فاجأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس خصومه قبل أصدقائه بشن هجوم غير متوقع وغير مبرر على حركة حماس خلال كلمته في القمة العربية الأخيرة في البحرين . وأربكت كلمة عباس حركة فتح وتسببت في فوضى داخل الحركة التي لدرجة أنه وحتى وقت كتابة هذا الموضوع لا تزال حركة فتح عاجزة لملمة أوراقها الذي بعثرته كلمة عباس، فقد وجدت حركة فتح نفسها في مرات نادرة أن رئيسها يتبنى نفس مفردات الخطاب الإسرائيلي في مواجهة الخطاب الفلسطيني. اتهم محمود عباس حركة حماس ب 'توفير ذرائع' لإسرائيل كي تهاجم قطاع غزة الذي يشهد حربا منذ سبعة أشهر. وقال عباس خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للقمة العربية الثالثة والثلاثين في المنامة، إن 'العملية العسكرية التي نفذتها حماس بقرار منفرد في ذلك اليوم، في السابع من أكتوبر، وفرت لإسرائيل المزيد من الذرائع والمبررات كي تهاجم قطاع غزة وتمعن فيه قتلاً وتدميراً وتهجيرا'! كلمة عباس نزلت بردا وسلاما على إسرائيل كلمة عباس التي نزلت بردا وسلاما على إسرائيل قابلتها حركة حماس برد فوري، وردت حماس التحية بأحسن منها فاتهمت عباس بأنه جلب الدمار والقتل للشعب الفلسطيني لمدة 30 عاما واتهمته تصريحا لا تلميحا بأنه دائما ما كان يوفر الغطاء السياسي لإسرائيل وهي تلتهم الأراضي الفلسطينية يوما بعد يوما وأنه لم يكن حريصا إلا على منصبه وثروته الشخصية فقط . ووصف القيادي في حماس بغزة إسماعيل رضوان خطاب عباس بأنه فئوي وحزبي، و'أوضح فيه عباس أنه زعيم لا يسعى لتحقيق اللحمة الوطنية'. وأشار إلى أن عباس بدا خلال خطابه 'كأنه يهرج ويتاجر بهذه القضية'. عباس يعتقل معارضيه في الضفة وإسرائيل تعتقل الفلسطينيين بدون محاكمة واستدل القيادي في حماس بمعلومات قدمتها دولة أوروبية لحماس عن تورط عباس في التأليب على حماس، مشيرا إلى أن دولا عربية أخبرت الحركة أن عباس دعاها إلى عدم دعم حماس، 'هم أردوا الاستئصال ورفض الآخر' وليس حماس. وأعرب رضوان عن أسفه لاعتبار عباس استصدار الهويات وفتح سينما في نابلس إنجازات للسلطة، معتبرا ذلك 'مهزلة وضياعا للقضية و استهتارا بثوابت الشعب الفلسطيني'. وألقت حماس بكرة اللهب في صدر حركة فتح وأعربت حماس عن أملها في أن يصدر عن مؤتمر فتح قرارات تحافظ على الوحدة الوطنية والثوابت وتعتمد الكفاح المسلح وخيار المقاومة، وليس الافتخار بملاحقة المقاومة و'المجاهدين'، وطالبت حماس عباس بأن يطلق سراح جميع المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية ليكون مدخلا لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وتساءلت الحركة ما هو الفرق بين عباس الذي يعتقل السياسيين في الضفة وبين إسرائيل التي تعتقل الفلسطينيين اعتقالا إداريا بدون محاكمة . عباس يدرك أن زمنه انتهى وأن عليه أن يستعد لمغادرة المشهد الفلسطيني تصريحات عباس المنفلتة خلال قمة البحرين جاءت لتثير غضب أنصار فتح قبل خصومها، وقال الكاتب الأردني محمد جميعان أن خطورة تصريحات عباس المنلفتة في قمة البحرين تكمن ان التصريحات جاءت في خطاب رسمي ومعتمد دوليا، وامام مؤتمر القمة العربي، وبحضور هيئات ومحافل دولية بمن فيهم الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة الذي كان حاضرا للقيمة ، وأشار جميعان إلى أنه !ربما كان الرئيس يهدف إلى الحصول على إدانة عربية رسمية لحماس باعتبارها المسؤولة عما جرى، واعتبر جميعان أن خطاب عباس كان بمثابة محاولة من جانبه للاجهاز على حماس وقطع الطريق عليها في أى تسوية سياسية مع أى طرف دولي حتي يظل عباس هو المرجع الدولي المعتمد للعنوان الفلسطيني، في إشارة إلى أن عباس يدرك الآن أكثر من أى وقت مضي أن زمنه قد انتهى وأن عليه أن يستعد لمغادرة المشهد الفلسطيني سواء انتهت الحرب بانتصار إسرائيل أو انتصار حماس . عباس رجل الاستخبارات الروسية داخل منظمة التحرير لكن مع ذلك فإن هناك من لم يحضر القمة العربية في البحرين ويهم عباس أن تصل له كلماته عبر الأثير، فعباس شعر بغصة في حلقه بعد أن استقبل الكرملين وفدا من حركة حماس، برئاسة عضو المكتب السياسي موسى أبو مرزوق ، وهى الزيارة التي أغضبت عباس قبل أن تغضب إسرائيل بالنظر للعلاقة الوثيقة التي ربطت عباس على الدوام بمخابرات الاتحاد السوفيتي السابق للدرجة التي وصف معها عباس بأنه رجل الاستخبارات الروسية داخل منظمة التحرير، وهو الاتهام الذي لم ينفيه زعيم المنظمة الراحل ياسر عرفات، الذي كان يقول لمن حوله إنه يستخدم عباس كقناة اتصال خلفية مع السوفيت، فعباس أراد أن يرسل لموسكو رسالة من المنامة بأن الكرملين قد جاوزه التوفيق عندما استقبل وفد حماس مضحيا برجلهم القديم في الشرق الأوسط .
