للفنان : سعيد بدوي زائري الخفي.. سأقصها عليكم و ارموها في غيابة الجُب كما يوسف. في يومٍ يشبه كل أيامي، لم ينذر صباحه بأي شيء مثير للجدل .. ذهبت إلي فراشي مبكراً وهذا ليس من عاداتي ولكن كان ما كان. غططت في نوم عميق، و تراءي لي أني أسبح في السماء، لا شيء يجذبني أرضاً ولا يوجد ما يعلو بي إلي فوق. جاءني ذلك الزائر ليقلق راحتي أو يغرقني في داخل عقلي الذي لا أدرك دركه.. قليل الحياء هو، يدخل بلا استئذان ، بلا موعد مسبق وبلا نذير. يربكني، يفقدني قدرتي علي التركيز، أهابه جدا كما لو كان سيدي وأنا جاريته .. في محاولة مني لأدافع عن نفسي هذه المرة انقض فوقي ليمسك بعنقي و يكبل قدمي ويديَّ. لم أره في حياتي قط لكني أعلمه، أعلمه جيدا.. أشعر بقدومه حين يأتي و رحيله حين يذهب، حاولتُ الإفلات مراراً من قبضته لكن عجزت كالعادة. لم أكن أعلم في أي وسطٍ أنا.. أأنا في الحلم ؟ أستيقظ ؟ أم أنها الحقيقة ؟ وسأموت ؟ باتت أنفاسي تتواري وتتباطأ. أحاول تحريك عينيّ، جفنيّ، لساني، لكن دون جدوي. أنا ميتة لا محالة هذه المرة. جاء لينتقم مني، نعم هي نهايتي، لم يحبني قط. دائما ما كان يأتي ليذيقني مرارة البرزخ. لا أنا أحيا مع الأحياء ولا أنا عديمة الروح كما الأموات. المنتصف، دائما مرهق، لا تستطيع المواصلة ولا حتي الرجوع. فقط هنا لا السحاب ولا التراب .. في لحظة ما ، أيقنت أنه الموت،ليست كالليالي السابقة، ليست مجرد إنذار ، إنما ساعة الصفر، في تلك اللحظة التي فقدت عندها إحساسي بالحياة، ذهب! رحل! اختفي! كأنه لم يكن! تلاشي كالغبار، تسلل الهواء إلي صدري مجدداً، كنسائم الثلج. عدت للحياة، أكملت الطريق أو عدت إلي البداية لأسلك نفس الدرب، وعند النقطة الملعونة يأتيني زائري من جديد، ليتأكد من نبضات أنفاسي و يلهبني مرارة الوقوف بلا حول ولا حيلة! عزيزي الذي لا أراه، لقد أعددت مني روحا هامدة لا تهابك بعد الآن، أرجو منك فقط ان تُنوع في أساليب تعذيبك لروحي.. فقد مللت الاختناق!! سلمي الحسيني القاهرة