول:
يا رايح بورسعيد اكتب لأمك وصية
عشان هتموت اكيد.. وكمان ملكش دية دا
بورسعيد مقبرة للعدوان.
وقدمت أغنيات آخري وطنية عن بورسعيد نابعة من تلقائية الحس الشعبي المصري في محاولة للملمة شمل العائلة المصرية الموجوعة مثل: يا بورسعيد يا حلوة يا سكرة محتار أنا بينك وبين القاهرة, وأغنية شعبان عبدالرحيم:
كفاية بقي شغل ندالة.. الفتنة دايرة وشغالة
حرام عليكم دي بورسعيد هي بلد الرجالة
وأغنية لمطرب بورسعيدي يدعي علي الألفي يقول مطلعها: بلدي بريئة.. واللي حصل ده مؤامرة دنيئة.. رايح أشجع.. عمره ما ينفع أقتل مصري بأي طريقة.. بلد البالة طول عمرها جدعة وشيالة
فضلا عن أغنية لحميد الشاعري بعنوان أنس وعلاء, يرثي فيها أصغر شهداء مذبحة بورسعيد أنس محيي الدين, وشاركه فيها الغناء الملحن مصطفي شوقي, كما قدم الفنان الشاب تامر حسين أغنية بعنوان سلام يا بلدي إهداء منه لشهداء مذبحة بورسعيد, وهي من كلماته وألحانه وتوزيع عادل حقي.
كل مامضي من نماذج غنائية تندرج تحت مسمي الغناء الوطني عن بورسعيد2012 يجعلنا نترحم بلاشك علي أغنيات الجيل الذهبي للأغنية المصرية, الذي وضع بورسعيد في قلبه وأمام عينه, وقدم مجموعة من الأغنيات الخالدة التي خلدت كفاح شعب ومدينة بورسعيد الباسلة والتي تعد المدينة الوحيدة في مصر التي غني لها كل مطربي مصروالعالم العربي, وجاء ذكر إسمها بحروف مكتملة في معظم هذه الأغنيات وهي سابقة نادرة لم تحدث إلا لمدينة القاهرة.
تعالوا معا نستعيد الذكريات العنائية للمدينة المشهود لها بالبسالة والصمود, فعندما نزل العدوان الثلاثي بورسعيد عام1956 ليصب ناره علي مصر الآمنة وجعل من بورسعيد ميدانا لهجومه, إنطلقت الأغاني الوطنية كقذائف المدافع لتقلق المغيرين ولتجمع صفوف المقاتلين ولتحرض المجاهدين, وتحرك شعب بورسعيد ومن خلفه شعب مصر بكامله لرد العدوان وتشيد بشعب بورسعيد مرددة من شعر بيرم التونسي ولحن رياض السنباطي وغناء أم كلثوم:
ثلاث أمم يا بورسعيد
متقدمة بدبابات وطيارات تملا السما.. لأوله: داخله البلاد مستعمرة.. والثانية: بعد الإنكسار متجبرة.. والثالثة: علي العرب متأجرة
ومن شعر محمد التهامي ولحن عزت الجاهلي غنت المطربة نجاة علي: قسما بشعبك بورسعيد.. قسما بموقفك المجيد.. وبراية الأبطال ينقلها الشهيد إلي الشهيد..
وغني فريد الأطرش من تلحينه وكلمات مدحت عاصم نشيد بورسعيد يقول مطلعها: بورسعيد بورسعيد.. قبلة الشعب العتيد.. أنت أذهلت الوجود.. أنت سطرت الخلود..
ومن كلمات إسماعيل الحبروك وألحان محمد الموجي غنت شادية: أمانة عليك أمانة يا مسافر بورسعيد.. أمانة عليك أمانة لتبوس لي كل أيد.. حاربت في بورسعيد.
وغني عباس البليدي من كلمات طاهر أبوفاشا وألحان عبدالعظيم محمد أغنية بورسعيد التي يقول مطلعها:
بورسعيد بورسعيد كل حتة بورسعيد, المعارك في الشوارع بالمدافع والحديد, اللي نازل من السما يلقي قضاه, واللي جاي م البحر حيقابل رداه, كما تغني محمد قنديل من كلمات أمام الصفطاوي وألحان عبدالرؤوف عيسي: بالكفاح والسلاح بالجراح والدما.. شفنا يا بورسعيد أجمل صباح نوره مالي السما.. يا صباح الإنتصار.. ومن كلمات إبراهيم رجب وألحان عبدالعظيم محمد غنت سعاد مكاوي:
يا فرحتي بولدي.... شال السلاح في أيديه
والعزم كان في عنيه ينطق ويتكلم
وفي بورسعيد بلدي داس الحديد والنار
وبعزمة الأحرار حارب ولا سلم
وردد الجمهور مع صوت فايدة كامل أغنية مدفعي في أيديه كلمات إسماعيل الحبروك وألحان يوسف شوقي والتي تقول في أحد كوبلهاتها: زي أبويا ما قالها لأمي.. حاضرب لآخر نقطة في دمي.. وبورسعيد جوه عينيه ومدفعي في أيديه
وأشعلت الجماهير بصوتها القوي وهي تردد في نشيد الوطن الأكبر مع مجموعة الفنانون من كلمات أحمد شفيق كامل وألحان محمد عبدالوهاب:
قوميتنا اللي بنحميها اللي حياتنا شموع حواليها
جنة بتضحك للي يسالم وجحيم ثاير علي أعاديها.. شوفوا بيروت بعد العدوان الإستعمار فين والطغيان.. كبر الشعب وقوته سادت وبورسعيد حكايتها إتعادت.. عاش وانتصر الشعب العربي.
وأبكت الأمهات وهي تقول بصوتها القوي أنا بورسعيد أنا بورسعيد,و في نفس الوقت هزصوتها العالم كله عندما غنت من كلمات كمال عبدالحليم ولحن علي إسماعيل:
دع سمائي فسمائي محرقة.. دع قناتي فمياهي مغرقة.. وأحذر الأرض فأرضي صاعقة.. هذه أرضي أنا.. وأبي ضحي هنا
وأبي قال لنا مزقوا أعدائنا
وما كادت الإذاعة تردد هذا النشيد حتي إستمعنا إلي صوت من اذاعة بريطانيا يقول أوقفوا هذا الصوت إنه يهز عرش بريطانيا لو إستطاعنا إرسال عشرين طائرة لكي تسكت هذا الصوت ما ترددنا.
وغنت أحلام من كلمات عبدالفتاح مصطفي وألحان أحمد صدقي.. نادراك لليوم ده يا ولدي.. تحميني وتحرس بلدي.. سافر بورسعيد بالسلامة
أما العندليب الأسمرعبدالحليم حافظ فقد غني أكثر من أغنية من هذه الأغنيات منها أغنيته الجميلة تحت راية بورسعيد التي يقول مطلعها:
يا شعوب الشرق غني تحت راية بورسعيد
النهارده عيد في عيد.. عيد ميلاد عالم جديد.
وحكي بصوته حكاية شعب كلمات أحمد شفيق كامل ولحن كمال الطويل, وكان لبورسعيد نصيب الأسد في هذه الأغنية حيث قال:
كنا نار أكلت جيوشهم.. نار تقول هل من مزيد
انتصرنا ولسه عارهم ذكري.. في تراب بورسعيد
ولم يقتصر الغناء لبورسعيد علي المطربيين المصريين فغني المطرب اللبناني محمد سلمان قصيدة وطني كلمات الشاعر محمد الفيتوري وألحان يوسف شوقي والتي يقول في أحد كوبليهاتها:
يا بورسعيد إني فدا قبضة من ثراك الثمين
كما أشعلت زوجته في هذا الوقت المطربة نجاح سلام حماس الجماهير في مصر والعالم العربي وهي تغني عاشت بورسعيد التي يقول مطلعها: بورسعيد بورسعيد عاشت بورسعيد.. يا بورسعيد سمائك نار تذيب الحديد
ومن كلمات محمود حسن إسماعيل وألحان رياض السنباطي غنت:
أنا النيل مقبرة للغزاه.. أنا الشعب ناري تبيد الطغاه.. أنا الموت في كل شبر.. إذا عدوك يا مصر لاحت خطاه
وغنت المجموعة نشيد نجح وتردد بقوة يقول:
بحروف من نور وحروف من نار.. اكتب يازمان مجد الاحرار في بورسعيد.. بركان فوار مقدرش عليه الاستعمار
وهكذا تبدو بورسعيد الباسلة غارقة في مجد البطولة والبسالة والفداء رغم تلك الرياح البغيضة التي جاءت مباغتة كي تهيل التراب علي نضال مدينة وشعب خلده التاريخ وجسدها الأغنية الوطنية المصرية في أروع صورة, ونظرا لضيق المساحة لن نستطيع ذكر باقي الأغنيات التي تغنت بمدينة بورسعيد الباسلة, وسنكتفي فقط بذكر عناوين بعض مما يرسخ في الذاكرة مثل أغنية: ياريتني من بورسعيد غناء كارم محمود,بورسعيد غناء عباس البليدي, يا بورسعيد يا إسماعيلية غناء إبراهيم حموده, وتحت القنابل لمحمد عبدالوهاب وكل هذه الراوئع علي مستوي الكلمات والألحان والأداء يشير بما لايدع مجالا للشك بأن التجريف الثقافي والفني الذي أصاب مصر خلال الثلاثين عاما الماضية لم يدع الغناء يتراجع فحسب بل انه أصاب الذائقة في مقتل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.