ما حكم سفر المرأة للعمل بالخارج مِن غير أن يكون معها مَحرم؟ أجابت دار الإفتاء المصرية، قائلة: يجوز للمرأة أن تسافر دون مَحرَم بشرط اطمئنانها على الأمان فى دينها ونفْسها وعِرضها فى سفرها وإقامتها وعودتها، وعدم تعرضها لمضايقاتٍ فى شخصها أو دِينها، فقد ورد عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البخارى وغيره عن عَدِيّ بن حاتم رضى الله عنه أنه قال له: «فإن طالَت بكَ حَياةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينةَ -أى المسافِرة- تَرتَحِلُ مِنَ الحِيرةِ حتى تَطُوفَ بالكَعبةِ لا تَخافُ أَحَدًا إلَّا اللهَ»، وفى رواية الإمام أحمد: «فَوَالَّذى نَفسِى بيَدِه لَيُتِمَّنَّ اللهُ هذا الأمرَ حتى تَخرُجَ الظَّعِينةُ مِن الحِيرةِ حتى تَطُوفَ بالبَيتِ فى غَيرِ جِوارِ أَحَدٍ». فمِن هذا الحديث برواياته أخذ جماعةٌ من الفقهاء المجتهدين جوازَ سفر المرأة وحْدَها إذا كانت آمنة، وخصَّصوا بهذا الحديث الأحاديثَ الأخرى التى تُحَرِّم سفرَ المرأة وحدها بغير مَحرَم؛ فهى محمولةٌ على حالة انعدام الأمن التى كانت مِن لوازم سفر المرأة وحْدَها فى العصور المتقدمة. وقد أجاز جمهور الفقهاء للمرأة فى حج الفريضة أن تسافر دون محرم إذا كانت مع نساء ثقاتٍ أو رفقةٍ مأمونة، واستدلوا على ذلك بخروج أمهات المؤمنين رضى الله عنهن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للحج فى عهد عمر رضى الله عنه وقد أرسل معهن عثمان بن عفان ليحافظ عليهن رضى الله عنه. والذى عليه الفتوى أنَّ سفر المرأة وحْدَها عبر وسائل السفر المأمونة وطُرُقِه المأهولة ومَنافذه العامرة؛ مِن موانئ ومطاراتٍ ووسائل مواصلاتٍ عامَّة جائزٌ شرعًا، ولا حرج عليها إذا أذن لها وليُّها فيه؛ سواء أكان سفرًا واجبًا أم مندوبًا أم مباحًا، وأنَّ الأحاديث التى تَنهى المرأةَ عن السفر مِن غير مَحرَمٍ محمولةٌ على حالة انعدام الأمن، فإذا توافر الأمنُ لَم يَشملها النهيُ عن السفر أصلًا. وبناءً على ذلك وفى واقعة السؤال: فلا مانع شرعًا مِن سفر المرأة إلى الخارج للعمل إذا تَوَافَّر الأمنُ فى الإقامة بِبَلَد السفر، وذلك بشرط موافقة وليِّ الأمر، ولا يُشترط اصطحاب المحرم فى حلها ولا ترحالها.