تعليم الإسكندرية تشهد الاحتفال باليوم العالمي للعب    رئيس مدينة دمنهور يوجه بسرعة حل مشاكل المواطنين في سنهور    إدارة معلومات الطاقة الأمريكية ترفع توقعات نمو الطلب على النفط في 2024    ترامب معلقا على إدانة هانتر: سينتهي عهد جو بايدن    الأشعة تكشف التشخيص النهائي لإصابة مصطفى محمد    الأرصاد: الموجة شديدة الحرارة تستمر أسبوعا على الأقل والعظمى في القاهرة تصل إلى 42 درجة    ضبط مدير كيان تعليمي وهمي في المعادي    مسئول بيئي: غرامة إلقاء حيوانات نافقة في البحر تتراوح بين 300 ألف إلى مليون جنيه    علي صبحي: شخصية كوري في ولاد رزق لا تشبهني في الحقيقة أبدا    الصيادلة: زيادة أسعار الأدوية تصب في مصلحة المواطن.. وخفض ببعض الأصناف بعد العيد    تشكيل منتخب مصر الأولمبي.. لا تغييرات في الدفاع.. وثلاثي هجومي في ودية كوت ديفوار الثانية    «الأعلى للإعلام»: حجب المنصات غير المرخصة    عروس الشرقية صاحبة فيديو سحلها للكوشة: «زوجي تاج راسي وهنقضي سنة عسل مش شهر»| خاص    خالد الجندي يعدد 4 مغانم في يوم عرفة: مغفرة ذنوب عامين كاملين    يوافق أول أيام عيد الأضحى.. ما حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة؟    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الأضحية لا تجزئ عن الأسرة كلها في حالة واحدة    مياه البحر الأحمر تحذر من مخلفات الأضحية وتدعو لترشيد الاستهلاك في العيد    وكيل «صحة الشرقية» يناقش خطة اعتماد مستشفى الصدر ضمن التأمين الصحي الشامل    «طه»: الاستثمار في العنصر البشري والتعاون الدولي ركيزتان لمواجهة الأزمات الصحية بفعالية    لطلاب الثانوية العامة.. أكلات تحتوي على الأوميجا 3 وتساعد على التركيز    مباشر الآن تويتر HD.. مشاهدة الشوط الأول مباراة السعودية والأردن في تصفيات كأس العالم    خبير علاقات دولية: دور مصر فى تخفيف معاناة الفلسطينيين مستمر    «ناسا» تكشف عن المكان الأكثر حرارة على الأرض.. لن تصدق كم بلغت؟    محافظ كفرالشيخ يتابع أعمال رصف طريق الحصفة بالرياض    عبدالقادر علام: التفرد والتميز ضمن معايير اختيار الأعمال فى المعرض العام 44    ندوة تثقيفية لمنتخب مصر للكرة الطائرة حول مخاطر المنشطات    مدرب بلجيكا: دي بروين يتلقى إشارات في الملعب من طائرة دون طيار    إنييستا: تعاقد برشلونة مع صلاح كان ليكون مميزا    5 أعمال ثوابها يعادل أجر الحج والعمرة.. تعرف عليها    يورو 2024 - الإصابة تحرم ليفاندوفسكي من مواجهة هولندا    «بابا قالي رحمة اتجننت».. ابن سفاح التجمع يكشف تفاصيل خطيرة أمام جهات التحقيق    عيد الأضحى في المغرب.. عادات وتقاليد    بريطانيا: ارتفاع مفاجئ في معدل البطالة يصيب سوق الوظائف بالوهن مجددا    بدائل الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بمدرسة الضبعة النووية بعد الإعدادية (رابط مباشر للتقديم)    قافلة مجمع البحوث الإسلامية بكفر الشيخ لتصحيح المفاهيم الخاطئة    رئيس الضرائب: المصلحة تذلل العقبات أمام المستثمرين السنغافوريين    مصرع 39 شخصا في غرق مركب تقل مهاجرين قبالة سواحل اليمن    حكومة جديدة..بخريطة طريق رئاسية    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    بالصور- محافظ القليوبية يستقبل وفدا كنسيا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    رئيس مدينة الشهداء يناقش تجهيز المجزر ومراقبة الأسواق ومحلات الجزارة    تطوير مستشفى مطروح العام بتكلفة مليار جنيه وإنشاء أخرى للصحة النفسية    تأجيل محاكمة المتهم بإصابة شاب بشلل نصفى لتجاوزه السرعة ل30 يوليو المقبل    الأمين العام للناتو: لاتفيا تمثل قدوة لدول الحلفاء    مجد القاسم يطرح ألبوم "بشواتي" في عيد الأضحى    المجلس الوطني الفلسطيني: عمليات القتل والإعدامات بالضفة الغربية امتداد للإبادة الجماعية بغزة    الأزهر الشريف يهدي 114 مجلدا لمكتبة مصر العامة بدمنهور    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    محاولات للبحث عن الخلود في "شجرة الحياة" لقومية الأقصر    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    الدولار يقترب من أعلى مستوياته في شهر أمام اليورو    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    بعد تصريحاته المثيرة للجدل.. إبراهيم فايق يوجه رسالة ل حسام حسن    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كل إخماد للمناقشة‏..‏ افتراض للعصمة‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 11 - 2011

هذا العنوان الذي قرأته توا عزيزي القارئ إنما هو إحدي العبارات الواردة في كتاب الحرية للفيلسوف الإنجليزي الشهير "جون ستيوارت مل" الذي دافع فيه دفاعا شديدا عن حريات البشر بجميع صورها وخاصة حرية الفكر والمناقشة لدرجة القول إنه لو كان الجنس البشري كله باستثناء شخص واحد مجمعا علي رأي, وشخص واحد فقط مخالفا لهذا الرأي ما كان الجنس البشري محقا في إسكات هذا الشخص الواحد أكثر مما لهذا الشخص الواحد من حق في إسكات الجنس البشري إذا كانت لديه القوة.إن كلا منا لو اقتنع بهذه المقولة فإن ذلك يعني أنه قد بدأ يعي معني حرية الفكر وحرية الرأي والمناقشة, فمهما أوتي أحدنا من قوة في الحجة وقدرة علي الإقناع فإنه لا يستطيع بهما أن يؤكد أو ينفي صحة رأي وخطأ آخر, لأننا في النهاية خلقنا أفرادا, لكل منا عقل متميز ورؤية مختلفة لأي أمر من الأمور, ولا يستطيع أحد مهما أوتي من حكمة ولا سلطة مهما أوتيت من قوة أن يدعي أو تدعي أنها امتلكت اليقين, ومن ثم فعلينا أن نكون مقتنعين بأن كل رأي انما هو رأي صائب بالنسبة لصاحبه وأننا إذ نناقشه فيه لا نفترض بداية أنه خطأ ينبغي العدول عنه, بل هو رأي مختلف ينبغي مناقشته للاستفادة منه وليس لإثبات خطأه وإخماده. وهنا فقط سيتأكد لصاحب هذا الرأي أننا نحترمه ونقدر له اجتهاده برغم اختلافنا معه.
تلك هي الصورة الصحيحة التي ينبغي أن يتعامل بها بعضنا مع البعض الآخر دون تعال ودون إدعاء امتلاك اليقين, إذ أننا كما قلت وأؤكد مرة أخري لا نستطيع مهما أوتينا من قوة الحجة والإقناع الجزم بأن الرأي الذي نحاول إخماده واسكات صاحبه رأي خاطئ, وحتي إذا كنا متأكدين أنه رأي خاطئ فإن إخماده وإسكات صاحبه يظل مع ذلك شرا لا ينبغي أن نقترفه, إذ أننا في هذه الحالة نفقد عضوا فاعلا في المجتمع وعقلا يفكر لصالحه, ولعل أحدنا الآن يصيح قائلا: يا أخي من قال لك أننا ننكر حق الجميع في إبداء الرأي والمناقشة؟! إننا نؤمن بحرية الفكر والمناقشة ولا ندعي عصمة لرأينا ولا نفرضه علي الآخرين! فما بالك تتهمنا بما ليس فينا!!
ولهذا المحتج أقول ما قاله جون ستيوارت مل في نفس الكتاب إنه من الغريب أن يعترف الناس بسلامة الحجج التي تدعو الي حرية المناقشة, ولكنهم يعترضون علي التطرف فيها وهم لا يرون أنه اذا لم تكن هذه الحجج صالحة في الحالات المتطرفة فهي غير صالحة لأية حالة, وغريب أن يتصوروا أنهم لا يدعون العصمة عندما يعترفون بوجوب حرية المناقشة في جميع الموضوعات التي يمكن أن تكون محل شك ولكن يعتقدون أن مذهبا أو مبدأ معينا يجب تحريم مناقشته لأنه يقين أي أنهم متيقنون أنه يقين, إن القول بأن أية قضية يقين في حين أن هناك أي شخص ينكر يقينه إذا سمح له, ولكن لا يسمح له بذلك هو بمثابة الافتراض بأننا ومن يتفقون معنا وهم قضاة اليقين, قضاة لا يستمعون الي الجانب الآخر.
إن هذا بالضبط هو ما ينطبق علينا وعلي مجتمعنا الآن وخاصة بعد الثورة التي أتاحت لكل صاحب رأي أن يخرج علينا معلنا رأيه في صراحة ووضوح دون خشية أي عقاب أو مطاردة من أي سلطة, لكن ونحن في غمرة الفرح بتمتع الجميع بحرية الرأي والمناقشة أيا كانت انتماءاتهم ومعتقداتهم, جاء من يحاول أن يفرض سلطته وسطوته علي الآخرين بالصوت العالي مرة وبإدعاء أنه صاحب الثورة والوحيد الذي له حق ابداء الرأي وتوجيه دفة الأمور تارة أخري, أو بالتخويف والوعيد تارة ثالثة, أو بإدعاء أنه من يملك اليقين تارة رابعة!! وبرغم خطورة كل هذه الأصوات التي تدعي أنها صاحبة الحق في الرأي وفرض السلطة علي الآخرين إلا أن الفريق الرابع هو أخطرهم جميعا لأن اصحابه يسندون يقين رأيهم علي الشريعة الإسلامية سواء كانوا من السلفيين أو من الإخوان أو غير هؤلاء وأولئك من التيارات الدينية, وتناسوا أنهم هم أنفسهم قد اختلفوا في أرائهم وقناعاتهم وتفرقوا شيعا, أيها السادة لقد نجحتم في أن تفرضوا سلطتكم علي الآخرين وتوجهونهم وجهة خاطئة فيما يتعلق بقضية الانتخابات أولا وجاءت نتيجة الاستفتاء معبرة عن ذلك, وبذلك أصبحت العربة أمام الحصان! لقد تنادت بعض الأصوات العاقلة باحترام إرادة الشعب الذي وجهناه خطأ الي الاستفتاء علي ما كان لا يصح أن يستفتي فيه, ولتكن الانتخابات أولا, لكن علينا في ذات الوقت أن نضع كمجتمع مبادئ عامة نتوافق عليها للدستور الجديد الذي نزمع وضعه ليؤسس للجمهورية الثانية, حتي لا تفرض علينا مرة أخري إرادة فئة معينة تحت دعوي الأغلبية النيابية فتضع الدستور الجديد علي هواها ووفق تصوراتها, فإذا بكم يا أصحاب الصوت العالي ومدعي العصمة ترفضون المشاركة وتعلنون المقاطعة!!
فهل أنتم حقا معصومون؟ وهل أنتم حقا تستهدفون مصلحة المجتمع؟ وهل أنتم حقا جديرون بالثقة التي تتمنون نيلها من الناخبين المخدوعين في إدعائكم العصمة وامتلاك اليقين؟! أتمني عليكم إذا كنتم بالفعل أهلا للثقة ورجاحة العقل والرأي أن تراجعوا موقفكم, وأن تؤمنوا بأن العودة الي جادة الصواب فضيلة لا يفوقها فضيلة, فوضع الدستور أو علي الأقل مبادئه الحاكمة أولا هو الضمان الحقيقي لبناء نظامنا السياسي الجديد علي أسس سليمة تحقق العدالة والكرامة للجميع, والمساواة بين الجميع, وتؤمن الحريات الأساسية للجميع, إن وضع الدستور أولا يعني أننا بنينا قاعدة الانطلاق الصحيحة لطريق طويل يستهدف بناء الدولة العصرية التي نطمح إليها جميعا.
المزيد من مقالات د‏.‏ مصطفي النشار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.