الكيانات الوهمية وراء أزمة حج الزيارات | تفاصيل    "مجزرة في رفح الفلسطينية".. سقوط أعداد كبيرة من الضحايا بعد قصف منطقة تأوي النازحين    بيان من الجيش الأمريكي بشأن الهجوم الحوثي على السفينة توتور    بريطانيا تقدم حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا ب242 مليون إسترليني    دويدار: زيزو يشبه بركات.. وكان يجب ضم سام مرسي لقائمة المنتخب    «بدأت اليوم خلوا بالكم».. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس ال 72 ساعة المقبلة: «حرارة شديدة»    استكمال محاكمة ربة منزل وعشيقها في قتل ابنتها.. اليوم    العراق.. استمرار حريق مصفاة نفط ببلدة "الكوير" جنوب غرب أربيل    الوكيل: تركيب مصيدة قلب مفاعل الوحدة النووية ال3 و4 بالضبعة في 6 أكتوبر و19 نوفمبر    «آخرساعة» كانت معهم| الحُجاج المصريين بخير.. وكل الأمور ميسرة    عيد الأضحى 2024.. هل يجوز التوكيل في ذبح الأضحية؟    تصل ل«9 أيام متتابعة» مدفوعة الأجر.. موعد إجازة عيد الأضحى 2024    مفاجأة مدوية.. دواء لإعادة نمو أسنان الإنسان من جديد    مفاجأة.. لماذا تم رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب؟    في موسم الامتحانات| 7 وصايا لتغذية طلاب الثانوية العامة    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف أحمد الشناوي.. طريقة عمل اللحم المُبهر بالأرز    المجازر تفتح أبوابها مجانا للأضاحي.. تحذيرات من الذبح في الشوارع وأمام البيوت    المفاجآت في قضية سفاح التجمع تتوالى| ارتكب جرائمه ببث مباشر عبر «الإنترنت المظلم»    كيف رد هشام عاشور على لقب "جوز نيللي كريم" قبل انفصالهما؟    التليفزيون هذا المساء.. الأرصاد تحذر: الخميس والجمعة والسبت ذروة الموجة الحارة    شاهد مهرجان «القاضية» من فيلم «ولاد رزق 3» (فيديو)    محمد عبد الجليل: أتمنى أن يتعاقد الأهلي مع هذا اللاعب    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    هل يقبل حج محتكرى السلع؟ عالمة أزهرية تفجر مفاجأة    بوساطة عُمانية، إطلاق سراح فرنسي كان معتقلا في إيران    وزير الأمن القومي الإسرائيلي يوجه له رسالة شديدة اللهجة لنتنياهو    حزب الله ينفذ 19 عملية نوعية ضد إسرائيل ومئات الصواريخ تسقط على شمالها    أبرزها المكملات.. 4 أشياء تزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان    الأعلى للإعلام: تقنين أوضاع المنصات الرقمية والفضائية المشفرة وفقاً للمعايير الدولية    بث مباشر افتتاح يورو 2024 بين ألمانيا واسكتلندا    بعد ساعات من تحديد جلسة محاكمته، عمرو دياب يطرح أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    24 صورة من عقد قران الفنانة سلمى أبو ضيف وعريسها    التعليم العالى المصرى.. بين الإتاحة والازدواجية (2)    حازم عمر ل«الشاهد»: 25 يناير كانت متوقعة وكنت أميل إلى التسليم الهادئ للسلطة    محمد الباز ل«كل الزوايا»: هناك خلل في متابعة بالتغيير الحكومي بالذهنية العامة وليس الإعلام فقط    .. وشهد شاهد من أهلها «الشيخ الغزالي»    لماذا امتنعت مصر عن شراء القمح الروسي في مناقصتين متتاليتين؟    هاني سري الدين: تنسيقية شباب الأحزاب عمل مؤسسي جامع وتتميز بالتنوع    صدمة قطار.. إصابة شخص أثناء عبور شريط السكة الحديد فى أسوان    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يواصل اجتماعته لليوم الثاني    «الأهلي» يزف نبأ سارًا قبل مباراة الزمالك المقبلة في الدوري المصري    فلسطين تعرب عن تعازيها ومواساتها لدولة الكويت الشقيقة في ضحايا حريق المنقف    أحمد لبيب رئيسًا لقطاع التسويق ب«عز العرب»    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 13 يونيو: انصت للتعليمات    مدحت صالح يمتع حضور حفل صوت السينما بمجموعة من أغانى الأفلام الكلاسيكية    عماد خليل: تشكيل الحكومات يأخذ فترة من المشاورات لانتقاء أفضل العناصر    «رئيس الأركان» يشهد المرحلة الرئيسية ل«مشروع مراكز القيادة»    سعر السبيكة الذهب الآن وعيار 21 اليوم الخميس 13 يونيو 2024    بعد ارتفاعه في 9 بنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 13 يونيو 2024    الأهلي يكشف حقيقة مكافآت كأس العالم للأندية 2025    الداخلية تكشف حقيقة تعدي جزار على شخص في الهرم وإصابته    انتشال جثمان طفل غرق في ترعة بالمنيا    مهيب عبد الهادي: أزمة إيقاف رمضان صبحي «هتعدي على خير» واللاعب جدد عقده    اتحاد الكرة يعلن حكام مباراتي بيراميدز وسموحة.. وفيوتشر أمام الجونة    قبل عيد الأضحى.. طريقة تحضير وجبة اقتصادية ولذيذة    مسئول سعودى : خطة متكاملة لسلامة الغذاء والدواء للحجاج    الاتصالات: الحوسبة السحابية واحدة من التكنولوجيات الجديدة التي تؤهل للمستقبل    هل يجوز للأرملة الخروج من بيتها أثناء عدتها؟ أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة الأشباح
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 12 - 2014

فى الأيام الماضية حاصرتنى بعض المخاوف المزعجة حين حاولت قراءة ما يجرى الأن فى الشارع المصرى من احداث ومتغيرات وعواصف .
* ورغم الرصيد الكبير من الأحلام والرصيد الأكبر من التفاؤل الذى حرصت ان احافظ عليه طوال السنوات الماضية إلا ان هذا الرصيد بدأ رحلة التراجع امام اسباب موضوعية لا يمكن ان يتجاهلها كل إنسان عاقل .. كنت على خلاف دائم مع منظومة حكم ما قبل ثورة يناير ورغم اننى لم اشارك فى هذه الثورة جسدا إلا اننى منذ ساعاتها الأولى أيدتها موقفا وفكرا وخلاصا .. وكانت لى معارك دامية مع النظام السابق وقدمت من الشواهد والأدلة والبراهين ما يؤكد فساد هذا النظام حين استباح موارد شعب واهدر ثروات امة واضاع على مصر والمصريين فرصا كثيرة للتقدم واللحاق بروح العصر .. اختلفت مع هذا النظام فى قضايا كثيرة تبدأ بنهب المال العام وتنتهى بالعشوائيات وفساد التعليم والصحة وإفساد الضمير المصرى فى كل المواقع .. كنت ومازلت ارى ان ثورة يناير كانت انتفاضة شعب ضد حكم جائر اهدر مقومات هذا الوطن واستباح افضل ثرواته وهم البشر .
* حين قفز الاخوان المسلمون على السلطة لم يكن لدى الشعب المصرى وانا واحد من ابنائه اى فكرة عن الإخوان كتيار سياسى غامض، فلم نكن على علم بخلفياته الفكرية والسياسية وكان وصولهم للحكم فرصة للشعب المصرى لكى يتعرف اكثر على هذه الجماعة ومناطق العجز والفساد فى صفوفها .. ولهذا لحقت تجربتهم فى الحكم بفساد النظام السابق ووجدنا النظامين يسقطان فى مستنقع واحد اما بالفساد او الفشل وكانت النتيجة قيام ثورة يونيه ليلحق حكم الإخوان الفاشل بالعهد البائد وفساده .. كما ايدت ثورة يناير وكما رفضت ما كان قبلها من الترهل والفساد ايدت ثورة يونيه التى اطاحت بحكم الإخوان الفاشل ..
* كنت ومازلت اعتقد ان الشعب المصرى هو الذى اسقط رئيسين وقام بثورتين وانه لا فرق فى النتيجة بين الفشل والفساد .. وقف المصريون بعد ثورة يونيه يتطلعون الى مستقبل جديد بعد ان اطاحوا بتجربتين فاشلتين ورئيسين مخلوعين فى اقل من ثلاث سنوات .. وهنا بدأت رحلة جديدة مع مرحلة انتقالية بدأت بدستور جديد وافق عليه الشعب ورئيس جديد تم اختياره من خلال إرادة شعبية كاملة .. وبقى من هذه الرحلة تنفيذ الهدف الثالث من هذه المنظومة وهو اختيار البرلمان الجديد ..
كانت الصورة والشواهد تؤكد اننا امام واقع جديد بل امام دولة جديدة فى رئيسها ودستورها وبرلمانها وقبل هذا كله احترام إرادة شعبها .. هنا اتوقف عند الكلمة الأخيرة وهى احترام إرادة هذا الشعب واتساءل : هل ما يجرى فى الشارع المصرى الأن يؤكد ذلك وهل النظام الحالى بحكومته ومؤسساته يعكس بالفعل إرادة هذا الشعب؟! .. عندى من البراهين والشواهد ما يؤكد غير ذلك :
اولا : ماذا يعنى ان يخرج جميع رموز النظام السابق من جميع التهم التى وجهت اليهم وكأنهم جميعا ابرياء وان الشعب المصرى هو الطرف المدان فلم يكن على حق حين خرج فى ثورة يناير واسقط النظام .. ماذا يعنى ان جميع الأحكام جاءت بالبراءة لجميع المسئولين صغارهم وكبارهم .. وسوف يقول البعض وهل تشكك فى نزاهة قضاء مصر الشامخ .. انا لا اشكك فى القضاء ولكن اشكك فى فساد الأدلة التى اخرجت كل هؤلاء من الباب الخلفى للعدالة وهو اوسع ابواب الجرائم مهما كان حجمها .
ثانيا : ماذا يعنى ظهور كل هذه الحشود من اشباح الماضى الذين اندفعوا فى الساحات يتحدثون عن مآثرهم وتاريخهم المضئ وانجازاتهم العظيمة امام شعب جاحد لم يقدر قيمة ما فعلوه حتى ظن البعض ان الشعب هو الذى ينبغى ان يحاكم .. إذا كانوا قد نهبوا الأموال ولم توجه لهم إدانة واحدة، وإذا كانوا قد هربوا الأرصدة وامامهم حكومة لا تستطيع ان تفعل شيئا او انها لا تريد ان تفعل فماذا يقال عن ثورة طالبت بالحرية والكرامة ومحاسبة رؤوس الفساد وإعادة اموال الشعب ..
ثالثا : إذا كانت اسباب الإدانة غير كافية وانتهت بالبراءات فى المحاكم .. وإذا كانت الأموال المنهوبة مجهولة المكان والعنوان ويستحيل الوصول اليها او إعادتها فما الذى يمنع الحكومة ان تجرى تعديلات فى قانون الكسب غير المشروع لتعطى رموز النظام السابق الفرصة كاملة للتصالح او الخروج بأقل الخسائر .. ان مشروع قانون التصالح فى نهب المال العام طوق نجاة لكل من سرق هذا الشعب، امام القضاء كانت البراءة لعدم وجود ادلة للإدانة وامام الكسب غير المشروع فتحت الحكومة الف باب للخروج .. وامام مشروع قانون التصالح انهب ما شئت وبعد ذلك ادخل فى باب المصالحة ..
وهذا يعنى اننا امام آخر محاولة لإنقاذ رموز النظام السابق قضائيا .. وماليا .. واخلاقيا انها براءة من كل الجرائم ابتداء بدم الشهداء وانتهاء بنهب الملايين مرورا بحرمان الشعب من حقه فى استرداد امواله .. سوف يقول البعض ان التصالح يعنى استرداد هذه الأموال وهل عرفت الحكومة حجم هذه السرقات حتى تتفاوض مع اللصوص لإستردادها؟!
رابعا : امام البراءات والمصالحات اصبح الأن من حق اشباح الماضى ان يعودوا الى مواقعهم ..
ان معهم الأموال وهى قادرة على ان تقلب كل الموازين ومعهم احكام بالبراءة من كل القضايا، ومعهم وثائق المصالحات المالية، وقبل هذا كله معهم الإعلام المغرض وكل واحد منهم لديه صحيفة وموقع الكترونى وشاشات بعرض الوادى ..
انه من خلال هذا الإعلام يبيع ويروج كل افكاره المريضة ويساوم من يساوم ويضغط على الدولة والحكومة ويستطيع كل ليلة ان يحرك مؤسسات الدولة فى اى اتجاه يريد .. ولديه عشرات المذيعين ومئات الأتباع الذين يحملون قاموسا طويلا من البذاءات والردح والشتائم .. ولم يبق امام هذه الأشباح غير ان تحملها مواكب النفاق على الأعناق وتدفع بهم الى البرلمان القادم فى لحظة انتصار تاريخية، فلا الثورة قامت ولا الرؤساء سقطوا ولا النظام انتهى ولا شئ تغير فى مصر فقد عادت مواكب الأشباح الى مواقعها سالمة .
خامسا : نحن بهذه المقدمات امام برلمان من اشباح الماضى .. لقد عادوا بأموالهم التى نهبوها وبراءاتهم التى حصلوا عليها ومصالحاتهم التى تؤكد اننا امام حكومة لم تستطع ان تفرض هيبتها وتستعيد اموال الشعب كاملة غير منقوصة .. وفى ظل دستور اعطى البرلمان كل الصلاحيات فى إدارة شئون الدولة بما فى ذلك تشكيل الحكومة وتحديد اختصاصات رئيس الدولة سوف تعود اشباح الماضى تحكم مصر من خلال نظام اسقطه الشعب .. ان الإستعدادات تجرى الأن على قدم وساق فى ارجاء المحروسة لإستقبال رموز الحزب الوطنى وقياداته وامواله وفضائياته وصحفه المأجورة .. وما نشر فى الصحف المصرية من اخبار عن مرشحى الوطنى تؤكد انهم عائدون بكل الصلف والبجاحة.
سادسا : لن يكون بعيدا مع عودة اشباح الوطنى ورموزه وهى تحتفل بالبراءات وتجد مئات الأقلام التى تدق الطبول وتحمل المباخر ان نجد فصائل الإخوان وهى لم تبتعد ابدا عن الساحة تندفع فى السباق وهى مؤهلة لأن تتفاوض مع الأشباح حتى لو كانوا شياطين الحزب الوطنى المنحل .. ان كلا من الوطنى والإخوان يحمل اطلال هزيمة .. حزب منحل سواء كان الوطنى ام المحظورة ورئيسان معزولان وان اختلفت الأسباب وامامهما واقع جديد كلاهما لم يعترف به، لا اعتقد ان اشباح الوطنى يؤيدون النظام الجديد واكبر دليل على ذلك انهم لم يصدقوا النية تجاه صندوق تحيا مصر ولم يقدموا الدعم المالى الكافى لمشروعات هذا النظام بل انهم يحاولون الضغط عليه بكل الوسائل ابتداء بالحملات الإعلامية واستخدام الفضائيات وانتهاء بالمبالغ المالية الهزيلة التى قدموها لمساعدة مصر فى محنتها ..
على الجانب الآخر فإن وجود قيادات الإخوان المسلمون فى السجون لا يعنى انهم خارج السباق .. وامام غياب وفشل النخبة المدنية فى الشارع المصرى لن يكون بعيدا ان الصدام القادم سيكون بين الإخوان وفلول النظام السابق وبينهما تاريخ طويل من المصالح والصفقات والعلاقات المشبوهة .
هذه القراءة للواقع المصرى فى الأسابيع القادمة اؤكد بها خوفى من اكثر من جانب :
* ان عودة فلول الوطنى بقوة الى الشارع المصرى حقيقة لا خلاف عليها وان هذه العودة تحمل مخاطر كثيرة لأن لديها مصادر قوة غير عادية .. ان لديها اموالا كثيرة وإعلاما فاسدا .. ولديها بقايا مؤسسات حكومية مترهلة لم تتخلص منها وقبل هذا كله لديها قواعد شعبية ارتبطت معها بمصالح كثيرة .
* من يتصور ان الإخوان المسلمين قد انسحبوا واهم فى تفسير ما يجرى من الأحداث، ان الإخوان لن يترددوا فى دخول المعركة الإنتخابية لأنها فرصة نادرة ان يعودوا للشارع مرة اخرى وقد يجدوا من الدعم المالى مصادر كثيرة ولا استبعد ان تكون لهم مصالح مع قوى الوطنى المنحل .
* ان القوى المدنية ممثلة فى النخبة مازالت تعيش أسوأ حالاتها ما بين الغياب والفشل والبعد عن الجماهير .. وسوف يكون من الصعب بل من المستحيل ان تحقق هذه القوى مكاسب سريعة فى الشارع المصرى فى فترة زمنية قصيرة .
* مهما كانت القدرة على التحليل والقراءة لا احد يعلم اين يقف شباب مصر الأن خاصة شباب الثورة الذين دفعوا الثمن ولم يحصلوا على شئ ان موقفهم غامض وظروفهم صعبة وهم يجدون اشباح الماضى يحشدون صفوفهم ماليا وإعلاميا وتنظيميا ويجدون اصرار الإخوان على إفساد المشهد مهما كان الثمن بينما هم يجلسون وراء القضبان لأن احكام البراءات أخرجت اللصوص وسجنت الشرفاء ..
..ويبقى الشعر
انا فِي عُيُونِكِ ..
نُقْطة ُ الضَّوءِ التِي عَادَتْ ..
وَأضْنَاهَا الحنينْ
أنَا ذلِكَ الْعُصْفوُرُ سَافَرَ حَيْثُ سَافَرَ
كَمْ تَغنَّي .. كَمْ تَمنَّي .. ثُمَّ أرَّقَهُ الأنِينْ
أنَا قَطْرة ُ المَاءِ التِي طافتْ
عَلي الأنْهَار تُلْقي نَفْسَهَا للمَوْج حِينًا ..
ثُمَّ تْدفَعُهَا الشَّوَاطِيءُ للسَّفِينْ
أنَا غُنْوة العُشَّاق ِفِي كُلِّ الّمواسِم ِ..
تشْتَهي صَوْتًا يُغَنِّيهَا لكُلِّ الْعَاشِقِينْ
أنَا بَسْمَة ُ الفَجْر الغَريبِ عَلي ضِفَافِكِ ..
جَاءَ يَسْتَجدِيكِ .. كَيْفَ سَتْرحَلِينْ ؟
أنَا عَاشِقٌ
وَالعِشْقُ إعْصَارٌ يُطَاردُنَا .
تُراكِ سَتهرَبينْ ؟
صَلِّي لأجْلِي ..
إننِي سَأمُوتُ مُشْتاقًا وأنْتِ تُكَابرينْ
هَذِي دِمَائِي فِي يَدَيْكِ ..
تَطَهَّري منْهَا وَأنْتِ أمَامَ رَبِّكِ تسْجُدِينْ
إنِّي أحِبُّكِ ..
قدْ أكُونُ ضَللتُ قبْلكِ ..
إنَّمَا الغُفْرَانُ حَقُّ التَّائِبينْ
إنِّي أحِبُّكِ ..
قدْ أكُونُ قضَيْتُ عُمري في التُّرابِ ..
وَأنْتِ فِي قَلْبِ النُّجُوم تُحَلِّقِينْ
إنِّي أحِبُّكِ ..
قدْ يكُونُ الحبُّ فِي زَمَن الخَريفِ ..
كَغَنْوةِ النَّاي الحَزينْ
قدْ كُنْتِ أنْتِ نهَايَة َ التَّرْحَال
مِجْدَافِي تَكسَّرَ مِنْ سِنِينْ
وَإليْكِ جِئْتُ بتَوْبَتِي
وذنُوب عُمْري ..
هَلْ بِرَبِّكِ تَقْبَلينْ ؟
إنَّي غَريبٌ
هَلْ لدَيْكِ الآنَ بَعْضُ الخُبْز
بَعْضُ الأمْن ِ بَعْضُ اليَاسِمِينْ ؟
هَيَّا لنَضْحَكَ ..
هَاهُوَ الصُّبْحُ المُسَافِرُ فِي عُيونِكِ ..
عَادَ يُشْرقُ بالنَّدَي فَوْقَ الجَبينْ
هَيَّا لنَرْقُصَ .. آهِ مَا أحْلاكِ ..
فِي ثَوْبِ البَرَاءَةِ تَرْقُصِينْ
الْعَامُ يَرْحَلُ
فَاحْمِلِي قَلْبي عَلي كَفَّيكِ حِينَ تُسافِرينْ
وَإذا ظَمِئْتِ .. فَفِي الحَقَائِبِ كُلُّ أشْوَاقِي
وَفِي الأعْمَاق نَهْرٌ مِنْ حَنِينْ
« قصيدة قبل ان يرحل عام سنة 1989»
لمزيد من مقالات فاروق جويدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.