علي حافة الليل الكلابُ ترتبُ ليل المدينةْ.. تمر علي الطرقات خفافا، تصافحُ ظل البيوتِ وتنسلُ من هدأة الصمت حتي تُري بالنباح.. ونحن البسيطين في الليل، نحن الوحيدين أرهقنا السيرُ وانحل خطو المسافات ما بيننا والنهار.. -النهارُ الذي أنهكته طويلا خطي العابرين- نهادنُ ما يتدني من الضوء في الأعمده وننقل خطواتنا المجهده ونحمل هجس الرعاة البعيدْ.. الكلابُ ترتبُ ليل المدينةْ.. تجوسُ بأرجائها الخاويات، وتلحظُ فيها الذي لا نري: لوعةً في الصدي، حفيفَ الشجيرات، رائحةَ الموت، خوفَ الظلام، خلو كراسي الحديقةِ من قبلات الغريبين توق نوافذنا للطيور.. الكلاب ترتب ليل المدينة وتحرس أحلام من في القبور، وخلف جدارٍ يكاد ... تنام.. ونحن البعيدين في الليل جدا نفتش عن كهفنا بعدما تركنا المصابيح في البيتِ، تؤنس أشباهنا في المرايا، وسرنا عرايا من اليوم، والغد، والذكريات، أضعنا مفاتيح كل الجهات.. أضعنا المواسم والبوصلة، وسرنا بلا وجهة كي نصلْ ونبسط أحلامنا بالوصيدْ.. والكلابُ ترتبُ ليل المدينة.. ما لم يقله قسطانطين كفافي الذين تخلي عنهم إله الحرب أحرقوا ثيابهم، وخبأوا الدروع تحت أشجار الحور العالية، تنكروا في ثياب صيادين، سكروا وضاجعوا الغريبات. لكنهم لم يستطيعوا عبور الطريق الواصلة إلي البحر، الطريق التي ستلحقهم بأنطونيو -طريد الفردوس- لأنهم لم يكونوا قد تخلصوا بعد من فائض الهزيمة ورائحة الإسكندرية ..