قال الرسول الكريم في الحديث الشريف خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له, وقال صلي الله عليه وسلم في حديث أخر رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش. وهذه المعاني تدل علي أن شهر رمضان فرصة للتوبة والطاعة والبعد عن المعاصي والسيئات والتقرب إلي الله عز وجل بالصلاة وقراءة القرآن. مراتب الصيام علماء الدين من جانبهم طالبوا الصائمين بالصبر والإلتزام بالأخلاق والقيم الدينية التي حملتها لنا الشريعة الإسلامية, لأن عدم الإلتزام بها وإرتكاب الأخطاء والذنوب في رمضان يحرم الصائم من أجر الصيام, وناشدوا الصائمين بضرورة الإلتزام بحديث الرسول الكريم' إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يصخب فإن سابه أحد فليقل إني صائم إني صائم', ووجه العلماء عدد من النصائح للصائمين للحفاظ علي الصيام والبعد عن الشهوات واللغو والرفث. وقال الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوي الأسبق إن الصيام هو الإمتناع عن شهوتي البطن والفرج يوما كاملا من طلوع الفجر إلي غروب الشمس بنية التقرب إلي الله عز وجل, مشيرا إلي أن الصيام ينقسم إلي ثلاثة أقسام, صيام العموم, وصيام للخصوص, وصيام خصوص الخصوص, وصيام العموم هو أن يمتنع الإنسان عن الطعام والشراب والشهورة, وصيام الخصوص أن يمتنع الإنسان عن الطعام والشراب والشهوة وتمنتع جوارحه عن كل ما يغضب الله عز وجل, وصيام خصوص الخصوص أن يمتنع الإنسان عن الطعام والشراب وتمتنع الجوارح عن كل ما يغضب الله عز وجل ويمتنع القلب عن الغل والحقد والحسد والكراهية, وهذه أعلي درجات الصيام, وعلي المسلم أن يغتنم شهررمضان, وأن تصوم جوارحه وقلبه عن كل ما يؤذي الناس ويغضب الله عز وجل, ولابد للصائم أن يضع أمام عينيه حديث الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم' إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يصخب فإن سابه أحد فليقل إني صائم إني صائم'. ويضيف أن البعض في نهار رمضان يثور لأتفه الأسباب ويتعلل بأنه صائم ويطلق العنان للسانه ويغضب وينهش في أعراض الناس, ورغم أنه يقوم بكل هذه الأفعال التي يرفضها الإسلام في رمضان وفي غير رمضان يدعي أنه صائم, وليعلم أنه وأمثاله ليس لهم من صيامهم إلا الجوع والعطش كما قال الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم في الحديث الشريف' رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش', وخاطب الصائم قائلا: إعلم أنك مثل الوردة المتفتحة وسط البستان, إذا نظرت إليها سرتك وإذا وضعت عليها يدك وجدت ملمس كالحرير, وإذا دنوت منها شممت رائحة طيبة, وهكذا يكون الصائم يسعد من ينظر إليه ويقابل الإساءة بالإحسان وإذا جالسته لم تجد منه إلا ما يرضي الله عز وجل. تجنب الرفث والفسوق كما طالب العلماء الصائم بضرورة البعد عن كل ما يفسد الصيام, وعن ذلك يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس, أستاذ الفقه بجامعة الأزهر, إن الصوم لما كان عبادة لله تعالي في وقت معين من السنة, فينبغي علي الصائم الحرص علي عدم إفساد الصيام, أو إتيان ما ينقص من أجره, بحسبان أنه ليس مجرد إمساك عن الشهوات خلال نهار رمضان, بل إنه إمساك عن اللغو والرفث والصخب وفضول الكلام والسب والشتم وسوء الأخلاق, ولذا وردت نصوص عدة تأمر الصائم بالإمساك عن ذلك كله, منها, حديث الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم' إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يصخب, فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم', بل إن رسول الله صلي الله عليه وسلم نفي أن يكون الصيام مجرد الإمساك عن الطعام والشراب, فقد قال في الحديث الشريف' ليس الصيام من الأكل والشرب, إنما الصيام من اللغو والرفث, فإن سابك أحد أو جهل عليك فلتقل: إني صائم إني صائم'. حسن الخلق ونفي أن يكون الإمساك عن الطعام والشراب صياما, وإن لم يتوجه إلي ذات الصيام فأقل ما يقال فيه أنه نفي كمال الأجر لمن أمسك عن المفطرات المادية, ولم يمسك عن الرفث واللغو والفسوق والسباب ونحوها, والامتناع عن ذلك ليس خاصا برمضان, بل هو خلق للمسلم يجب عليه أن يتمسك به في كل شهور السنة, وإن كان التمسك به في رمضان أولي, بحسبانه يحبط أجر الصائم, وإلا فإن ثمة نصوص كثيرة تأمر بحسن الخلق, وتنهي عن ضده, منها' سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة, فقال' تقوي الله وحسن الخلق', وعد صاحب الخلق الحسن من خيار المسلمين وأكملهم إيمانا, فقد روي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يكن فاحشا ولا متفحشا, وكان يقول' من خياركم أحسنكم أخلاقا', وإن كان حسن الخلق مندوبا إليه مرغبا فيه بوجه عام, إلا أنه يتأكد في رمضان, لأن صيامه أحد التكاليف الشرعية, فإذا انضم إلي غيره من التكاليف ثقلت علي النفس التي فطرت علي التحرر مما يقيدها, ولذا كانت الإثابة علي الابتلاء بهذه التكاليف جزاء الإمتثال للأمر بها, وقد يكون الالتزام بها مظنة أن يثور المكلف بها إذا استثير,ولهذا نهي رسول الله الصائم عن سوء الخلق, أو أن يعلو صوته صائحا عند مخاصمة غيره, أو أن يقابل إيذاء غيره له بالسب أو الشتم أو غيرهما بمثل ه, وإنما ينبغي عليه إذا قصد بهذا الإيذاء أن يقول' إني امرؤ صائم', مذكرا نفسه وغيره بما ينبغي أن يتحلي به الصائم من حسن الخلق, والنهي عن الرفث والصخب في الصيام لا يقتضي إباحتهما في غيره, وإنما يتأكد النهي عنهما فيه للمعني الذي سبق ذكره, والأمر بعدم مقابلة الإيذاء بمثله في الصيام, لا يقتضي كذلك الأمر بمقابلة الإيذاء بمثله في غيره, لترغيب الشارع في مقابلة الإساءة بالإحسان في كثير من نصوص الشرع. فرصة للتوبة وأكد علماء الدين علي أن شهر رمضان فرصة للتوبة وترك المعاصي والذنوب, ووجه الدكتور عادل هندي المدرس المساعد بكلية الدعوة جامعة الأزهر عددا من النصائح للصائم حتي لا يكون صيامه جوعا وعطشا, قائلا: جدد نيتك دائما, لماذا تصوم, ولماذا تتصدق؟, لماذا تمتنع عن المباح؟ أين أنت من الفقراء؟ فتجديد النية أعتبره تجديدا للقلب مع الله, ولابد للصائم أن يتخلق بأخلاق الصائمين, كصيام البطن عن الحرام, وصيام الأذن عن سماع الحرام, واللسان عن قول الحرام, وصيام العين عن النظر إلي الحرام, فليس من المعقول أن نذنب في غير رمضان ثم يأتي رمضان فنكمل مسيرة الذنوب, فبدلا من أن نجعل من رمضان فرصة للتوبة, تختلف علينا الأهواء ونترك الفرصة تضيع.وأضاف قائلا: الزم أيها الصائم صحبة صالحة ترشدك إلي طاعة الله عز وجل, وتدلك علي كل ما فيه خير لك وثواب منه سبحانه جلت قدرته وتعالت حكمته, اجعل جوارحك صائمة, ولا تعتمد علي صيام البطن فقط عن الطعام والشراب والفرج عن الشهوة المباحة كذلك, ولكن اجعل عينك صائمة, ولسانك صائما, وعقلك صائما, اكتب برنامجا وخطط جدولا لاستغلال شهر رمضان, ولا تضيعه في شراء الطعام والشراب والملابس قبل العيد, خاصة استغلال العشر الأواخر من رمضان, لا تنس صلة الرحم, وبر الوالدين, والصدقة, وفعل المعروف, وإفطار الصائمين, اجعل من رمضان فرصة للإقلاع عن كل معصية أوعادة سيئة تمارسها في غير رمضان, كالتدخين, والنظرات الحرام, والعلاقات المشبوهة, وعقوق الوالدين, وقطيعة الرحم, ولا تنس صلة رحم مصر, فهي تحتاجك الآن وليس بعد الآن, احذر الكسل عن العمل بحجة الصيام, فالصيام قوة وطاقة وليس كسلا وسلبية, ولنتق الله في أعمالنا, خاصة وأن بلادنا الآن بحاجة إلي كل طاقة وجهد وتجرد وتضحية لله ولديننا ولوطننا وللجيل القادم من أبنائنا. وقاية من الذنوب وأكد العلماء أن شهر رمضان فرصة للوقاية من الذنوب والمعاصي ولابد أن يغتنم المسلم هذه الأيام في البعد عن كل ما يغضب الله عز وجل, وقال الداعية الإسلامي الشيخ أحمد ترك إن الصوم جنة ووقاية كما قال الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم في الحديث الشريف' الصوم جنة', ولذلك علي كل صائم أن يمتنع عن المعصية وأن يلتزم بحديث الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم' إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق وإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم', والمقصود بالوقاية هنا هي الوقاية من الذنوب والسيئات, وهذا يعني أنه علي المسلم أن يسلم الناس في رمضان خاصة من لسانه ويده, وإن وجد جهلا من أحد عليه التحلي بالصبر احتسابا وايمانا, كما قال صلي الله عليه وسلم في الحديث الشريف' من صام رمضان إيمانا وإحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه', وعلي الصائم ألا يضيع وقتا إلا في عمل أو طاعة لله تعالي, كقراءة للقرآن أو ذكر أو إصلاح بين الناس قال تعالي' لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس'. ويشير إلي أن الوقاية من الذنوب والسيئات تكون بالحفاظ علي الطاعات والإجتهاد في العبادة والصلاة في جماعة مع صلاة التراويح والتهجد, والحفاظ علي السنن وخاصة الراتبة لقوله صلي الله عليه وسلم في الحديث الشريف' ثنتي عشرة ركعة من واظب عليها لا جزاء له إلا الفردوس الأعلي' وهي ركعتان قبل الفجر وأربع قبل الظهر وركعتين بعده وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء.