أراد الحق سبحانه أن يلفتنا لمبدأ هام، وهو أن يعلمنا كيف نستفيد من الآيات الكونية مثل القمر، لا يكفي ظهوره واختفاؤه، وتغير حجمه لأن هذه لن يتسع لها العقل، بل نستفيد منه كميقات، ونستخدمه لقياس الزمن، فإذا كنا ونحن نعيش في القرن العشرين، لم يعرف العلماء سببا لظواهر القمر، فكيف كان حال الذين سألوا عنها منذ أربعة عشر قرنا؟ الأهلة جمع هلال، وسمي هلالاً لأن الإنسان ساعة يراه يهل، أي يرفع صوته بالتهليل، ويجيب الحق سبحانه وتعالي الجواب الذي يحمل كل التفاصيل عن القمر، وهو الكوكب الذي خضع لنشاطات العقل حتي يكتشفه، والعرب القدامي لم يكونوا يعلمون شيئاً عن ذلك القمر، ولكنهم كانوا يؤرخون به، وعلمهم به لم يزد علي حدود انتفاعهم به. ولم يصلوا إلي الترف العقلي الذي يتأملون به آيات الله في الكون، فكل آيات الكون يُنتفع بها ثم ينشط العقل بعد ذلك، فنعرف السبب، وقد لا ينشط العقل فتظل الفائدة هي الفائدة. وأراد الحق سبحانه أن يلفتنا لمبدأ هام، وهو أن يعلمنا كيف نستفيد من الآيات الكونية مثل القمر، لا يكفي ظهوره واختفاؤه، وتغير حجمه، لأن هذه لن يتسع لها العقل، بل نستفيد منه كميقات، ونستخدمه لقياس الزمن. فإذا كنا ونحن نعيش في القرن العشرين، لم يعرف العلماء سبباً لظواهر القمر، فكيف كان حال الذين سألوا عنها منذ أربعة عشر قرناً؟ قال العلماء المعاصرون في تفسيراتهم مثلاً: إن الشمس مثل حجم الأرض مليونا وربع مليون مرة، والقمر أصغر من الأرض، وعندما تأتي الأرض بين الشمس والقمر برغم حجم الشمس الهائل فإن الأرض تحجب جزءاً من القمر، هذا الجزء المحجوب بقدر تدوير القوس المحجوب من الأرض ويصبح هذا الجزء من القمر مظلماً. إن القمر وجوده ثابت لكن الأرض عندما توجد بينه وبين الشمس فهي التي تحجب عنه ضوء الشمس، ويكبر حجم نوره كلما تزحزحت الأرض بعيداً عنه. وعندما تنزاح الأرض بعيداً عنه كلية يظهر في السماء بدراً كاملاً، ثم تعود الأرض بعد ذلك لتحجب عنه جزءاً من الشمس، ويزداد ذلك يوماً بعد يوم، فينقص ضوء الشمس المنعكس عليه تبعاً لذلك، فيقل تدريجياً حتي تأتي الأرض بينه وبين الشمس فلا يظهر منه شيء. ونقول نحن: إننا عندما لا نري القمر لا في الليل ولا في النهار برغم أنه موجود في مكانه، نقول: إنه مستور في ظل الأرض، لذلك لا نراه. وهذه الظاهرة لا تحدث للشمس لأن جرم الشمس كبير جداً. وعندما يحدث فإن الأثر يكون قليلا، ويسمي بالكسوف. وعندما التفت العرب للكون قالوا: ما بال الهلال يصبح هكذا ثم يكبر حتي يصير بدراً، فقال الحق عز وجل: »قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ والحج» إنهم هم يسألون عن الأهلة ودورتها، فقطع الله عليهم خيط تفكيرهم وأعطاهم الخلاصة والنتيجة، فقال: »قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ والحج». إن هذا الأمر هو الذي يستطيع العقل في ذلك الزمان أن يعرفه، أما ما وراء ذلك فانتظروا حتي يكشف الزمن عنه، وجهلكم به لا يقلل من نفعكم. لقد كانت كل إجابة لأي سؤال في ذلك الزمان تحتوي علي ما يتسع العقل لإدراكه ساعة التشريع، أما بقية الإجابة فالحق يتركها للزمن. ولا يعطينا إلا ما يفيد التشريع، مثال ذلك: كانوا قديما يقولون: الأرض كرة وأثبت لنا العلم أنها كذلك، ورأيناها بالأقمار الصناعية وانتهت القضية. وعندما سأل العرب عن الأهلة أخبرنا الحق بأنها مواقيت، والمواقيت جمع ميقات، والميقات من الوقت، والوقت هو الزمن ونعرف أن كل حدث من الأحداث يحتاج إلي زمن وإلي مكان، إذن فالزمان والمكان مرتبطان بالحدث، فلا يوجد زمان ولا مكان إلا إذا وجد حدث.