اليوم هو اليوم العالمي لحقوق الإنسان. وقد أعلن هذا اليوم من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام1950, لجذب انتباه شعوب العالم للإعلان العالمي لحقوق الإنسان بوصفه المستوي المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه جميع الشعوب والأمم. يوجد في أجزاء كثيرة من العالم انتهاكات وجرائم أخري ضد حقوق الإنسان, وعدم ثقة في الأحزاب السياسية والسياسيين المنتخبين, بالإضافة الي مناخ قاس لعمل منظمات المجتمع المدني, وانتهاكات حقوق المرأة بما في ذلك خلال الصراعات, وعدم احترام سيادة القانون, وهي جميعها تمثل عائقا أمام الجهود المبذولة لدعم التطور الديمقراطي. علينا أن ندافع ونؤيد حقوق الإنسان باستمرار, في جميع الأوقات, وفي جميع البلدان. جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي اعتمد في10 ديسمبر1948, كنتيجة لتجربة الحرب العالمية الثانية. فان الفظائع التي ارتكبت خلال الحرب دفعت قادة العالم لاتخاذ قرار لبذل الجهود من أجل ضمان حقوق كل فرد. ومن ثم, تم تعيين لجنة لصياغة الإعلان, وكان أعضاؤها من مختلف البلدان والقارات. ومن مختلف الخلفيات السياسية والثقافية والدينية. بذلك, أخذت في الاعتبار خلال عملية الصياغة جميع الأديان والعقائد في العالم وتم استشارة الأئمة والحاخامات والقساوسة المسيحيين والفلاسفة الكونفوشيوسية وآخرين. وكان الإعلان بمثابة الأساس الذي بنيت عليه اليوم الشبكات العالمية والإقليمية لحماية حقوق الأفراد. كما جاء في الإعلان العالمي, أن حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة. حيث ينبغي أن تطبق حقوق الإنسان علي الجميع, في كل مكان, وفي كل دولة وكل قارة. فهذه الحقوق تشمل الحريات الأساسية, مثل الحق في اعتناق وإبداء الرأي, وممارسة الشعائر الدينية, وإنشاء أو الانضمام إلي منظمة أو تنظيم اجتماعات, والحق في الحماية من الإيذاء وبما في ذلك عدم القبض علي أي شخص بشكل تعسفي أو تعريضه للتعذيب, والحق في الحصول علي الاحتياجات الأساسية, ومنها علي سبيل المثال, الحق في مستوي معيشي لائق وفي الحصول علي الرعاية الصحية والتعليم. هناك حاجة إلي المزيد من العمل داخل كل دولة وكل مجتمع لضمان توافر هذه الحقوق والوفاء بالالتزامات الدولية. ولكن هناك أيضا حاجة لمزيد من التعاون العالمي بشأن هذه القضايا. فالمجتمع الدولي يتحمل المسئولية, وبإمكانه أن يلعب دورا من خلال تبادل الخبرات وأفضل الممارسات, وأيضا عن طريق التأكيد علي أهمية حقوق الإنسان والديمقراطية في التعاون الدولي ومن خلال الحوار. وبالنسبة لدولتي, السويد, فان احترام حقوق الإنسان مسألة ذات أولوية عليا سواء في سياستنا الداخلية أو الخارجية. وهي أيضا عنصر أساسي في سياستنا الخاصة بالتنمية العالمية. فبالإضافة الي سيادة القانون, يعتبر احترام الحقوق المدنية والسياسية أمر حاسم في بناء ديمقراطيات فاعلة والحد من الفقر علي جميع المستويات. فالفقر ليس مجرد نقص في الموارد المادية, فهو كذلك انعدام الطاقة, والفرص والأمن, وعدم تحكم المرء في حياته الخاصة به. فالديمقراطية تبني من الداخل ومن القاع, ولكن يمكن أيضا أن تدعم وتعزز من خلال الشراكة و التعاون الدولي. من جانب آخر, احترام حقوق الإنسان جزء لا يتجزأ من سياسة الهجرة, وكذلك السياسة الأمنية الخاصة بالسويد. عندما يكون الشخص غير قادر علي الحصول علي مأمن من الاضطهاد في بلده, يكون لديه الحق في طلب الحماية من البلدان الأخري. وتعتبر اتفاقية عام1951 وبروتوكول عام1967 المتعلقين بأوضاع اللاجئين بمثابة شبكة أمان أساسية لمثل هؤلاء الاشخاص. وفي مجال التعاون الدولي في شئون اللجوء و قضايا الهجرة, كانت السويد دائما تؤكد اتفاقيات حقوق الإنسان وتحث الحكومات التي لم تصدق بعد علي الاتفاقية المتعلقة بوضع اللاجئين للقيام بذلك. وعلي الجانب الأمني, تدعم السويد مكافحة الارهاب, وفي الوقت ذاته تؤكد السويد أهمية الاحترام الكامل للقانون الدولي وحقوق الإنسان والمراقبة القانونية خلال التصدي للإرهاب. فلا يجب أن تتخذ مكافحة الإرهاب كذريعة للتدخل- علي سبيل المثال ضد المعارضة الداخلية أو الأقليات حيث ان ذلك يشكل انتهاكا لحقوق الإنسان. إن أحد العناصر الأساسية لحقوق الإنسان, هي حرية التعبير. فحرية الرأي والتعبير أصبحت اليوم جزءا لا يتجزأ من عملية التطور الي مجتمعات ديمقراطية وتشاركية, وهذه الحرية أساسية لضمان عدم التعرض لأي شخص أو قهره. في هذا السياق, فان توافر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة ووسائل الإعلام المجتمعية يمكن أن تخلق فرصا جديدة للمواطنين لزيادة نفوذهم, سواء من خلال المطالبة بمساءلة قادتهم او المشاركة في بناء نظام سياسي سليم ومستدام. ربما لا يكون هناك حق من حقوق الإنسان أبلغ من حرية التعبير التي ترمز للترابط بين حقوق الإنسان المختلفة. فبدون حرية التعبير, لن يصاغ ولن يتحقق العديد من حقوق الإنسان الأخري. فالحق في التعليم, والحق في التعبير الثقافي, والحق في تكوين النقابات والعديد من حقوق الإنسان الأخري تعتمد بالأساس علي الحق في الرأي والتعبير. فهذه الحريات ضرورية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية أيضا. فالمناقشات النشيطة والحوارات حول حقوق الإنسان والتنمية غاية في الأهمية في كل مكان وفي جميع الأوقات. قد تكون هذه المناقشات اكثر أهمية خاصة خلال المراحل الانتقالية, ولكن يجب علينا جميعا أن نسأل هذه الأسئلة و نناقش هذه القضايا, داخل بلداننا وأيضا علي المستوي الإقليمي والعالمي, سواء في مصر أم في السويد, أم في أي مكان آخر في العالم, سوف تكسب مجتمعاتنا الكثير سياسيا واقتصاديا واجتماعيا, من خلال المناقشات المفتوحة. فتذكروا دائما, ان حقوق الإنسان هي لجميع الشعوب, في جميع الأمم. سفيرة السويد بالقاهرة لمزيد من مقالات شارلوتا سبار