Artist :Andre Francois استقبل الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسي الخميس قبل الماضي كلاً من محمد سلماوي أمين عام اتحاد الكتاب العرب وإبراهيم المعلم نائب رئيس الاتحاد الدولي للناشرين، وأشرف زكي نقيب الممثلين لينتهي الاجتماع بإعلان الخبر الذي تصدر عناوين الصفحات الثقافية علي مدار الأسبوع الماضي بدأ خطوات الإعداد لأول قمة عربية ثقافية، وهي المبادرة التي تثير عدداً من الأسئلة حول جدوي مثل هذه النوع من القمم، وهل يمكن أن تخدم مثل هذه القمم ذات الصبغة السياسية الواقع الثقافي العربي وألا تكتفي بكونها مثل بقية القمم فرصة لاجتماعات مطولة لا تنتهي بأكثر من صورة تذكارية تجمع القادة مع بعضهم البعض. بداية الفكرة كانت أثناء انعقاد مؤتمر اتحاد الكتاب العرب في ليبيا حيث عرض اتحاد الكتاب العرب فكرة انعقاد قمة ثقافية، وأعلن الرئيس الليبي معمر القذافي استعداده لتبني الفكرة التي رحب بها أيضاً الأمين العام لجامعة الدول العربية. ويوضح محمد سلماوي "لأخبار الأدب" أن الهدف الأساسي للدعوة لعقد القمة الثقافية هو بحث الحالة المتردية التي وصلت إليها الثقافة العربية في ظل مناخ العولمة الذي نعيشه، فكل دول العالم تستشعر الخطر علي ثقافتها المحلية من انتشار الكثير من العادات والأفكار التي تمحو خصوصيتها الثقافية ويجب أن يكون للدول العربية وقفة للدفاع عن خصوصيتها الثقافية ولتدعيم عناصر الثقافة العربية في مواجهة الطوفان الإعلامي والثقافي القادم من الخارج. ومثلما يقع جزء من عبء هذه المشكلة علي المثقف الفرد هناك جزء أخر يعتبره سلماوي مسئولية الدولة ضارباً المثل بالمستوي الذي وصلت إليه اللغة العربية اليوم حيث اختفت من اللوحات الإعلانية بل وصل الأمر إلي تدريسها كمادة ثانوية في بعض المدارس، ومشكلة مثل هذه لا يمكن حلها إلا بتدخل الدول لإصدار قرارات تعطي الأولوية للغة العربية وتشدد علي حمايتها فالثقافة في رأي سلماوي لا تصنع بالمبدع الفرد فقط بل تحتاج أحياناً لتدخل الدولة. يرفض سلماوي وجهة النظر القائلة بتنحية السياسي بعيداً عن ما هو ثقافي "الثقافة علي امتداد التاريخ لا تنتعش إلا بوجود راعي، في العصور الوسطي كانت الكنيسة هي راعية الثقافة، وبعدها كانت العائلات البرجوازية، وفي العصر الحديث تضطلع الحكومات في الدول الاشتراكية بمسئولية حماية ورفع المستوي الثقافي، وفي النظم الرأسمالية تجبر الدول رجال الأعمال علي دعم الأنشطة الثقافية حيث كل تبرع لدعم الثقافة يتم خصمه من الوعاء الضريبي، فبدون وجود راعي للثقافة تتراجع وتضمحل" وحول خطوات التجهيز لتلك القمة المزمع عقدها مطلع العام القادم أوضح سلماوي أنه يجري حالياً الإعداد لمائدة مستديرة تقام في يونيو القادم ويشارك فيها عدد كبير من المثقفين والكتاب والعرب ورؤساء اتحادات الكتاب العربية لوضع ورقة تضم التصورات الأولي والأساسية حول الموضوعات التي ستتم مناقشتها في القمة، كما أشار سلماوي إلي أنه سيتم التطرق إلي بعض القضايا التفصيلية كحرية تنقل الكتاب العربي داخل البلدان العربية وأوضاع الملكية الفكرية في التشريعات العربية.
لكن علي العكس من نبرة التفاؤل التي تطغي علي حديث سلماوي يبدو الروائي يوسف القعيد أقل تفاؤلاً بجدوي مثل هذه المؤتمرات أو القمم معبراً عن دهشته من الخبر "هل الثقافة تعني الرؤساء العرب حقاً؟". يري القعيد أن القادة العرب في كل قممهم السابقة تجاهلوا تماماً موضوع الثقافة، وحتي الأمين العام نفسه لم يفكر في دعم الثقافة العربية سوي مرة واحدة حينما كان يتم الترتيب للمشاركة العربية في معرض فرانكفورت للكتاب. وأضاف القعيد في الوقت الذي يوجد هناك قمم سياسية وقمم اقتصادية واجتماعات لوزراء الداخلية العرب، لم نسمع أبداً عن اجتماعات مماثلة لوزراء الثقافة العرب،وحتي لو كانت موجودة، فواضح أنها روتينية والدور الثقافي لمؤسسة بحجم جامعة الدول العربية شبه غائب تماماً "زمان كان هناك إدارة للشئون الثقافية في الجامعة يرأسها د.طه حسين، قامت بعشرات المشروعات الثقافية الهامة وترجمة الأعمال الكاملة لشكسبير وكلاسيكيات الأدب والثقافة الإنسانية، أين ذهبت هذه الإدارة الآن، أخشي أن مثل هذه القمم لن تكون سوي وردة حمراء يضعها القادة العرب في عروة الجاكيت". كما شكك القعيد في حضور القادة العرب هذه القمة إذا تم الإعلان عنها فعلاً، فإذا كانت القمم السياسية الهامة يغيب عنها كل هذا العدد مثلما شاهدنا في قمة سرت الليبية الأخيرة فهل سيحضرون في قمة ثقافية. وفي حال انعقاد القمة اعتبر القعيد أن أهم قضية يمكن أن يحاول القادة العرب حلها هي حرية تنقل الكتاب العربي بين البلدان العربية التي تصادر الكتب في مطاراتها وتتعامل معها كأنه قطعة مخدرات. أما د.مدحت الجيار فعلي العكس وصف مؤتمر القمة الثقافية بأنه مبادرة طيبة وخطوة سوف تعود بالنفع الكبير علي الثقافة العربية ففي رأيه هذه أول مرة يصبح هناك دور سياسي للمؤتمرات الثقافية، فالمثقف ليس مجرد حزمة من المعلومات والأفكار بل له دور في تسييس الثقافة لتقوم بدورها في توجيه الحراك السياسي والثقافي للمجتمع، وهذا المؤتمر إذا تم الإعداد له بشكل جيد سوف يكون بداية للعمل الثقافي الجاد. وأضاف الجيار أن هناك الكثير من المشكلات التي تعاني منها الثقافة العربية لا يمكن حلها إلا بقرارات سياسية مثل أوضاع حرية الرأي والتعبير في البلدان العربية، فإذا أصدر مثل هذه المؤتمر قراراً بإجماع القادة العرب يقضي بصيانة حرية الرأي والتعبير وحماية الكتاب من المصادرة سيؤثر هذا القرار بالتأكيد علي أوضاع حرية الرأي والتعبير في الدول العربية، وسوف يتحول إلي قرارٍ ملزماً لكافة الحكومات العربية، كما يمكن من خلال هذا المؤتمر ترسيخ قيم مثل حماية حقوق الملكية الفكرية والقضاء علي ظاهرة قرصنة الكتاب التي تهدد صناعة النشر في معظم البلدان العربية، وهي كل مشكلات تحتاج إلي قرار عربي موحد لا قانون محلي. لكن الروائي جمال زكي مقار يشكك في أن تساهم هذه القمة أو غيرها في رفع سقف حرية الرأي والتعبير في البلدان العربية، فثقافة حرية الرأي واستخدام القلم في الرد علي الفكر المختلف لا مصادرته هو نسق وأسلوب ثقافة مجتمع لا يمكن فرضه من أعلي بقدر ما يجب أن يكون نابعاً من داخل المجتمع نفسه. كما يشكك مقار في أن تساهم مثل هذه القمة في حل أي مشكلة من مشاكل الثقافة العربية "في الغالب تقام مثل هذه المؤتمرات بمصاحبة مهرجانات ضخمة، وفي النهاية ينفض المؤتمر/ المهرجان ويعود المشاركون إلي منازلهم دون أن يتغير أي شيء" فمشكلات الثقافة العربية في رأي مقار مشكلات مزمنة لا يمكن حلها بمؤتمرات أو قمم طارئة بل تحتاج إلي لجنة أو مجلس وظيفته بحث قضايا المجتمع والثقافة بشكل حقيقي والبحث عن وسائل وأطر لحلها.
السياسي لا يحب المثقف، والمثقف لا يحب السياسي، والثقافة نهضتها تبدأ من أهل الثقافة أنفسهم" بهذه الجملة بدأت د.عفاف عبد المعطي حديثها، الذي أكدت فيها أن كل القمم العربية السياسية يمكن وصفها بالفشل حتي آخر قمة نصف القادة العرب لم يذهبوا، فلماذا السعي إلي عقد مثل هذه القمة. وأضافت عبد المعطي الثقافة العربية لا تنتظر شيئاً من الحكام العرب، لكنها تنتظر الكثير من المثقفين. ووجهت د.عفاف حديثها إلي الأمين العام لاتحاد الكتاب العرب قائلة "بلا شك بذل محمد سلماوي جهداً رائع في اتحاد الكتاب وحسن كثيراً من وضع الاتحاد بالرغم من أن هناك بعض المشكلات التي لم تحل بعض، لكن مثلاً سبق للاتحاد أن أقام إحدي مؤتمراته في مبني جامعة الدول العربية وتحت رعاية أمينها عمرو موسي، ورغم ذلك لم يستفد الكتاب أو الاتحاد من مثل هذا الأمر بأي شيء، بالتالي ما الداعي لتكرار التجربة" واختتمت د.عفاف حديثها المشاكل الثقافية لا تحتاج إلي قمة أو قرارات فوقية ومعظمها يمكن أن يقوم بحلها المسئول الثقافي لا رئيس الجمهورية.